الكسل ملجأ العقول الضعيفة .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله ولي من اتقاه، من اعتمد عليه كفاه، ومن لاذ به وقاه، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وحبيبه وخليله ومصطفاه، صلى الله وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن دعا بدعوته واهتدى بهداه، أما بعد قيل أن الكسل ملجأ العقول الضعيفة، فإسعي لطلب شأنك وتحرر كل دقيقة من الكسل، واقحم باب الراحة من المشقة، فلا تدرك الراحة إلا بالمشقة، وليكن الرفق واللين ممشاك، واحرص على أن لا ينطق لسانك إلا حسن الكلام، الكلام الحسن درع، هوه يدل على لباقتك وذوقك الرفيع، ولا يتأى هذا إلا بشيء لا يكلفك شيئا، وهو الإنصات لكلام غيرك، وكن مستمعا جيدا لتكون متحدثا لبقا وثمة أمر يهد القلوب وهو القلق، والجزع على ملمات الأمور، فعلى الإنسان أن لا يذهب جهده وتفكيره في موقف طارئ.

أو غير طارئ لأنه لا يدوم هذا ولا ذاك، وكن عفا في تعاملك أريحيا في مخالطتك، ولا شيء يرفع قدر المرء كالعفة، وإحذر من أن يجرك لسان بإسلوبه وبراعته، وليكن عقلك حاضرا، لا شاكا في غيرك بل متحفز العقل نافذ البصيرة، فطن التأمل، وإن الإنسان الفطن لا يغيب عنه شيء، وإن غاب يستدرك أمر، وإن فاته الإستدراك فتسعفه الحكمة في تناول الأمور ومجابهة الملمات، وإدراك السؤدد والعلا، وليكن أملك أو ما تطمح إليه عاليا، فإن التعب واحد، والمشقة نفسها التي تجابهها في الأمر الصغير هي التي تجابهك في الأمر العظيم، فليكن طموحك كبيرا، والإنسان يبلغ بإرادته الهدف الذي وضعه لنفسه مهما صعب، فللإنسان قوة جبارة ومن الله التوفيق والسداد، لو تعلقت همة أحدكم في الثريا لنالها، ولكن يتفاوت الناس في بلوغ مآربهم وبغيتهم.

ذلك لما للمشقة من وقع على النفس البشرية وعلى بعض الناس فقط الذين نحرص على أن لا نكون منهم، أولئك الناس هم ضعاف النفوس وصغارها، ومجمل القول أن كل ذلك يتركز في كلمة واحدة، يضعها كل إنسان نصب عينيه وهي الهمة، وليتذكر أحدنا دائما ” ليس الشديد بالصرعة ” وعلى المرء أن يتمهل في أمر جلل، وهو الحكم على أي شيء لأن أندم على العفو خير من أن أندم على العقوبة، ولا تتوانى في تنفيذ شأنك لبلوغ سؤلك، أو لأسداء معرف أو لدحض مكروه، فلربما سبق عليه أحد فتلوم نفسك على تأخيره، لكل شيء رأس، ورأس المعروف تعجيله، ولكل شيء عدو وعدو الفن الجهل، والنية مطية المؤمن، والأعمال بالنيات والنية أبلغ من العمل، فلربما تبلغ المقصود بنيتك لا بعملك، لذا ما أرى عجزا في البشر كالعجز عن النية،

وكل ميسر لما خلق له، ولا تجعل الكبر يأخذك عن المشورة جانبا فلا خاب من إستشار، وما هلك امرؤ عن مشورة، ومن شاور كثر صوابه، فإذا شاورت عقلك وأهل المشورة فلا تتردد في تفعيل قرارك وتنفيذه، فالمتردد في البدء يتأخر في الوصول ولا تعيقك الصعاب وإعلم انك لابد ملاقيها، ومتى بلغت المصائب حدها زالت، وليس هذا بالتخويف والتشاؤم بل هو واقع غلب على مجرياتنا، غير أن المتفائل يجعل الصعاب فرصا تغتنم، والمتصبر حليفه النجاح، فمن أسباب النجاح هو الصبر، وكما عليك أن تجمل نفسك بالخلق الحسن كما تجمل مظهرك باللباس الحسن، وإحرص على أن تربي إبنك ونفسك التربية المثلى، وهل أفضل من الأدب الحسن، وما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن، ولربما كانت البسمة مفتاح لما صعب عليك فتحه وعلامة على أدبك الحسن.

وعلى الرغم من هذا نجد أن معظم إبتساماتنا تبدأ بإبتسامة شخص آخر، فلما لا نكون نحن من يبادر بهذه النعمة، وقد يقول قائل التبسم يزيل المهابة فأجبه، والجد يكسو الوجه منك مهابة، وكذا التبسم للقلوب ضياها

فإجعلن بينهما لنفسك مسلكا، وإنفذ بنفسك من شرور هواها، ولربما حال دون التبسم حائل كسوء تفاهم أو نحوه أو وشاية ونحوها وحينئذ لابد للتسامح من موطئ قدم، واعلم أن التسامح من السهولة ما يصعب على النفوس أن تبادر به، إلا النفوس الكبار، فالنفوس الكبيرة وحدها تعرف كيف تسامح.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى