صموئيل العشاي يكتب: كنتُ جنديًّا في سلاح الأبطال: جهاز المخابرات الحربية والاستطلاع

في حياة كل إنسان لحظات لا تُنسى، وشرف لا يُضاهى، وتجارب تصنع ملامح شخصيته وترسم طريقه. وبالنسبة لي، فإن واحدة من أكثر الفترات التي أشعر تجاهها بفخر عميق وامتنان دائم، هي فترة تجنيدي ضمن صفوف جهاز المخابرات الحربية والاستطلاع لمدة عام 2003.
لم يكن الأمر مجرد أداء واجب وطني، بل كان وجود حقيقي في مدرسة من الانضباط، والولاء، والتضحية. هذا السلاح العظيم، الذي يعمل في صمت وبلا ضجيج، هو أحد الأعمدة الصلبة التي تحفظ للوطن أمنه وسلامه، وتواجه التحديات في عمق الظل، بعيدًا عن الأضواء، لكنه حاضر في كل معركة، وفي كل لحظة فارقة من تاريخنا.
لقد عرفت عن قرب معنى أن تكون جنديًا في “سلاح الأبطال”. رأيت رجالًا لا يهابون الموت، ولا يعرفون التراجع، ينامون بأعين يقظة، ويقفون على الجبهة كأنهم جبل لا يتزحزح. تعلمت كيف تكون الدولة أكبر من الفرد، والوطن أثمن من كل مصلحة، وأن من يعمل في الظل هو الذي يُمهد للضوء أن يسطع.
في جهاز المخابرات الحربية والاستطلاع لا يُقاس الانتماء بالشعارات، بل بالفعل، ولا تُوزّع البطولات بالكلام، بل بالتكليف. تعلمنا أن السرية شرف، وأن الثقة مسؤولية، وأن حماية الوطن لا تكون فقط بالبندقية، بل أيضًا بالمعلومة الدقيقة، والخطوة المحسوبة، واليقظة الدائمة.
ربما لا يعرف كثيرون حجم الدور الذي يقوم به هذا الجهاز في صمت، لكنني كنت شاهدًا على بعض من هذه البطولات غير المُعلنة، وأكاد أقول بثقة: لو علم الناس نصف ما يُبذل في الكواليس، لأدركوا أن ما نراه من أمن واستقرار ليس صدفة، بل ثمرة جهد لا ينام.
مرّت السنوات، لكن انتمائي لذلك السلاح لم ينتهِ. ما زلتُ أحمل وسام تلك الفترة في قلبي، وأتذكر رفاق السلاح الذين تعلمت معهم أن “مصر أولًا”، وأن “الخطر الحقيقي” لا يُرى بالعين، بل يُرصد بالعقل والولاء والانتباه.
شكرًا لجهاز المخابرات الحربية والاستطلاع…
لقد كنتم – وما زلتم – حائط الصد الأول، وعين الوطن التي لا تنام.
ولقد كنتُ فخورًا أنني، يومًا، كنت جنديًا في هذا السلاح النبيل