نقيض له شيطانا فهو له قرين .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى صحابته الغر الميامين، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، ثم أما بعد، اعلموا أن هذه الدنيا دار إبتلاء وإمتحان، يبتلى فيها المؤمن بالسراء والضراء والشدة والرخاء، والصحة والمرض، والغنى والفقر، والشهوات والشبهات، حيث قال تعالى كما جاء في سورة الأنبياء ” كل نفس ذائقة الموت ونبلونكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون ” أي نختبركم بالمصائب تارة وبالنعم تارة أخرى، فننظر من يشكر ومن يكفر ومن يقنط ومن يصبر، ومن هذه الإبتلاءات التي يصاب بها الناس السحر والعين والمس وهي ثابتة بالشرع والحس، وقد كثر المتشكون منها في هذه الأزمان، وهذه الأمراض لها أسباب منها هو إبتلاء من الله تعالي وهذا قد يحصل لبعض الصالحين والصالحات
وقد وقع ذلك للنبي المصطفي صلى الله عليه وسلم وهو سيد البشر، كما روى البخاري ومسلم من حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت سحر النبي صلى الله عليه وسلم يهودي من يهود بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، حتى جاءه الملكان وأخبراه بموضع السحر، فأمر به فدفن، والسحر الذي أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مرضا من الأمراض عارضا شفاه الله تعالي منه، ولا نقص في ذلك ولا عيب بوجه ما، فإن المرض يجوز على الأنبياء، وكذلك الإغماء فقد أغمي عليه صلى الله عليه وسلم في مرضه، ووقع حين إنفكت قدمه، وجحش شقه، وهذا من البلاء الذي يزيده الله تعالي به رفعة في درجاته ونيل كرامته، وأشد الناس بلاء هم الأنبياء.
فإبتلوا من أممهم بما إبتلوا به من القتل والضرب والشتم والحبس، فليس ببدع أن يبتلى النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم من بعض أعدائه بنوع من السحر كما إبتلي بالذي رماه فشجه، وإبتلي بالذي ألقى على ظهره السلا وهو ساجد، وغير ذلك فلا نقص عليهم ولا عار في ذلك، بل هذا من كمالهم وعلو درجاتهم عند الله عز وجل، وإن من الأمراض الذي يصاب بها العبد هو إقتراف المعاصي والذنوب، حيث قال الله تعالى ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ” وكما قال تعالى في سورة النساء ” ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ” وقال بعض السلف إني لأعصي الله فأرى ذلك في نفسي ودابتي، وكما أن من الأمراض الذي يصاب بها العبد هو الغفلة عن ذكر الله تعالي، وقال الله تعالى كما جاء في سورة الزخرف.
” ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ” وروى الإمام مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عز وجل، عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال أدركتم المبيت والعشاء” وإن من الأمراض الذي يصاب بها العبد هو الحسد، حيث قال تعالى في سورة النساء ” أم يحسدون الناس علي ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ” وروى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا”