وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها .. بقلم الكاتب / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم والقلب الرحيم ورحمة الله للخلق أجمعين اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن يوم القيامة وعن أهوال هذا الموقف العظيم، ويقول الربيع بن خيثم إن أهل الدين في الآخرة أشد تقاضيا له منكم في الدنيا” وقال ابن مسعود عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ” يؤخذ بيد العبد أو الأمة فينصب على رؤوس الأولين والآخرين، ثم ينادي منادي هذا فلان إبن فلان فمن كان له حق فليأت إلى حقه، فتفرح المرأة بأن يكون لها الحق على إبنها أو أختها أو أبيها أو على زوجها. 

ما من أمير عشيرة إلا يؤتى يوم القيامة يداه إلى عنقه أطلقه الحق أو أوبقه” وعيد لمن ضيع من إسترعاه أوخانه أوظلمه بالمطالبة بمظالم العباد فيا أيها الأخوة الكرام “حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا” وإنما حسابه لنفسه أن يتوب عن كل معصية قبل الموت ويتدارك ما فرط من تقصير في فرائض الله تعالي، ثم يرد المظالم إلى أهلها حبة حبة، ويستحل كل من تعرض له بلسانه ويده حتى يموت ولم يبقي عليه فريضة ولا مظلمة، فهذا حري أن يدخل الجنة بغير حساب، وإذا إنقضى الحساب تبين له وما عليه من السيئات والحسنات حيث أخذوا حقهم من حسناته وأخذ من حسناتهم وإستبعد أي عمل لم يتوفربه شرطا القبول، ويكون الميزان بعد الحساب لتوزن سيئاته وحسناته التي صفت له أيهما يرجح ومن ثم يحدد المصير بعد الميزان إما إلى جنة أو نار.

وعن إبن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ” من كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار، ومن إستوت له كان من أصحاب الأعراف، فالميزان دقيق يخف أو يثقل بمثقال حبة، حيث يقول تعالي ” ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين” ويقول رسول الله صلي الله عليه وسلم “إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة واقرؤوا إن شئتم ” فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ” رواه البخاري، وما هو موجود في حديث البطاقة حيث رسول الله صلي الله عليه وسلم ” فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله شيء 

ومن فوائده كيفية الميزان ووزن الأعمال، وأما الكفار، فلا يحاسبون محاسبة من توزن حسناته وسيئاته، ولكن تعد أعمالهم وتحصى، فيوقفون عليها ويقررون بها ويجزون بها، فالهدف من حساب الكفار عرض أعمالهم عليهم وتوبيخهم عليها فكان الحساب لبيان مراتب العذاب لا لأجل دخولهم الجنة، فبعض الكفار أشد عذابا من بعض لكثرة سيئاته وقلة حسناته قال ابن تيمية، ومن كان له حسنات خفف عنه العذاب كما أن أبا طالب أخف عذابا من أبي لهب، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” ما شيء يوضع في الميزان أثقل من خلق حسن ” وصاحبه أحب الناس إلى الله وأقربهم من النبيين مجلسا” بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، فاللهم يسر حسابنا ويمن كتابنا وثقل ميزاننا بالأعمال الصالحة والحسنات الراجحة وثبت على الصراط أقدامنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى