الكِندي و حرب اليمن في ظلال حرب العملاق الروسي !
الكِندي و حرب اليمن في ظلال حرب العملاق الروسي !
قد حذر برنامج الأغذية العالمي، الخميس، من أن الحرب في أوكرانيا “ستؤدي على الأرجح والمتوقع إلى زيادة أسعار الوقود والغذاء في اليمن” الذي يعاني بدوره منذ سنوات، مما قد يدفع المزيد من السكان إلى المجاعة مع تراجع تمويل المساعدات.
مِن هذ العنوان نستشعر ما قد تُلقي بظلاله حرب روسيا في هذا الوقت بالذات على المُناخ اليمني العام، إن توقيت الحرب في هذا الوقت قد يضع اليمن في الأشهر القادمة في أسوء حالاتها منذ الثمانية سنين المنصرمة.
ولا يخفى أيضاً أنه في ظل التوتر الروسي أوكراني فالإعلام الضئيل قد يتلاشى عند دعم عملية السلام اليمنية من قِبل مكونات يمنية كائتلاف القوى الديمقراطية للسلام و الوئام في هذه الفترة الحرجة.
وأكبر الجهات المانحة لبرنامج الأغذية العالمي في اليمن هي الولايات المتحدة والسعودية والإمارات وقطر وألمانيا والاتحاد الأوروبي والسويد وكندا وسويسرا.
وناشدت الأمم المتحدة العام الماضي الدول المانحة تقديم 3.85 مليارات دولار لتمويل تكاليف المساعدات، لكن تم التعهد بتقديم 1.7 مليار دولار
فقط في مؤتمر لهذه الدول.
ومن جهة أخرى وبحسب تقارير و آراء محللين سياسيين إن المساعدات التي تأتي من الغرب، من أوكرانيا وغيرها من الدول تذهب للمجهود الحربي الحوثي، وإطالة أمد الحرب وليس لها قيمة على مستوى الأمن الغذائي أو الاقتصادي لليمنيين.
من هذا المنطلق أرى أنَّ الجانب الإعلامي قد يكون المؤثر الأكبر على الحرب في اليمن.
ومن يرى موقف روسيا في الأعوام المنصرمة في دراسات و مؤتمرات سابقة، فإنه على عکس الكثير من الدول الغربية، تحافظ روسيا على اتصالها مع جميع أطراف النزاع في الحرب اليمنية، فهي تعترف بالحكومة اليمنية ((الشرعية )) المعترف بها دولياً، ولكنها لا تُدين جماعة الحوثيين (( أنصار الله )) المسلحة، وعلى صعيد متصل يؤكد دبلوماسيو الدولة الروسية، دعمهم ليمن في ظل الوحدة ، ولكن لا مشكلة لديهم بلقاء المناصرین للإنفصال من الجنوب (( المجلس الانتقالي )) ، وعلى الجانب الآخر، ترفض موسكو اتهامات السعودية لإيران بتسليحها جماعة الحوثيين، دون أن يؤثّر ذلك على مساعيها لكسب ود شيوخ الخليج في نفس الوقت، وترسيخ الشراكات الاقتصادية والدفاعية مع السعودية والإمارات، حليفة السعودية الأولى في حرب اليمن.
في دراسة أجريت عن العلاقات الروسية اليمنية قبل عامين فإن ما تتسم مقاربة روسيا اليوم بالبراغماتية والانتهازية، والتركيز أولاً وقبل كل شيء على المصالح الاستراتيجية طويلة المدى، ومنها الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية التي أبرمتها في السنوات الأخيرة، والتي تعزز أهدافها الجيوسياسية، فتبرم روسيا اليوم شراكات مختلفة، في قطاعات متنوعة مثل الطاقة والتصنيع والزراعة والأسلحة وغيرها، مع دول واقعة على امتداد الطرق التجارية عبر البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر مررواً أيضاً بالمحيط الهندي، وكثيرٌ من هذه الدول تُعد من حلفاء للولايات المتحدة الأمريكية، أو تأثرت بتوسع النفوذ الأمريكي في أعقاب سقوط الاتحاد السوفيتي.
لقد نأت روسيا بنفسها عن سياسات المعسكر الواحد لصالح مقاربة أكثر توازناً في سياق شركائها الإقليميين، فصحيحٌ بأنها وفيةٌ بالتزاماتها مع إيران حليفها التقليدي في سوريا، على سبيل المثال، ولكن هذا لا يثنيها عن محاولة موازنة هذه الميول بعرض خدماتها على السعودية أو الإمارات، واليمن، أحد نقاط المحيط الهندي على أهم المنافذ البحرية في العالم وهنا يكمن مفترق الطرق، فمدرسة الواقع اللتي يتبناها ائتلاف القوى الديمقراطية للسلام والوئام وبتوجيهات رئيس الائتلاف د علي حسن الخولاني دكتور العلوم السياسية في جامعة الجزائر يتضح أن ما هي إلا محور آخر تحرص موسكو على وضع قدم لها فيه لتتمكن من الولوج في الشرق الأوسط بصورة أوسع كقوة موازية.
و من هذا المنطلق على اليمن تيمناً بدول عربية كثيرة الاستفادة من التمدد الروسي وعلى الإعلاميين العرب واليمنيين بالذات الاستمرار و إقامة علاقات محايدة مع الدب الروسي اللذي في طريقه إلى إرجاع عهد روسيا القيصرية و استنباط أخطاء الاتحاد السوفييتي حتى لا يتم الوقوع فيها في العهد الجديد للرئيس فلاديمير بوتين.
وفي خضُمِّ الحرب الروسية لا بد من استمرار المناشدة بتوجه الأنظار القضية اليمنية ودعم مبادرات السلام المتوالية واللتي كان آخرها مبادرة ائتلاف القوى الديمقراطية للسلام والوئام ، و قد حثينا غلى التوجه لإقامة مؤتمر سلام حوار شامل في جمهورية مصر لدعمها الدائم للتحرك في عجلة السلام اليمني والعربي بخطابات الرئيس عبدالفتاح السيسي لها كلما أتى ذِكر القضية اليمنية في المحافل الدولية والعربية.
وقد كانت تحركات الائتلاف في هذا الشأن جلية لمن يتابع الشأن اليمني عن كثب، لما يضمه من نُخبٍ وطنية شريفة لم ولن تدخل في هدر الدم اليمني والعربي ولم تكن ضمن أنظومة الفساد المتفشية في الوسط اليمني.
فارس الكندي
الأمين العام للشؤون السياسية والعلاقات الخارجية