نادية هارون تكتب: حريق السنترال .. إيجابية المشهد

محمد دياب

وأنا أتابع حريق مبنى سنترال رمسيس من خلال الأخبار والمواقع الإخبارية أو من خلال السوشيال ميديا، تذكرت ذلك المشهد في فيلم الممر داخل السنترال، وهذا التباين بين النكات التي يطلقها الشعب المصري خلال الأزمات وشعوره الحقيقي بحبه الجارف للوطن وأصالته التي تتجلًّى وقت المحن، ورغم تلك المنشورات المستهزئة أحياناً والشامتة أحياناً أخرى، وبعيداً عن 100 مليون خبير في كافة المجالات، إلّا أن كان هناك مشهداً آخر تجلَّت فيه أصالة ووطنية هذا الشعب الأبيّ على الإنكسار.

نعم، في وقت الأزمات من الطبيعي أن تتغير سلوكيات البشر، فإما تسقط الأقنعة ونكتشف الحاقد والكاره، أو يظهر المعدن الأصيل، وكثير من الأزمات والمحن التي مرّت على مصرنا على مر الزمان ولم يظهر من الشعب المصري إلّا أصالة كانت رمزاً لتاريخ أمة عريقة فالخير أصيل ومتجذِّر في هذه الأمة على مر العصور، وكالعادة ظهر نشطاء السبوبة ودعاة الهزيمة والاحباط لترويج شائعات مغرضة تهدف إلى التشكيك فى كل ما هو إنجاز أوخطوة على الطريق الصحيح، هؤلاء المتربصون تفضحهم أفعالهم بسوء نواياهم دائما والتي تهدف إلى كسر الثقة بين الدولة والشعب.

فالحادث رغم مأساويته التي تندَّر عليها هؤلاء، إلّا أنه أبرز سلوكاً إيجابياً من التفاعل والتلاحم والتضحية، نيران مشتعلة ودرجات حرارة مرتفعة وأبطال الإطفاء لأكثر من 12 ساعة،  وكأنهم جسد واحد بين ألسنة اللهب والدخان المتصاعد، خاطروا بأنفسهم من أجل إنقاذ العالقين داخل المبني وإخماد الحريق، ثم جاء دور الورد اللي فتح في جناين مصر،  شبابها وعمودها الفقري في مشهد لافت للمساندة خلال إخماد الحريق، وعقب إخماد الحريق من توافد عدد من شباب خريجي كليات الهندسة والحاسبات والمعلومات لتقديم الدعم الفني والمساعدة في إصلاح الأعطال.

ولأن الشعب المصري يتميز بالتضحية والترابط لاسيما عند المحن والنوائب، وعقب كل كارثة يجد تراحمًا كبيرًا بين الناس ومواساة للضحايا، تذكرت ذاك الموقف الإنساني مع السائق الشهيد خالد شوقي الذي ضحّى بنفسه وأنقذ مدينة العاشر من رمضان من كارثة محقّقة، وكيف تلاقت القلوب وإمتدت الأيادي لمساعدة أسرته ومساندتها معنويًا وماديًا سواء من رجال أعمال أو من الحكومة.

ويتميز الشعب المصرى عن شعوب العالم قاطبة، بأنهم يكونوا على قلب رجل واحد عندما يشعرون بأى خطر يتعرض له الوطن، فقد إنتفض الشعب المصرى رافضًا مخطط التهجير، ووقف صفًا واحدًا خلف قيادته، لوقف هذا المخطط وحفاظاً على أمننا القومي، وعبّر المصريون عن رفضهم القاطع باحتشادهم فى معبر رفح تضامنًا مع أشقائهم الفلسطينيين للإعلان عن رفض مصر تصفية القضية الفلسطينية.

إن عظمة الشعب المصرى الأصيل تكمن فى توحده وإصطفافه خلف قيادته حينما يكون الوطن وأمنه فى خطر، فهو يدرك معنى الوطنية والدفاع عن أمنه وإستقراره، ومن المؤكد أننا قد نختلف أو نعترض مع قيادتنا وسياساتها الداخلية أحياناً، لكنّنا وقت الشدائد وحين تخوض مصر حرب وجود، بالتالى نصبح صفاً واحداً خلف القيادة السياسية، ولن يكون هناك وقت للمعارضة أو الحياد فكلاهما في حالة الحرب خيانة كبري، والوطن إنما يحيا بوعى الشعب وتماسكه وتلاحمه.

في النهاية فإن ما يفعله المصريون ليس جديداً أو غريباً، فتاريخ مصر الضارب فى الأعماق يؤكد أن الشعب المصرى فى وقت الشدة والأزمات يكون صخرة تتحطم عليها كل المخططات الإجرامية والمكائد التي تحاك للوطن، وسيظل المصريون قوة لن تقهر أبدًا لأن هذا الوطن محفوظ بعناية الله، وشعبه في رباط إلى يوم الدين، وجنده خير أجناد الأرض، وستظل سماء مصر محرقة ومياهها مغرقة وأرضها مقبرة لكل من أرادها بسوء، وستظل هى الملجأ الآمن لكل مستغيث.
حفظ الله مصر أرضاً وشعباً وجيشاً وقيادتاً.. تحيا مصر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى