مشروعات الإنتاج الحيواني والزراعي عند أحمد السمالوسي.. تجربة عملية لبناء مزرعة متكاملة بأقل الإمكانيات

في قرية مصرية بسيطة، نشأت واحدة من أكثر التجارب الزراعية إلهامًا في مصر والعالم العربي، بطلها شاب لا يمتلك شركة أو تمويلًا ضخمًا، بل يمتلك شغفًا صادقًا وفكرًا عمليًا إنه أحمد السمالوسي.

 

وتحوّل حلم صغير بدأ على سطح منزل إلى مزرعة إنتاجية حقيقية تضم نباتات وطيورًا وحيوانات متنوعة، وتُدار بأسلوب ذكي يجمع بين الخبرة التقليدية والتقنيات البسيطة. تجربة السمالوسي تُعد نموذجًا واقعيًا لكل شاب يحلم بامتلاك مشروع زراعي أو حيواني بدون تكلفة ضخمة.

 

وما يميز مشروع السمالوسي أنه لم يقتصر على نشاط واحد، بل حرص على أن تكون مزرعته متكاملة، تضم الإنتاج الحيواني دواجن بلدي – بط – أوز – حمام – نعام، أرانب للتسمين والإنتاج، ماعز وأغنام، أبقار وجاموس (تسمين وحليب)، وكل نوع يتم تربيته داخل حظائر منفصلة، مع تطبيق قواعد النظافة، وتوفير أعلاف مناسبة، ومتابعة دورية صحية دون اللجوء للمضادات الحيوية التجارية.

 

كذلك الزراعة كزراعة أعلاف طبيعية مثل الذرة والشعير والبرسيم، وزراعة خضروات موسمية مثل الكوسة والطماطم والخيار والباذنجان، واستخدام مخلفات الحيوانات كأسمدة عضوية طبيعية، وهذه الدورة البيئية المتكاملة توفر على المشروع التكاليف، وتضمن إنتاجًا عالي الجودة دون ملوثات أو إضافات صناعية.

 

وبدأ أحمد السمالوسي بزرع بعض المحاصيل في مصفاة بلاستيكية، ثم تطور الأمر شيئًا فشيئًا فالمرحلة الأولى الزراعة المنزلية على الأسطح، والمرحلة الثانية: تربية بعض الطيور في مكان بسيط، والمرحلة الثالثة: استئجار أرض وبناء حضائر، والمرحلة الرابعة: إطلاق مزرعة كاملة تجمع بين النبات والحيوان، والمرحلة الخامسة (الحالية) توسيع المشروع وتقديم محتوى تعليمي من داخل المزرعة

 

ونجاح كل مرحلة شجعه على التوسع في المرحلة التالية، وكانت المتابعة الجماهيرية عبر تيك توك ويوتيوب داعمًا قويًا له.

 

ويدير أحمد المزرعة بنفسه بشكل يومي، ويعتمد على توزيع الوقت بين الرعاية والتغذية والتنظيف والتصوير، وإعادة تدوير الموارد، فمخلفات الحيوانات تُستخدم كسماد، وبقايا الزراعة تُستخدم كعلف، وتقليل التكاليف باستخدام أدوات محلية الصنع، وتسويق المحتوى والإنتاج معًا، فالفيديوهات تنشر المعرفة وتروج للإنتاج في نفس الوقت، وهذا النمط جعله يحقق دخلًا مستقرًا، ويقدم محتوى تعليميًا مجانيًا في نفس الوقت.

 

ونقطة قوة مشروع السمالوسي أنه لا يبيع “وهم النجاح”، بل يعرض الحقيقة بكل تفاصيلها، ويُظهر النجاحات والإخفاقات، ويتحدث عن التكاليف والعائد بصراحة، مما جعله قريبًا من الناس ومصدرًا موثوقًا للمعلومة.

 

ويرد على أسئلة المتابعين حول كيفية تحصين الدواجن بدون أدوية ضارة، وجدول تسمين العجول وتغذيتها، وأفضل أنواع الأعلاف، والزراعة بدون كيماويات، وكيفية التعامل مع الأمراض الشائعة في المزارع، وهذا التفاعل اليومي حول مشروعه جعله “مُعلِّمًا ميدانيًا” في عيون متابعيه.

 

ومئات الرسائل التي تصله يوميًا تؤكد أن المشروع أصبح مصدر إلهام مباشر لكثير من الشباب الذي يبحث عن مشروع صغير، والأسر التي تريد أكلًا نظيفًا وآمنًا، والمزارعين الجدد الذين يبحثون عن خطوات عملية، والطلاب الذين يدرسون الزراعة ولا يجدون تطبيقًا حقيقيًا، وحتى صغار المستثمرين بدأوا يتواصلون معه للاستفادة من خبرته.

 

ما قدمه أحمد السمالوسي في مشروعه يؤكد أن المزرعة المتكاملة ليست حلمًا بعيد المنال، بل مشروع ممكن إذا توفرت المساحة المناسبة (حتى لو كانت صغيرة)، والفكرة الواضحة، وإدارة جيدة، وفهم للأساسيات، والرغبة في التعلّم المستمر، وهو ما يعكسه تمامًا في مشروعه، الذي أصبح نموذجًا يحتذى به لمن يريد بناء مشروع حقيقي، سواء في الريف أو حتى على أطراف المدن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى