حكاية السيد بدير مع خفر السواحل

رانيا البدرى
تولى الفنان الكبير السيد بدير، في الخمسينيات منصب مدير إدارة مراقبة المسلسلات بالاذاعة، وعندما بدأ يمارس عمله، اكتشف نقصًا معيبًا في تسجيلات المؤثرات الصوتية مثل، كلاكسات سيارات.. صفير بواخر.. صفير قطارات.. أصوات وحوش.. أصوات طيور إلى آخر هذه المؤثرات الصوتية التي تساعد في تهيئة الأجواء الدرامية لأحد المسلسلات.
كلف بدير، المختصين بتجهزيها وجاء صيف ذلك العام، وانتقل إلى مصيفه بالاسكندرية، وهناك تذكر أن تسجيلات المؤثرات ينقصها أصوات صفير البواخر، وأمواج البحر في هديرها وفي وشوشتها لرمال الشاطئ.
استعار السيد بدير من إذاعة الاسكندرية ببعض التسجيلات والشرائط الخام، وقرر أن يسجل بنفسه هذه المطلوبات، وهداه تفكيره إلى اختيار وقت الفجر ليقوم بالتسجيل بعيدا عن صخب المصيفين بالنهار، وعند الفجر نزل واختار المكان، وبدأ يمارس مهمة التسجيل للأمواج متمنيا أن يفتح الله عليه بصفير بواخر تنطلق.
وفجأة لمحه جنود خفر السواحل الذين كانوا منتشرين حول الشاطئ في حالة طوارئ حيث آنذاك تهددت شواطئنا بغزو ضفادع بشرية من الإسرائليين، وتمكنوا من القبض على عدد منهم، وربما كانت مهماتهم استطلاعية أو تخريبية، وتوجهوا إليه، وجدوا أجهزة تسجيل، فقد يكون جاسوسًا يصف المكان من خلال الميكرفون أو يكون مكلفا بأية مهمة لصالح الأعداء.
حاول السيد بدير، أن يفهم جنود خفر السواحل باسمه ومهنته بتعصب لأنهم لم يعرفوه، وهو ممثل مسرحي وسينمائي واذاعي شهير، لكن الأوامر هي الأوامر، واصطحبوه وبحوزته أجسام الجريمة إلى القادة والضباط الذين عرفوه، وقدروا الموقف. وخرج السيد بدير بعد لحظات من التوتر، وبعد أن استمع الضباط إلى التسجيلات التي انجزها وليس فيها طبعا لشفرة سرية ولا كلام من هذا القبيل.