الدكـــروري يكتب: كما بدأنا أول خلق نعيده

إن الحمد لله شارح صدور المؤمنين، فانقادوا إلى طاعته وحسن عبادته، والحمد له أن حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، يا ربنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، ونشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصلى اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين أجمعين، أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن يوم القيامة، وأول من يبعث وتنشق عنه الأرض هو سيد الأنبياء وخاتم المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع ” رواه مسلم، ويحشر الناس حفاة عراة غرلا غير مختونين، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إنكم محشورون حفاة عراة غرلاً ثم قرأ ” كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين”
وعندما سمعت السيدة عائشة رضي الله عنها ذلك قالت يا رسول الله، الرجال والنساء جميعا، ينظر بعضهم إلى بعض ؟ قال ” يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض ” متفق عليه، وتحشر البهائم إلى ربها حيث قال تعالى ” وإذا الوحوش حشرت ” وقال تعالى ” وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون ” وقال ابن عباس رضي الله عنهما ” البهائم تحشر وتبعث ” فإذا حشرت البهائم حكم الله تعالى بينها بحكمه العدل القسط، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” لتؤدّن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء ” رواه مسلم، فيبلغ من عدل الله أن يأخذ للجماء من القرناء ثم يقول كوني ترابا فذلك قول الكافر “يا ليتني كنت ترابا”
أما الأرض التي يحشر العباد عليها في يوم القيامة فإنها أرض أخرى غير هذه الأرض ، حيث قال تعالى ” يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار ” فقيل إنه تتبدل صفاتها، فتسوّى المرتفعات، وتنسف الجبال، وتُمد الأرض، وقيل تتبدل عينها فتُزال بالكلية، وهو الراجح الظاهر من الأدلة، فالأرض تبدّل وتزال، ويخلق الله أرضا أخرى عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ” وقال سهل أو غيره ليس فيها معلم لأحد ” رواه البخاري ومسلم، قال الخطابي العفر بياض ليس بناصع، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال تبدل الأرض أرضا كأنها الفضة لم يسفك عليها دم حرام، ولم يعمل عليها خطيئة”
أما عن وقت التبديل فإنه وقت مرور الناس على الصراط أو قبل ذلك بقليل، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله عز وجل ” يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ” فأين يكون الناس يا رسول الله ؟ فقال ” على الصراط ” رواه مسلم، وسأل حبر من أحبار اليهود رسول صلى الله عليه وسلم فقال أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ؟ فقال ” هم في الظلمة دون الجسر ” رواه مسلم، وبعد الحشر يُكسى العباد، فالصالحون يكسون الثياب الكريمة، والطالحون يسربلون بسرابيل القطران ودروع الجرب، والملابس المنكرة الفظيعة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم الخليل ” رواه البخاري.