مقامة أدبية حل اللغز .. هيام العماطورى
مقامة أدبية حل اللغز .. هيام العماطورى

الأديبة د. هيام العماطوري (سوريا)

ها قد تداركنا الغياب يا أحبتي ..وحضر أبو العباس ينسج قصتي ..فعزم في جمع الربع للتسلية والمدام.. والفائدة من حسن الختام ..فأخذ يصدح صوته الجهور بخير الكلام ..فقال : أيها السادة أقعدني المرض عن وصالكم زمناً ..وعدت أكمل ما بدأت فلنتخذ من الله عوناً ..وبعد وقد بلغ ميمون الشك والريبة أقصى منتهاها ..ولا يصدق لميمونة دعواها ..فما كان منه إلا ملاطفتها لعلها تعترف وتقر ..وهو بدوره يكشف السر…استحلفها بحبه قالت لا علم لي .. ولا خبر.. ولم يعد عيشي معك يسر …
ولم أنطق لأحد ٍ ببنت شفة ..فكفاك تخونني كفى..ثم تجهش بالبكاء وقلبه يتقطع عليها والأحشاء ..وفي ليلة ٍ دهماء جافاه المنام ..فجلس في فراشه واستقام ..راودته فكرة عجيبة ..فقال علها تنفع لفك الأحجية الرهيبة..فجاء برجل ٍ يدعى دُلامة و بالحيلة طلب منه على مرأها ، يعطيه كيساً من المال … ذهباً وجواهر يزوغ لها البصر ويغتال… هدية من مولاه المأمون ولم يطيل الجدال ..ثم مضى الرجل في الحال.. فأتى إلى ميمونة يمسكها بقوة واثخنها ضرباً ..وهي تصيح ولا تستريح يهددها بألا تخبر مخلوق..وإلا فسوف يجهز على صوتها المخنوق ..ومنعها من الخروج للحي والسوق ..فبكت بحرقة..وشجين قلبها معتوق ..فمضت لقن الدجاجات تخبر مأساتها للريح وتذري دمعاتها وتنوح .. وما انتابها من ويل ..تتألم وقد طفح الكيل ..وافضت جعبتها من الآلام ..وتنهدت حتى انتهى الكلام ..لقد وضع زوجي ميمون كيساً من الذهب …في حفرة ٍ أمام بابنا من الغرب ..وها قد أخذت نصيبي من الضرب… قبل أن أشكو يا للعجب ..فكان ميمون
يبكي و يؤلمه حالها و كيف أوسعها ضرب ؟. . تماسك وانصت دون حراك …واسفل الجدار تراقص قلب صهيب من الأعماق فالليلة لديه غزو و انتهاك ..يمني نفسه بغنيمة دون عراك ..كفكفت المسكينة دمعها المفجوع ..واقفلت للبيت في رجوع ..
ولا تدري ما الخطب ؟..ترّقب ميمون كل التحركات داخل البيت وعند كل حركة ينتصب ..فهاله في الخارج هسهسة أقدام ..تسير إلى الحفرة بالتمام ..وبدأ صهيب الحفر ..وخروج الذهب ينتظر .. بينما هو أيها السادة في فرح ٍ واختبال ..امتشق ميمون سيفه ورمى عليه الحبال . .واثخنه لكمات وقتال ..علمت على وجهه الكدمات في الحال ..واجلسه في زاوية مهجورة يستنطقه اعترافاً به تكتمل الصورة ..أبى القول ..فعنفه بقوة ..وبعد حين خرجت الحقيقة جلية . .وميمونة بريئة نقية ..غير أن لسانها يجلب لها المتاعب ..وقلبها بات مخلوع من المصائب ..فألقي القبض على صهيب متلبساً بفعلته المشؤومة..وأخذ العسس المحتال.. ورموه في سجن ٍ لا يصلح مداساً للنعال..ولا ينفع مرقداً للبغال ..أما ميمونة ..فكان جزاء ثرثرتها الخصام حتى تتوب وتغيىر طبائع النوح والإرتجال . .لأصل وإياكم أيها السادة إلى ضرورة تغير السلوك والعادة ..ويكون قلبك مخزن أسرارك ..ومعاملة حسنة لأهل ديارك ..فالشيطان يبحث عن الضحية في النفوس الضعيفة أو القوية على الشر ..ويبث سمه ويغل ..ويفترش لك سجادة من الطاعة ..فتزول عن نفسك القناعة… وتمسي للشر دون مناعة ..لعلنا نتعلم درساً كيف نتدير الأمور ونتحكم بقلوبنا ولا نثور ..وندرك أهداف الأعداء ..فنصل لبر الأمان دون عناء.. أترككم في رعاية الله لألتقي بكم من جديد ونقتفي أثر القائد الصنديد .. وكيف رد عن القوم الغزاة بيد من حديد ؟ إلى ذلك الحين القاكم بسلام فاترفوا بنعمة الأمان ولنغوص في مقامات هيام على لسان أبو العباس لنعرف أحوال الرعية والناس .. فالألفة و المحبة أساس .. وهي الحكم والمقياس… عمتم صباحاً وعافاكم الله من الوسواس .. إلى اللقاء..