الطريق الإقليمي.. حين يتحول الطريق إلى مقبرة مفتوحة والمسؤولون في سبات عميق

بقلم: محمود سعيد برغش
في كل صباح جديد، يُفتح الطريق الإقليمي على جريمة جديدة، ضحاياها أبرياء خرجوا لكسب الرزق أو لقضاء حاجاتهم، ليعودوا جثثًا هامدة إلى ذويهم، وسط صمتٍ رسميٍ بارد لا يحمل سوى اللامبالاة والتجاهل.
لم تمضِ أيام قليلة على مأساة “بنات المنوفية” اللواتي ابتلعهن هذا الطريق القاتل، حتى فوجئنا اليوم بحادث تصادم مروع جديد، أعاد الوجع إلى الواجهة من جديد.
حادث دموي جديد على الطريق الإقليمي.. ضحايا بالعشرات والمأساة مستمرة!
في حادث مأساوي وقع صباح اليوم، شهد الطريق الإقليمي عند نزلة الباجور باتجاه بنها، تصادمًا عنيفًا بين سيارتين، أسفر عن سقوط قتلى ومصابين، تم نقلهم في حالة حرجة إلى مستشفى الباجور التخصصي، وسط حالة من الرعب والصدمة بين الأهالي والمارة.
“الطريق الإقليمي”.. طريق بلا ضوء ولا أمان!
هذا الطريق الذي كلف الدولة مليارات الجنيهات، لم يعد يُستخدم كممر للسيارات، بل صار مقبرة رسمية مفتوحة، تحصد الأرواح يومًا بعد يوم، بسبب:
غياب الإنارة ليلاً، حتى أصبح “سفر الليل عليه مقامرة حقيقية”.
تصميم هندسي كارثي، يفتقر لأبسط معايير الأمان.
مطبات عشوائية تتحول إلى “كمائن قاتلة” للمركبات.
غياب الرقابة المرورية الفاعلة، وترك الطريق نهبًا لتهور السائقين.
تهاون سائقي النقل والمركبات الثقيلة الذين يطلقون العنان لسرعتهم بلا رادع.
الغياب الحكومي.. الصمت أفصح من الكلمات!
في حادث “بنات المنوفية”، اكتفى وزير العمل بتصريح بارد وجاف، قال فيه:
> “سنُحقق وإذا ثبت الخطأ سنتخذ الإجراءات!”
تصريح لم يحمل لا عزاء ولا إنصاف، وكأن الضحايا مجرد أرقام بلا قيمة!
واليوم، مع تكرار نفس السيناريو، لم يصدر أي تصريح أو بيان رسمي، وكأن ما يحدث على الطريق الإقليمي شأن خاص بين الموت وضحاياه!
رسالة واضحة للحكومة.. كفى تجاهلًا!
لم يعد الصبر ينفع، ولا الشعارات تجدي، والحوادث التي تقع ليست مجرد حوادث قدرية، بل هي نتيجة طبيعية للإهمال المتعمد وتراكم الأخطاء.
ماذا ننتظر؟ المزيد من النعوش؟ المزيد من الأرامل والأيتام؟
المطلوب فورًا:
1. تحقيق شفاف ومفتوح مع إعلان النتائج للرأي العام.
2. خطة طوارئ عاجلة لإعادة تأهيل الطريق وتأمينه هندسيًا وإنشائيًا.
3. تركيب كاميرات مراقبة ورادارات لضبط المخالفات.
4. فصل حركة النقل الثقيل عن باقي المركبات.
5. صرف تعويضات عادلة وسريعة لكل أسرة فقدت عزيزًا بسبب هذا الطريق.
كلمة أخيرة.. الطريق يقتل يوميًا والضمير في إجازة!
كل من يمر بهذا الطريق يعرف جيدًا أنه يسير في “مسار مجهول المصير”، فالطريق لا يفرّق بين غني وفقير، ولا بين رجل وامرأة… كلهم سواء في مواجهة الموت الذي ينتظرهم.
والحقيقة المؤلمة أن المسؤولين باتوا شركاء في كل حادثة صمتوا عنها، وكل دمعة لم يحركوا لها ساكنًا.
إما أن تتحركوا الآن لإنقاذ ما تبقى، أو استعدوا لحمل المزيد من الأكفان!