الشيطان يعظ بقلم لواء / حسام سمير

يبدو أننا فى عصر تعزف فيه البشرية أنشودة الحرب وتتغنى بها .يظهر العالم كقوة عسكرية وإقتصادية تتبارى فى مناطق صراع يذهب إليها.
القادة يتشدقون بمبادىء الإنسانية ويتبارون فى رفع شعارات ومصطلحات نسختها علوم ووضعها فلاسفة الأدب ..وأصبحت لاتفارق أفواههم فى كلاماتهم التى ينطقونها فى خطاباتهم الرنانة ..كثيرا مايستحضرنى فى حينها المثل المصرى الدارج (اسمع كلامك أصدقك..أشوف أفعالك استعجب)..
تحول العالم إلى مس من الجنون فى تسابق محموم لاينتهى تحت دواعى الأمن القومى ودوافع المصالح ..وزادت تلك المصطلحات التى باتت ملاذا آمنا للتبرير والتكسير والتحطيم والقتل والسلب والهدم .
يعيش العالم فى أجزاء كبيرة منه تحت مشاهد تجسد لنا ألعاب الحروب التى نراها فى برامج التكنولوجيا والتى يتسلى بها الصغار والمراهقين فى عالم الميديا اللامحدود ..واستلهمت الدول كل ذلك لتأجج به مناطق الصراعات وتلهب سعيرها المجنون.
ولأن البشرية قد جبلت على صراع الخير والشر .والحق والباطل .فكان لزاما أن يكون هناك مجموعة من الأشرار والمفسدين والمدعيين
والمغرضين ..هم يأخذوننا بعيدا عن أمانى العيش السلمى المجتمعى العالمى.
وقد قص لنا قرآننا المبين قصص هؤلاء فى الأزمنة الغابرة ..واختصهم بمجموعة من الأنبياء دون غيرهم ..وفى كل مرة أذاقوا الأنبياء من كؤوس النفاق والرياء والشيطنة .مالا تكفيه مجلدات وقد ينتهى التاريخ ولا يكون قد سرد لنا كل ما فعلوه من مبيقات وماارتكبوه من جرائم .
خرجت أوروبا من ويلات الحرب العالمية الثانية وقد وجدت نفسها أمام حركة درامية صنعتها الماسونية وحكماء صهيون ببراعة ..وقد استطاعوا أن يرسخوا فى عقيدتهم عقدة الذنب فى محارق الهولوكست.
كان لهم أن يفكروامن أى أرض يطلقون اللعبة الخبيثة ..فجاء اختيارهم صوب الأرض الجديدة البكر التى لم تطالها حروب ..كان الاختيار صائبا فقد كانت أمريكا القارة الجديدة تملك استقرارا وتتوافر لها مقومات التقدم السريع والرفاهية بعيدا عن الصراعات التى لم تسلم منها إمبراطورية ولم تفلت منها قومية.
هناك فى تلك القارة الشاسعة كان البناء يعلو والتقدم يجرى مسرعا تحت سيطرة اللوبى الصهيونى على كل مايخص تلك القارة عسكريا واقتصاديا وإعلاميا بينما العالم مستغرق فى ويلات الصراعات والحروب.
وضعت الحرب العالمية نهاياتها والتى كانت صنيعة أيديهم الآثمة نهاياتها وفقد العالم ملايين البشر وانتصر الحلفاء وبزغت أمريكا كقوة جديدة أطلت على العالم بمفاهيم جديدة و ضعت فى داخلها متغيرات نقلت العالم أجمع إلى منطقة جديدة مخطط لها بينما اختفى أدولف هتلر ورجال النازية.
كان على الجانب الأخر هناك قوة جديدة أيضا تتلفح بلباسها الأحمر وتدعو إلى دين سياسى أخر وهو الاشتراكية المغلفة بمبادىء المفكرين انجلز وكارل ماركس.
وبعد أمد من الصراع بين تلك القوتين الجديدتين استطاعوا أن يفككوا هذه الإمبراطورية الجديدة وإسقاطها من الداخل وكان جورباتشوف وأعوانه الطريق الى ذلك.الذى خرج علينا يداهمنابنظريات البيروسترويكا والجلانست
وبينما كان العالم يبحث عن ملاذا جديدا لليهود المشتتين فى أوروبا ودول العالم لجمعهم فى وطن جديد وليتخلصوا من مكايدهم وصراخهم الدائم فيما حدث لهم على أيدى النازية.جاءت معاهدة سايكس بيكو بناء على وعد بلفور ..وقد استقرت على فلسطين موطن بديل لهم بعد المفاضلة على أربعة اختيارات كانت فلسطين فى قلب الشرق العربى هى الواجهة الأفضل لهم ..فالغرب لن يتخلى عن كنوز الشرق ودفء مياهه وعظمة ثرواته ..بينما يحمى ذلك ويدعمه صراع العقيدة اليهودية فى القدس والحروب الصليبية القديمة.
أصبحت منذ ذلك التاريخ القضية الفلسطينية هى القضية المعذبة فى الأرض ..وتساقطت أمام معضلتها المصطنعة كل قرارات المنظمات العالمية أمام غطرسة اسرائيل ومماطلة الغرب ومساندته الدائمة.
#فى عام 1990 كان المخطط الجديد فأمريكا يجب أن تكون قريبة جدا من دولتها الصغيرة اسرائيل ..فكان غزو العراق للكويت بايحاء أمريكى وضمانات واهية ووعود زائفة ..وحدث أن بلعت السمكة الطعم ..وكانت حرب الخليج الأولى وظهر للدول الخليجية شبحا مخيفا اقتضى إنشاء قواعد عسكرية أمريكية فى أراضينا العربية بدعوى الدفاع عنها أمام المستبد الهمجى العراقى فى وصف رسمه الواقع المؤلم.
# فى جولة جديدة وسيناريو أخر كانت حرب الخليج الثانية بدعوى هذه المرة بامتلاك الوحش العراقى أسلحة دمار شامل ..فى هذه المرة دخلت أمريكا الحرب بنفسها واستطاعت الاسقاط فى أيام قليلة وكانت الخيانة هى بطلة القصة ومغزاها .
#عام 2011 كانت المنطقة تستعد لتغيير أخر يحمل نوعا من التقسيم الجديد ..فى هذه المرة ساهم فيه وسائل الميديا التى خاطبت عقول الشباب ..والإسلام السياسى الذى ظهر على السطح كقوة جديدة وجد البعض أنه ملاذا للخلاص الوهمى ..وكان للنزاعات القبلية والطائفية دورا كبيرا لشق الصف والتعجيل بالتفكيك .
# ظلت المنطقة تعانى دولها من الضعف والتعامل مع معاناتها الداخلية بينما توارت القضية الفلسطينية ودخلت إلى نفق مظلم وقبعت داخله لعقد من السنوات.
#فى السابع من أكتوبر عام 2023. كانت لحماس بفصائلها المتعددة بايحاء إيرانى هجمة جديدةمن هجماتها المتكررة من حين لأخر ..فى هذه المرة اختلفت عمليتهانوعيا ..لم تعد تكتفى بعدة صواريخ تصدها القبة الحديدية وتبطل مفعولها ..بينما تدخل اسرائيل لتدك جزء من القطاع ..فى هذه المرة كانت العملية أشبه بغزو برى محدود بفصائلها المختلفة ..
بعد مرور سنتين أصبح قطاع غزة ركاما هائلا تنبعث منه روائح الموتى وتسيل على حطامه دماء الأبرياء ..بينما يمارس العدو الغاشم سياسة التجويع والقتل والتشريد باحترافية كبيرة لاتخفى وجهه الكريه المتعفن
#ذهبنا من إحياء القضية إلى موتها ..ومن نقطة العودة إلى نقطة اللاعودة ..ودخلت القضية نفق مظلم قد لاتخرج منه أو قد تخرج ولكن بعد أمد طويل .
# يظل الرأس مدججا بتساؤلات لاتجد إجابة لاتتنافى مع قواعد العقل والمنطق وتدلنا على حقيقة مايحدث فى كواليس السياسة بنجاستها ودهائها .
-كيف لدولة مثل اسرائيل وهى تملك كل هذه التكنولوجيا المتقدمة بأن تسمح لنفسها بأن تتلقى مثل هذه اللطمة المؤلمة باختراق برى نفذته حركة مسلحة .
هل توقفت وسائل المراقبة والسيطرة على قطاع غزة والفاصل الحدودى ..وهى تدير القطاع من الداخل بحركة حماس التى أسستها وزرعتها فى القطاع بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعى للفلسطنيين.
-كيف لإيران وهى ترى على مدار الأشهر الماضية قدرة الكيان الصهيونى فى تقليم أظافرها وقطع أذرعها فى لبنان وسوريا وغزة بل وصلت إلى الداخل الايرانى باغتيال رئيسها السابق واغتيال قائد حماس السياسى فى داخل غرفته وهو فى حضن حرسها الثورى وتحت أعين أجهزة مخابراتها .ولم تنتبه إلى خطورة الاختراقات المتكررة والجاسوسية والخيانة ..فتلقت فى بداية التصادم مع العدو حزمة من اغتيالات القادة السياسيين وصفوة علمائها النوويين.
-كيف للعدو الغاشم وهو يمتلك كل هذه البراعة فى التجنيد والتصفية الجسدية أن يعجز عن تحرير الرهائن داخل القطاع حتى الأن وهو يهيمن عليه ويتحكم فى مقدراته.
-كيف لإيران أن تنقل بعض أو كل مكونات المفاعل النووية وتحتفظ باليورانيوم فى مكان ما ..ورغم الرصد للأقمار الصناعية لكل ذلك لم تتم الضربة إلا بعد أن انتهت من هذه العملية .
-كيف لهذه الحرب والتى توقفت ولو وقتيا دون جلوس الطرفين على مائدة المفاوضات وبواسطة قطرية لتأخذ لها دورا عالميا مقابل مجهوداتها المخلصة فى تنفيذ ما يطلب منها حرفيا
.بداالأمر لنا بأن كان هناك مواعيد لبداية الحرب ومواعيد للتوقف فى اتفاق مسبق ..وقد تعود إيران إلى مائدة المفاوضات باتفاق خفى أيضا .أو أن لاينتهى الأمر عند هذا ويكون هناك مخطط التفكيك والاسقاط الداخلى أو استمرار العدوان.خاصة وقد طل علينا وبشكل مفاجىء يتوافق مع طبيعة المرحلة نجل شاه ايران السابق والذى اختفى عن الأنظار منذ سقوط نظام والده ..للإشارة بتغييرنظام الملالى بعد أن أدى دوره المطلوب منه على الوجه الأكمل .
ـ وهل أمريكا ستبقى على النظام الايرانى بوضعه الحالى حتى تستمر فى ابتزاز و حلب بقرة الخليج الحلوب حتى تجف ضلوعها.
أتذكر جيدا دستوفيسكى حينما قال عن البشر عند معاشرتك لبعض البشر ستدرك وقتها لماذا خلق الله جهنم .
هل تعلم متى بدأ الجحيم يصبح احتمالا معقولا ؟
ليس عندما قرأت كتب اللاهوت ولاحين نظرت فى كتب الثواب والعقاب .بل حين تعاملت يوما مع بشر لايعرفون الرحمة .عندها فقط نعرف لماذا خلق الله الجحيم .ليس بالتأكيد لعقاب الجناة دائما ..بل كملجأ أخير للعدالة .
قديعبث ويجول ويصول الشيطان الماسونى ويستمر يوعظ ..ولكن لأن الله الحق والعدل والرحمة ..فالله غالب بإذنه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى