أحمد السمالوسي.. من سطح المنزل لمزرعة متكاملة: قصة نجاح ملهمة في الزراعة الحديثة

استطاع الشاب المصري أحمد السمالوسي أن يرسم طريق نجاح مختلف، في وقت يبحث فيه الكثير من الشباب عن فرصة عمل أو مشروع مضمون، وبدأ من سطح منزله وانتهى بمزرعة متكاملة تُعد واحدة من أبرز النماذج الزراعية الناجحة في مصر حاليًا.
بدأت القصة بشكل بسيط، من هواية صغيرة للزراعة داخل البيت باستخدام أدوات المطبخ، لتتحول مع الوقت إلى مشروع متكامل يجمع بين الزراعة التقليدية وتربية الطيور والحيوانات، ويخدم الآلاف من المتابعين والمحبين للمجال على منصات التواصل الاجتماعي.
لم يكن في يد أحمد رأس مال كبير، ولا دعم مؤسسي، لكنه بدأ بزراعة الخضروات الورقية مثل الكزبرة والجرجير والبقدونس باستخدام مصافي بلاستيكية وماء فقط، دون تربة. اعتمد على تقنيات الزراعة المائية (Hydroponics)، وشارك خطواته البسيطة في فيديوهات مصورة على تيك توك ويوتيوب.
تلك الفيديوهات لاقت تفاعلًا هائلًا، فحقق أحمد مئات الآلاف من المشاهدات في أيام قليلة، وتوالى بعدها الدعم والتشجيع من الجمهور، مما دفعه لتطوير الفكرة.
ومع ازدياد الشهرة والمتابعة، قرر أحمد أن ينقل ما يصوره إلى واقع أكبر، فأنشأ مزرعة حقيقية في الريف المصري تضم أقسامًا متعددة، منها، تربية الدجاج البلدي والبط والأوز بطريقة طبيعية دون استخدام مضادات حيوية، وحضائر لتربية الماعز والأغنام والنعام بهدف إنتاج اللحوم والحليب الطبيعي، وأماكن خاصة بـ العجول الجاموسي والبقري للتسمين، مع الاعتماد على أعلاف طبيعية، ومشاتل وأحواض لزراعة الأعلاف والخضروات اللازمة للمزرعة.
ولم يكتفِ السمالوسي بالإنتاج فقط، بل استمر في توثيق كل مراحل العمل، ليصبح ما يقدمه على السوشيال ميديا بمثابة دليل عملي لأي شاب يرغب في إنشاء مشروع مشابه.
ولم تكن الطريق مفروشة بالورود. واجه أحمد عقبات كثيرة، منها، نقص الإمكانيات في البداية، وغياب التمويل، وعدم تصديق البعض لفكرة أن شابًا يمكنه النجاح في مجال يعتبره البعض “قديمًا” أو “فلاحيًا”، وصعوبات التسويق والإقناع في بداية مشاريعه، وتوازن الإنتاج والتوثيق، حيث أنه لا يكتفي بالإنتاج الزراعي والحيواني فقط، بل يوثق وينشر محتوى تعليمي متكامل.
لكن رغم ذلك، استطاع السمالوسي أن يحوّل هذه التحديات إلى فرص، ويثبت أن الإرادة والمعرفة هما أساس أي مشروع ناجح.
واليوم، يُعتبر أحمد السمالوسي من أبرز صنّاع المحتوى الزراعي والبيئي في مصر والعالم العربي، حيث تخطى عدد متابعيه، 1.6 مليون متابع على تيك توك، و 1.5 مليون على فيسبوك، و500 ألف على إنستجرام، و300 ألف مشترك على يوتيوب وحاصل على الدرع الفضي، ويتميز محتواه بأنه عملي وتطبيقي، ويقدم حلولًا واقعية دون مبالغة أو تعقيد، مما جعله مصدر ثقة للجمهور.
ولا يهدف السمالوسي للربح فقط، بل يؤمن أن ما يفعله يحمل رسالة مجتمعية قوية، وهي: “كل شخص ممكن يبدأ بإمكانياته، يزرع، يربي طيور، يأكل من إنتاجه، ويوفر دخل، ويعيش بصحة أفضل”، ومن هذا المنطلق، يقدم دورات تعليمية غير رسمية من خلال الفيديوهات، ويجيب على أسئلة متابعيه، ويشجع كل من يفكر في دخول مجال الزراعة.
تعد قصة أحمد السمالوسي ليست مجرد قصة نجاح شخصي، بل نموذج عملي يُثبت أن الزراعة الحديثة ممكنة وواعدة، حتى في ظل الظروف الصعبة، فهو لا يمثل فقط جيلاً جديدًا من المزارعين الرقميين، بل يُعد سفيرًا غير رسمي للزراعة النظيفة في مصر، ووجهًا مشرفًا لصناعة المحتوى الهادف على الإنترنت.