“نيويورك تايمز” ترصد احتدام السباق بين الصين وأمريكا على مستقبل الطاقة

رصدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية احتدام السباق بين الصين والولايات المتحدة على إمدادات الطاقة في المستقبل، قائلة إن بكين تتقدم في هذا السباق فهي تبيع الطاقة النظيفة للعالم، بينما تُسوق واشنطن النفط والغاز.

وذكرت الصحيفة، في تقرير نشرته اليوم الثلاثاء، أنه بينما تُخيم مخاطر الاحتباس الحراري على كوكب الأرض، تسعى اثنتان من أقوى دول العالم، الولايات المتحدة والصين، إلى استراتيجيات طاقة تُحددها بشكل رئيسي المخاوف الاقتصادية والأمن القومي، بدلا من أزمة المناخ. وتُواجه صناعات بأكملها خطر الانهيار، إلى جانب التحالفات الاقتصادية والجيوسياسية التي تُشكل العالم الحديث .

وقالت الصحيفة إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تريد إبقاء العالم مُعتمدا على الوقود الأحفوري، كالنفط والغاز، الذي شغل السيارات والمصانع، ودفأ المنازل، وغذى الإمبراطوريات لأكثر من قرن. والولايات المتحدة هي أكبر مُنتج للنفط وأكبر مُصدر للغاز الطبيعي في العالم، مما يُتيح إمكانية ما أسماه ترامب حقبة من “هيمنة الطاقة الأمريكية” التي تُلغي الاعتماد على الدول الأجنبية، وخاصة القوى المُنافسة مثل الصين.

وفي الوقت نفسه، تسير الصين في اتجاه مختلف تماما. فهي تعتمد على عالم يعتمد على الكهرباء الرخيصة من الشمس والرياح، ويعول على بكين في الحصول على ألواح وتوربينات شمسية عالية التقنية وبأسعار معقولة. وعلى عكس الولايات المتحدة، لا تمتلك الصين كميات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي، لذا فهي حريصة على التخلص من الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد، وتوظيف مصادر الطاقة المتجددة في تغذية اقتصادها، وفقا للصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى أن مخاطر اعتماد الصين على المناطق غير المستقرة سياسيا في الحصول على الطاقة قد برزت مؤخرا عندما هاجمت إسرائيل إيران، التي تبيع تقريبا جميع صادراتها النفطية إلى الصين.

وأوضحت النيويورك تايمز أنه في حين أن الصين لا تزال تستهلك الفحم أكثر من بقية العالم، وتنبعث منها كميات من التلوث المناخي تفوق الولايات المتحدة وأوروبا مجتمعتين، إلا أن تحولها نحو بدائل أنظف يحدث بسرعة فائقة. فالصين لا تهيمن فقط على التصنيع العالمي للألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، والبطاريات، والسيارات الكهربائية، والعديد من صناعات الطاقة النظيفة الأخرى، بل إنها تزيد من تقدمها التكنولوجي مع مرور كل شهر.

وقالت الصحيفة إنه بينما تُهيمن الصين على صناعات الطاقة النظيفة، من التقنيات الحاصلة على براءات اختراع إلى المواد الخام الأساسية، تستغل إدارة ترامب النفوذ الهائل لأكبر اقتصاد في العالم للحفاظ على تدفق النفط والغاز الأمريكي.

وذكرت الصحيفة أنه في تراجع كامل عن جهود إدارة الرئيس السابق جو بايدن لتحويل الاقتصاد الأمريكي بعيدا عن الوقود الأحفوري، يفتح البيت الأبيض في عهد ترامب الأراضي العامة والمياه الفيدرالية لعمليات حفر جديدة، ويُسرع إصدار تصاريح خطوط الأنابيب، ويضغط على الدول الأخرى لشراء الوقود الأمريكي كوسيلة لتجنب الرسوم الجمركية.

وبحسب الصحيفة، تنتهج واشنطن استراتيجية طاقة صارمة، داخليا وخارجيا مع حلفائها وأصدقائها. وترتكز هذه الاستراتيجية على فكرة أن العالم الحديث مُصمم بالفعل على هذه الأنواع من الوقود، وأن الولايات المتحدة تمتلكها بوفرة، لذا فإن تصديرها يُفيد الاقتصاد الأمريكي حتى لو كانت الطاقة الشمسية أنظف وغالبا ما تكون أرخص.

ولفتت الصحيفة إلى أن حرق الوقود الأحفوري لأكثر من 200 عام ساهم في بناء العالم الحديث، وحقق ازدهارا كبيرا للدول المتقدمة، مثل الولايات المتحدة، التي تُصنف تاريخيا كأكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري. إلا أنه أدى أيضا إلى ما يصفه العلماء الآن بأزمة متنامية، إذ يعمل ثاني أكسيد الكربون، الذي يُضخ في الغلاف الجوي نتيجة حرق النفط والغاز والفحم، كغطاء حابس للحرارة، مما يؤدي إلى ارتفاع سريع في درجة حرارة الأرض.

وأضافت الصحيفة أن استخدام الطاقة الشمسية والبطاريات والسيارات الكهربائية الرخيصة المصنوعة في الصين أتاح الانتقال إلى تقنيات أنظف للعديد من الاقتصادات الكبرى، بما في ذلك البرازيل وجنوب إفريقيا، وحتى الهند، المنافس الإقليمي لبكين. وتُعتبر القدرة على تحمل التكاليف أمرا بالغ الأهمية لخفض الانبعاثات العالمية.

ويُجمع العلماء على أن الاحترار العالمي، إن لم تتم اليطرة عليه، سيستمر في التسبب في موجات جفاف وعواصف شديدة بشكل متزايد، وقد يُغير تيارات المحيطات وأنماط الطقس العالمية، ويُعطل إنتاج الغذاء، ويُعمق أزمة التنوع البيولوجي، ويُغرق بعضا من أكبر مدن العالم مع ارتفاع منسوب مياه البحر، من بين مخاطر أخرى، وفقا للصحيفة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى