تدفق وقود محركات طائرة “إير إنديا 171” انقطع قبل ثوانٍ من تحطمها

كشف تقرير مبدئي صدر صباح اليوم السبت عن مكتب تحقيقات الحوادث الجوية في الهند أن انقطاع الوقود عن محركات طائرة “إير إنديا 171” المنكوبة كان السبب المباشر في تحطمها المميت الشهر الماضي، وذلك بعد لحظات فقط من إقلاعها من مطار أحمد آباد باتجاه مطار جاتويك في لندن.
وأفاد التقرير الذي حصلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية على نسخة منه ونشرته في عدد اليوم أن الطائرة من طراز بوينج 787-8 “دريملاينر” بلغت السرعة اللازمة للإقلاع، لكن بعد ثوانٍ من مغادرة المدرج، تحولت مفاتيح التحكم في تدفق الوقود للمحركين من وضع “تشغيل” إلى وضع “إيقاف ” .
ووفقاً لتسجيل قمرة القيادة، سُمع أحد الطيارين وهو يسأل زميله: “لماذا أوقفتها؟”، ليجيب الأخير بأنه لم يفعل ذلك ، وعلى الرغم من أن المفاتيح عادت إلى وضع “تشغيل” بعد نحو 10 إلى 14 ثانية، إلا أن المحركات كانت قد فقدت قوة الدفع الخاصة بها بالفعل، ما دفع الطيار إلى إطلاق نداء الاستغاثة:” ماي داي، ماي داي، ماي داي ” .
ويشير خبراء الطيران- حسبما أبرزت الصحيفة البريطانية- إلى أنه من الصعب جداً أن يتم تحريك مفاتيح الوقود بالخطأ من قبل الطيارين، مما يثير تساؤلات حول الأسباب التقنية أو البرمجية المحتملة وراء التحول المفاجئ للمفاتيح .
وذكرت الصحيفة أنه برغم فداحة الحادث الذي وقع يوم 12 يونيو الماضي وأسفر عن مقتل 241 راكبًا و29 شخصًا على الأرض نتيجة اصطدام الطائرة بمبنى كلية طبية قرب المطار، أوصى التقرير بعدم اتخاذ أي إجراءات ضد شركة بوينج أو “جي إي إيروسبيس”، المزودة للمحركات، في هذه المرحلة.
وأوضحت أن هذا الحادث يعد أسوأ كارثة جوية في الهند منذ ما يقرب من ثلاثين عامًا، وأول حادث مميت لطائرة من طراز “دريملاينر”، والأكثر دموية في قطاع الطيران عالمياً خلال 11 عامًا .
وأُجري التحقيق بمساعدة قسم التحقيقات في حوادث الطيران في المملكة المتحدة والمجلس الوطني لسلامة النقل الأمريكي فيما صرحت هيئة تحقيقات الحوادث الجوية “AAIB” بأنه في هذه المرحلة من تحقيقها، لم تُوصَ شركة بوينج، المُصنِّعة للطائرة، أو شركة جنرال إلكتريك للطيران، التي تُشغِّل محركاتها الطائرة، باتخاذ أي إجراءات.
وفي بيان لها، صرّحت شركة طيران الهند بأنها “تتضامن مع عائلات الضحايا والمتضررين”، وأنها “تواصل حزنها على فقدان” من لقوا حتفهم في الحادث.
وأضافت أنها “تعمل بشكل وثيق مع الجهات المعنية، بما في ذلك الجهات التنظيمية”، وتواصل “التعاون الكامل مع هيئة تحقيقات الحوادث الجوية “AAIB” والسلطات الأخرى مع تقدم تحقيقاتها”.
وقالت بوينج:”إن قلوبنا مع أحباء الركاب وأفراد الطاقم على متن رحلة طيران الهند رقم 171، وكذلك مع جميع المتضررين على أرض أحمد آباد. ونواصل دعم التحقيق وعملائنا”. وفي المقابل، لم تستجب شركة جنرال إلكتريك للطيران فورًا لطلب التعليق.
وأشارت “فاينانشيال تايمز” إلى أن النتائج الأولية، التي تستند إلى بيانات مستمدة من مسجلات صوت قمرة القيادة وبيانات الرحلة الرقمية، بالإضافة إلى الأدلة التي جُمعت من موقع التحطم، لم تتوصل إلى أي استنتاجات نهائية حول سبب إيقاف تشغيل مفاتيح التحكم.
وصرح مارك مارتن، من شركة مارتن للاستشارات، وهي شركة متخصصة في سلامة الطيران ومقرها جوروجرام في الهند، بأن مكتب تحقيقات الحوادث الجوية والمحققين الآخرين بحاجة إلى مزيد من التحقيق في كيفية فصل مفتاح الوقود. كما تساءل عن سبب عدم إشارة تقرير الحادث إلى لقطات كاميرا قمرة القيادة.
وقال مارتن، في تصريحات خاصة لـ”فاينانشيال تايمز”:” لن يكون أي طيار أحمقا لدرجة قطع الوقود عن كلا المحركين في مرحلة يحتاج فيها إلى قوة المحرك أكثر من أي وقت مضى. من الضروري أن ننتظر تقرير التحقيق الشامل”.
وأشار التقرير كذلك إلى نشرة صادرة عام 2018 عن إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية “FAA” تتعلق بمفاتيح الوقود ذاتها، والتي تم تركيبها في طائرات بوينج 737، وهو طراز أصغر، وكانت حينها ميزة “القفل” في هذه المفاتيح مفصولة.
وحذرت النشرة من أن فصل ميزة القفل قد يؤدي إلى تحريك المفتاح من وضع “التشغيل” إلى “الإيقاف” بشكل غير مقصود، مما قد يتسبب في توقف المحرك أثناء الطيران. وأوضحت الإدارة أن آلية القفل المستخدمة في هذه المفاتيح مماثلة لتلك الموجودة في عدة طرازات من طائرات بوينج، بما في ذلك بعض طائرات 787.
ومع ذلك، شدد التقرير الهندي على أن إدارة الطيران الفيدرالية لم تعتبر هذه المسألة “حالة غير آمنة”، وبالتالي لم تُلزم شركات الطيران باتخاذ إجراء فوري. وبناءً عليه، لم تقم شركة “إير إنديا” بفحص مفاتيح الوقود في أسطولها، نظرًا لأن التوصيات الواردة في النشرة كانت استشارية وليست إلزامية .
كما أشار التقرير إلى أن الآلية الخاصة بمفتاح الوقود في الطائرة المنكوبة تم استبدالها مرتين، في عامي 2019 و2023، إلا أن ذلك لم يكن لأسباب تتعلق بوظيفة مفتاح الوقود أو مشكلات تشغيلية مرتبطة به.
ويعزز هذا الكشف من تعقيد التحقيق، حسبما قالت الصحيفة البريطانية، خاصةً في ظل غياب تعليمات ملزمة من سلطات الطيران، ما يثير تساؤلات حول كفاية الإجراءات الوقائية الحالية في الطائرات الحديثة، وضرورة مراجعة تصميمات السلامة الحرجة في أنظمة التشغيل.