د.مجدى أبو الخير يكتب:بالعِلمِ وحده تصنع القوة

محمد دياب

بعيداً عن كل ما يجري من ضرب أمريكا لمفاعلات إيران النووية، فوردو وناطنز وأصفهان، إلا أنك تدرك وأنت تتابع فقط بعض المعلومات حول تلك الطائرات الأميركية ( قاذفاتB2)، والتي نفذت تلك الضربات، تكلفتها الرهيبة التي تتجاوز مليار دولار، طيرانها لمسافة 20 ألف كيلو متر متواصلة دون حاجة للتزود بالوقود، سرعتها التي تصل لألف كيلو متر في الساعة، تحليقها لخمسين ألف قدمٍ، قدرتها على التخفي، إذ لا يمكن رصدها تمامًا من قِبل الردارات، قدرتها على حمل كافة أنواع القنابل، نووية وغيرها. فضلًا عن معلومات تلك القنابل الخارقة للتحصينات. إلى غير ذلك كله من معلومات فنية، وبحساباتٍ علمية لا مجال فيها مطلقًا لخطأ واحد يذكر. كل ذلك ، وأكثر مما بات معلومًا للجميع، لم تبلغه أمريكا إلا بالعِلم وحده، دون سواه.

عندما تُنصت لتفاصيل العملية التي قامت بها إسرائيل داخل إيران منذ أسبوع، بخطواتها الدقيقة المذهلة، وتعقيداتها العلمية والمخابراتية المدهشة، والتي تتضح معالمها تباعًا سراعًا كل يوم، تدرك أن إسرائيل لم تبلغ ما بلغته هذا إلا بالعِلم وحده، دون سواه. وعندما ترقب تلك المرارة والحسرة التي كان عليها نتنياهو عقب تدمير (مركز وايزمان) للأبحاث العلمية، واحد من أشهر عشرة مراكز بحثية في العالم، تدرك يقينًا وقتها إلى أي حدّ تقدير إسرائيل للعِلم، والبحث العلمي، وإيمانها اليقيني أنها لم تبلغ ما بلغته نهضةً وتقدمًا إلا بالعِلمِ وحده، دون سواه.

عندما يكون مثار فخرنا وعزّنا حتى تاريخه على الدنيا بأسرها بالأهرامات، مثالًا، وعجز العلم بأحدث ما وصل إليه الآن بلوغ أسرارها بناءً وهندسةً، وكُنه قلبها وعمقها وغير ذلك، تدرك أننا لم نبلغ ذلك وقتها إلا بالعلم وحده، دون سواه. تدرك في حسرةٍ ومرارة أن العلم كان بخير وفي خير وقتها، وأننا بما نراه الآن من تفلّت أخلاقي وقيمي بين أبنائنا اليوم، وعجز كثير من خريجي الجامعات عن كتابة جملة صحيحة إملائيّا، وقراءة أخرى بصورة جهرية، أو حتى سرّية، وتراجع تصنيفنا العالمي، أننا وتعليمنا لسنا بخير. صفحاتٌ وكتبٌ وأبحاثٌ وكتاباتٌ ومقالات وأفكارٌ ورؤى ومناشدات ونداءات تقطع أنه لا خلاص لنا إلا بالعِلم، دون لفّ أو دوران. كلها تقطع بأن الطرق كلها تؤدي إلى العِلم والأخلاق، لا ثالث لهما. بالعِلم وحده تكون الحضارات، وتنهض الأمم، وتُصنع القوة. بالعِلم تكون الهيبة.

عذرًا أمير الشعر؛ فبالعِلم والأخلاقِ يبني الناسُ مُلكهم … لم يُبنَ مجدٌ على جهلٍ وانحلال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى