ميثاق الطهر.. الزواج في الإسلام بين وضوح الشريعة وزيف العُرف

 بقلم: محمود سعيد برغش

 

في عصرٍ اختلطت فيه المصطلحات، وتزاحمت العناوين على حساب المعاني، بات من الضروري أن نُعيد النظر في مفهوم الزواج كما أراده الإسلام، لا كما شوّهه بعض الناس أو انحرف به الواقع.

فحين يُختزل الزواج إلى ورقة تُكتب في الظل، أو صفقة تُعقد باسم “العُرف”، أو علاقة مؤقتة تحت ستار “المتعة”، فذلك خروج عن الميثاق الغليظ الذي وصفه الله، وإجحاف بحق الشريعة التي جعلت من الزواج سكنًا لا عبثًا، وطُهرًا لا شهوة عابرة.

الزواج في جوهره.. ميثاق لا علاقة عابرة

قال تعالى:

> “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة”

[الروم: 21]

الزواج في الإسلام ليس مجرد اقتران جسدي، بل بناء إنساني وروحي قائم على السكينة والرحمة، على المودة التي تُؤنس، والمسؤولية التي تُبنى، والاحترام المتبادل الذي يصون.

شروط الزواج الصحيح.. ثوابت لا مجال للتهاون فيها

لكي يكتمل عقد الزواج شرعًا، لا بد من توافر الأركان الآتية:

1. الإيجاب والقبول: تصريح واضح من الطرفين بالرغبة في الزواج.

2. الولي: شرط أساسي لصحة الزواج عند جمهور الفقهاء.

3. الشهود: حضور شهود عدول لضمان العلن ومنع التلاعب.

4. المهر (الصداق): حق واجب للمرأة، يعكس احترام مكانتها

5. الرضا التام: لا زواج بالإكراه، فالإكراه يُفسد القصد والميثاق.

الزواج العرفي.. تشويه لا بد من تصحيحه

الزواج العرفي يختلط فيه المفهوم المشروع بالمحرّم، حسب صورته:

زواج عرفي مكتمل الشروط (ولي، شهود، مهر، رضا): صحيح شرعًا، لكنه مرفوض قانونيًا لعدم التوثيق.

زواج بلا ولي أو شهود: باطل شرعًا، ويقارب الزنا.

زواج بنية الطلاق أو المؤقت: محل خلاف فقهي، وجمهور العلماء يُحرّمه لأنه يقوم على الخداع.

> الإسلام لا يبيح علاقة سرّية تُنتهك فيها الكرامة وتُدار في الظل.

زواج المتعة.. علاقة أُغلقت أبوابها

زواج لمدّة محددة مقابل مال، أباحه الإسلام في ظروف خاصة زمن الصحابة، ثم حرّمه النبي ﷺ إلى يوم القيامة، كما ورد في الصحيحين.

ورغم إجازته في بعض المذاهب الشيعية، فإن جمهور العلماء يرونه باطلًا ومُخالفًا لمقاصد الزواج الشرعي.

أسر النساء في الحروب.. بين الواقع القديم والتشويه المعاصر

لم يُشرع الإسلام السبي، بل تعامل معه كواقع دولي قديم، وأعاد صياغته بضوابط إنسانية:

لا إكراه جنسي.

لا بيع للأم إن أصبحت “أم ولد”.

عتقها يُعد من أعظم القربات.

واليوم، ومع زوال الرق عالميًا، لا يجوز الرجوع لمثل هذه الممارسات بأي حال. وما فعلته الجماعات المتطرفة من سبي واغتصاب وقتل، لا يمتّ للإسلام بصلة.

التوثيق.. ضرورة أخلاقية وقانونية

قد لا يكون التوثيق شرطًا شرعيًا، لكنه ضرورة واقعية لحفظ:

حقوق الزوجة.

إثبات النسب.

منع المنازعات.

حماية الكرامة الإنسانية.

> في عصر التزوير والتساهل، لا يُحمينا من الظلم سوى عقد موثق، وشهود حق، ووضوح نية.

الزواج الشرعي لا يحتمل التنكر أو التلاعب

في زمن تتلون فيه العلاقات بأسماء مضللة: “عرفي”، “مؤقت”، “صداقة متطورة”، “تجربة عاطفية”، يبقى الزواج الإسلامي ميثاقًا قائمًا على الصدق، معلنًا، محترمًا، لا يُقام في الظل ولا يُنتهك فيه الحياء.

> من تحايل على صورة الزواج، أساء لنفسه، وظلم المرأة، وابتعد عن روح الشريعة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى