منذر رياحنه في ذروة تألقه .. نجاح استثنائي لحلقة الزلاقة الثانية في مسلسل سيوف العرب

وليد محمد

في المشهد الدرامي العربي، قليلون هم الفنانون الذين يُمكنهم حمل شخصيات تاريخية وازنة دون أن تسقط في فخ الخطابة أو التكلّف.
في سيوف العرب، برز اسم منذر رياحنه كممثل لا يجسّد شخصية تاريخية فحسب، بل يُعيد بناءها من الداخل: يوسف بن تاشفين، القائد، الإنسان، والمتصوّف في ساحة المعركة.
و ما بين سيف التاريخ وقلب الإنسان
تعتبر تجربة منذر رياحنه في “سيوف العرب” قد تجاوزت الأداء التقليدي إلى قراءة روحية لشخصية يوسف بن تاشفين. فهو لم يعتمد على الاستعراض، بل قدّم شخصية مركبة تحكمها ثلاثية دقيقة:
الهدوء الإستراتيجي،السكينة الروحية،الصرامة الميدانية.
وفي مشاهد القتال، بدا كمن وُلد ليمتشق السيف، يُوزّع ثقله الجسدي والحسي بوعيٍ بالغ، يُمسك بالسيف كما يُمسك بالأمانة التاريخية. لا انفعال زائد، ولا مبالغة في التعبير الجسدي. بل حضور عسكري حاسم، يحمل في طيّاته هيبة القائد ونظافة السلاح.
لحظة التجلي: مشهد تتحدث فيه العيون والدموع
أحد أكثر المشاهد تميزًا في الأداء الدرامي لرياحنة، جاء في لحظة ما بعد النصر ، فكانت لحظة تجلي نادرة لا تُنسى.
بملامح خاشعة، ونظرةٍ مشبعة بالرهبة واليقين، بكى رياحنة دون أن يهتزّ المشهد، فبكينا معه. هذه ليست دموعًا اصطناعية لأداء درامي، بل كانت لحظة اندماج كامل بين الفنان والشخصية، جسّد فيها القرب الصوفي من الله دون أن ينطق بكلمة.
فن تجسيد الزمن: يوسف في مراحله المختلفة
أحد تحديات الأدوار التاريخية الكبرى هو تقديم الشخصية على امتداد مراحل عمرية متباعدة دون أن يبدو الأداء مُجزأً أو مُفتعلاً.
منذر رياحنة نجح في رسم تطوّر يوسف بن تاشفين من القائد الفتي إلى الشيخ الوقور بحسّ درامي عضوي.
صوته خفّت حدّته تدريجياً، نظرته اتسعت، نبرته هدأت، حركته أصبحت أكثر تروّيًا…
كل ذلك دون خطاب مباشر للمُشاهد، بل من خلال لغة الجسد الدقيقة التي يفهمها فقط من تعمّق في الشخصية لا من قرأها فقط.

قيادة إخراجية واعية لأداء ناضج
التناغم بين أداء رياحنة وعدسة المخرج سامر جبر كان حجر الزاوية في تفجير هذه الشخصية على الشاشة.
فالمخرج منح للممثل مساحة التمدّد، ووظّف الإضاءة واللقطات القريبة بذكاءٍ بصريٍ، يكشف كل تغيّر في النفس قبل الجسد.
المعارك لم تكن مجرد استعراض سيوف، بل بيئة حقيقية لصراع القيم والنفس، وهو ما التقطه رياحنة بجودةٍ تُدرّس.
نُضج درامي يعيد الهيبة للدراما التاريخية
لقد قدّم منذر رياحنة في “سيوف العرب” دورًا يؤسس لمرحلة جديدة من التعاطي مع الشخصيات التاريخية.
ابتعد عن النمطية، اقترب من الحقيقة الإنسانية. جعل من يوسف بن تاشفين أكثر من بطل… جعله رمزًا حيًا للتواضع، الشجاعة، والصلة بالله.

ولا شك أن هذه التجربة أعادت للجمهور العربي فنانًا من الطراز الثقيل، قادرًا على حمل الإرث والارتقاء به إلى مستوى إبداعي نادر.
في “سيوف العرب” لم يكن الرياحنه ممثلاً يقرأ من النص، بل كان مؤرخًا بصريًا، وراويًا وجدانيًا.
جعل من يوسف بن تاشفين شخصية لا تُشاهد فقط، بل تُحسّ وتُعاش.
وفي زمن تتناقص فيه المسافة بين الأداء والحقيقة، أثبت رياحنة أن الفن عندما يُلامس الإيمان يصبح رسالة
سيوف العرب الذي يجمع نخبه من نجوم الوطن العربي سلوم حداد وباسم ياخور وجمال سليمان هو من اخراج ستمر جبر و انتاج المؤسسة القطرية للاعلام

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى