د.مروة إبراهيم تكتب : الصف الثاني من القيادات

محمد دياب
في أغلب المؤسسات، تبدو الصورة مشرقة من الخارج:
قائد قوي، صاحب رؤية، يدير الملفات باحتراف، ويتحمل الضغوط بثبات.
لكن خلف هذه الصورة، يكمن سؤال صعب:
ماذا لو غاب هذا القائد فجأة؟ من يستكمل الطريق؟ هل أعددنا أحدًا لحمل الراية؟
في كثير من الأحيان، تكون الإجابة: لا.
الصف الثاني من القيادات ليس فكرة تنظيرية ولا رفاهية إدارية. بل هو عمود أساسى لاستمرارية المؤسسات، وضمان ألا تصاب بهزة بمجرد غياب شخص مهما بلغت كفاءته.
من المسؤول؟
صناعة القيادات مسؤولية من في القمة. القائد الواعي لا يكتفي بالإنجازات اللحظية، بل يفكر فيمن سيأتي بعده. فهو يدرك أن الإرث الحقيقي ليس ما يكتب في التقارير، بل من يكمل المسيرة بنفس الشغف والكفاءة.
أنماط من القادة :
– القائد الداعم: هو الذي يرى في فريقه بذورًا تنتظر الماء. يفوض، يشرك، يصحح بحكمة، ويحتفل بالمحاولات قبل النجاحات. يفهم أن القائد لا يصنع نسخًا منه، بل يصنع قادة مختلفين قادرين على اتخاذ القرار بأنفسهم.
– القائد المنقذ دائمًا: يظن أن عليه إنقاذ كل موقف بنفسه. يدخل ليصلح، ليدير، ليتابع كل صغيرة وكبيرة… لكن النتيجة؟ فريق خائف من الخطأ، متردد في المبادرة، يتنفس تعليمات وينتظر الأوامر.
– القائد المتسلط: هو الأخطر على المدى البعيد. يحتكر الضوء، ولا يسمح لأحد بالاقتراب منه. يخشى المنافسة، ويكتم فرص النمو. قد يدهشنا بذكائه وسرعته، لكنه يترك وراءه فراغًا لا يملأه أحد.
تأهيل الصف الثاني… استثمار لا تكلفة
لتنمو المؤسسة بثبات، لا بد من:
– رؤية استراتيجية لإعداد القيادات.
– رصد مبكر للكفاءات ذات الاستعداد.
– برامج تدريب جادة و محفزة.
– فرص تفويض حقيقية لا شكلية.
– بيئة تسمح بالتعلم من الأخطاء لا الخوف منها.
– قيادة تعرف متى تتدخل ومتى تبتعد.
القيادة لا تعني أن تكون الوحيد الذي يعرف، بل أن تمكن غيرك من أن يعرف.
الصف الثاني ليس مجرد مقاعد احتياطية، بل هم الامتداد الحقيقي للرؤية. فالقائد الذي لا يترك خلفه أحدًا يكمل المسار، لم يقد… بل اكتفى بالعبور.
والقادة العظماء لا يذكرون فقط بما فعلوا، بل بمن أعدوهم ليقودوا من بعدهم.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى