بين العدسة والضوء.. مصطفى عناد يكشف خبايا التصوير السينمائي وإبداع اللحظة البصرية!

وليد محمد
يعتبر التصوير السينمائي قلب أي عمل فني بصري، فهو ليس مجرد توثيق بصري للأحداث، بل هو فن بحد ذاته يُترجم الرؤية الإخراجية إلى لغة بصرية مؤثرة، وفي عالم يتسارع فيه التطور التقني، تظل أسرار التصوير السينمائي هي المفتاح لإنتاج أعمال خالدة، في حوار خاص، يشاركنا المخرج مصطفى أحمد عناد خلاصة تجربته، كاشفًا عن بعض هذه الأسرار التي تُصيغ اللحظة بالضوء والصورة.
يؤكد عناد أن سر التصوير السينمائي لا يكمن فقط في الإمكانيات التقنية للكاميرا أو العدسات، بل يبدأ من الرؤية المسبقة للمخرج ومدير التصوير، ويقول: “قبل أن نضغط زر التسجيل، يجب أن تكون الصورة موجودة في أذهاننا بوضوح، كيف سيبدو المشهد؟ ما هي المشاعر التي نريد أن نوصلها؟ كيف سيُسهم الضوء واللون والتكوين في تحقيق ذلك؟” هذه الأسئلة هي نقطة الانطلاق لأي تصوير ناجح.
ويُشدد عناد على أهمية الضوء كعنصر رئيسي في فن التصوير، “الضوء هو الرسام الذي يُشكل المشهد، فهم كيفية التعامل مع الضوء الطبيعي وتوجيه الإضاءة الاصطناعية لخلق الظلال والتأثيرات المطلوبة، هو ما يُحول المشهد العادي إلى لوحة فنية، سواء كان ضوءًا ناعمًا يُعبر عن الحميمية، أو قاسيًا يُشير إلى التوتر، فإن التحكم في الضوء هو سر الحكاية البصرية”.
ومن الأسرار الأخرى التي يكشفها عناد هي “الكادرات وتكوين الصورة”، يوضح: “كل كادر يجب أن يكون له غرض، ليس فقط ما نضعه داخل الكادر، بل أيضًا كيفية ترتيب العناصر داخله، استخدام القواعد الذهبية للتكوين، مثل قاعدة الأثلاث، أو كسر هذه القواعد لغرض فني، يُسهم في جذب عين المشاهد وتوجيهها نحو النقطة الأهم في المشهد”.
كما يرى عناد أن “حركة الكاميرا” تُعد عنصرًا حيويًا لإضافة الديناميكية والبعد العاطفي للمشاهد، “هل الكاميرا ثابتة لتعكس الاستقرار؟ هل تتحرك ببطء لتتبع شخصية أو تكشف عن تفاصيل؟ أم أنها سريعة ومهتزة لتعكس التوتر أو الفوضى؟ كل حركة لها دلالتها وتُساهم في سرد القصة بشكل أعمق”.
ويؤكد المخرج مصطفى أحمد عناد أن التطور التقني في عالم التصوير السينمائي مذهل، ولكن “اللمسة الإنسانية والرؤية الفنية” ستظل هي العنصر الأهم، “التقنيات تُساعدنا على تحقيق رؤيتنا، لكنها لا تُصنعها، والسر الحقيقي يكمن في الشغف، التجريب المستمر، والقدرة على رؤية الجمال في التفاصيل، وتحويلها إلى لحظات سينمائية لا تُنسى تلامس القلوب والعقول”.