الحوكمة الموارد البشرية مطلب اساسي في المؤسسات التعليمية
بقلم: أ.م.د ميسون عبد الله أحمد الشلمة الأستاذ المساعد بجامعة الموصل بالعراق (كلية الإدارة والاقتصاد – قسم إدارة الاعمال)
الحوكمة الموارد البشرية مطلب اساسي في المؤسسات التعليمية
بقلم: أ.م.د ميسون عبد الله أحمد الشلمة
الأستاذ المساعد بجامعة الموصل بالعراق
(كلية الإدارة والاقتصاد – قسم إدارة الاعمال)
تعد حوكمة الموارد البشرية من الموضوعات الجديدة التي استحوذت على اهتمام عديد من الباحثين والكتاب في ادارة الموارد البشرية، اذ انه يمثل الاطار المعياري الداخلي والخارجي لنجاح أية منظمة كانت باختلاف انشطتها وحجمها.
تهدف الحوكمة الى وضع الامكانيات كلها الضرورية, واللازمة لإجراءات العمل التي تتعلق بالمورد البشري في المنظمة ضمن منظومة الاخلاق, وتتضمن هذه الاجراءات ابتداء” من اختيار الفرد ومنحه الكفاءة والتزامه السلوكي وادارة اداءه من وظائف ادارة الموارد البشرية. لذا يمكن القول ان حوكمة الموارد البشرية ماهي الا نظام او أنظمة يتم عن طريقها توجيه الافراد وضمان خضوعهم للمساءلة. وهي مهمة كحوكمة الموجودات المادية أو رأس المال, فضلا عن مساهمتها الفاعلة في نشر السلوك المناسب في المنظمات مع اخذ العوامل البشرية والاجتماعية بعين الاعتبار في عملية صناعة القرار, لتحقيق نتائج ايجابية لجميع اصحاب المصلحة.
تبنى حوكمة الموارد البشرية على عدد من المبادئ من أهمها: الوضوح والشفافية في تصميم مخرجات العمليات والممارسات التنظيمية, والمساءلة اما الجهات الرقابية في المنظمات والسلطات القانونية واصحاب المصلحة. وتتطلب حوكمة الموارد البشرية الفعالة التنسيق والالتزام والمشاركة في مستويات المنظمة جميعها بحيث يتم اظهار اعلى مستوى من الالتزام بالتكامل بين تخطيط العمل الاستراتيجي وتنفيذه.
الحوكمة لغةً:
الحوكمة لفظ حديث في اللغة العربية، أقره مجمع اللغة العربية في القاهرة 2002 ترجمة للكلمة الانكليزية (Governance) التي من معانيها (حَكَمَ , الحكامة, حوكمة, الحاكمية, الحكمانية) هي تدعيم نشاط المنظمة ومراقبته ومتابعة مستوى اداء القائمين عليها، إذ جاءت على وزن فوعلة (في سياق كل من العولمة او الحوسبة) وهي تشتق من الفعل اليوناني (Kubernao) الذي يعني توجيه وقد استخدمه افلاطون لأول مرة بالمعنى المجازي انتقل بعد ذلك الى اللاتينية ومن ثم لغات اخرى، وتم استخدمها في اللغة الانكليزية للتعبير عن نوع محدد من حكم الدولة (بن منظور,1998)
لذلك تتشابه الحوكمة مع حوكمة الشركات (Corporate Governance) في الدعوة الى الشفافية والافصاح وتشمل الحوكمة ايضا” طريقة عمل الحكومة في ادارة شؤون الدولة, فضلا” عن الجهات المشاركة في عملية اتخاذ القرارات والتنفيذ والمراقبة.
الحوكمة اصطلاحا”:
على الرغم من انتشار استخدام مصطلح الحوكمة في السنوات الاخيرة في عدة مجالات كالاقتصاد والسياسة, الا انه لم يتبلور تعريف محدد لها على الرغم من الاتفاق على المبادئ المكونة لها, ويقوم المفهوم الاساسي للحوكمة على اساس دور الحكومات في ادارة شؤون الدولة قد تغير في السنوات الاخيرة من الدور الرئيس والوحيد في بعض الاحيان، الى الدور المنسق والمنظم, وتعرف الحوكمة اصطلاحا” بانها ” القواعد والاجراءات التي تتبع لضبط وتنظيم العلاقات بين ملاك الشركة، وادارتها، واصحاب المصلحة فيها لتحقيق كفاءة الاداء والفاعلية، وحفظ حقوق كل منهم, وتمكينهم من الرقابة وتقييم الاداء”(مطاوع,2009).
عليه يمكن ان نحدد مفهوم حوكمة الموارد البشرية على منهج او اسلوب عمل يتمحور حول ضبط والسيطرة على سير العمليات الاجرائية في المنظمات بشكل (موضوعي) لضمان حقوق الاطراف جميعها على وفقا (العدالة) للوصول الى مجتمع سعيد ومستقر.
يمكن رصد اهم محطات تطور الحوكمة كما يلي:
1- في عام 1976 عمل كل من (Jensen and Mackling) على الاهتمام بمفهوم الحوكمة وابراز اهميتها في الحد او التقليل من المشكلات التي قد تنشأ من الفصل بين الملكية والادارة. وقد تبع ذلك مجموعة من الدراسات العلمية والعملية التي اكدت ضرورة الالتزام بمبادئ الحوكمة واثرها على زيادة ثقة المستثمرين في اعضاء مجالس الادارة. مما يساعد في جذب المستثمرين سواء كانوا محليين او أجانب, وحث بعض الهيئات العلمية والمشرعين, في عديد من دول العالم , على اصدار مجموعة من اللوائح والقوانين والتقارير التي تؤكد اهمية الزام الشركات بتطبيق تلك المبادئ (Stephane,2003,3-5).
2- في عام 1980 تطرق فاما (Fama) الى مشكلة الوكالة, إذ اشار الى حتمية حدوث صراع بالشركة عندما يوجد فصل بين الملكية والادارة.
3- في عام 1985 قامت جمعيات مهنية مقرها الولايات المتحدة الامريكية منها المعهد الامريكي للمحاسبين القانونيين المعتمدين (AICPA) بتشكل لجنة حماية التنظيمات الادارية (The Committee of Sposoring Organization- COSO-) المعروفة باسم لجنة تريدواي (Treed Way Commission). قامت الاخيرة بدراسة لتحديد العوامل المسببة في اعداد التقارير المالية الاحتيالية واجراءات الحد منها, إذ صدرت في اكتوبر 1987 تقريرها النهائي (Report of the National Commission on Frauchlent Financial Reporting) (Joseph,1989,2). تضمن هذا التقرير مجموعة من التوصيات الخاصة بتطبيق قواعد الحوكمة وما يرتبط بها منع الغش والتلاعب في اعداد القوائم المالية, بالاهتمام بمفهوم نظام الرقابة الداخلية وتعزيز مهمة المراجعة الخارجية امام مجالس الادارة (سليمان, 2009, 16).
4- انهيار بنك الاعتماد والتجارة وافلاس شركة ماكسويل في المملكة المتحدة , وتأثير ذلك على بورصة لندن للاوراق المالية في عام 1992-1991, وما صاحبها ذك من تشكيل لجنة لدراسة اسباب انهيار وافلاس الشركات المسجلة ببورصة لندن برئاسة (Adrian Cadbury), عضو مجلس العموم البريطاني, التي صدرت في 1 ديسمبر 1992 تقريرا عن الحوكمة تحت مسمى تقرير Cadbury.
5- انفجار الازمة المالية الاسيوية في عام 1997, وماتبعها من الازمات المالية في روسيا وامريكا اللاتينية التي توجت بفضيحة شركة (World com.Enron), وما تلاها من سلسلة اكتشاف التلاعب في القوائم المالية للشركات.
6- الازمة المالية التي ظهرت في عام 2008, بعد انهيار كبرى البنوك الامريكية وهو بنك (Brothers Lehman) وتبعتها سلسلة من الانهيارات في الشركات الكبرى داخل الولايات المتحدة وخارجها إذ اثر سلوك تلك الشركات على اقتصاد دولها.
لقد جعلت هذه الازمات الخبراء يبحثون عن أدوات وآليات جديدة للرقابة والمتابعة والنظر الى الحوكمة بنظرة جديدة على انها صمام الأمان لحماية المنظمات من الانهيار.
اهمية حوكمة الموارد البشرية في المؤسسات التعليمية
مع مرور الوقت، اصبحت حوكمة الموارد البشرية ذات اهمية بوصفها العمود الفقري لتنمية الموارد البشرية المستدامة التي تحول الموارد البشرية الى راس مال بشري تضمن هذه كلها النمو التدريجي للمنظمة.
ان الحوكمة ازدادت اهميتها للتغيرات السريعة في متطلبات انجاز الاعمال مما استدعى الى ضرورة احداث تطوير دورها, وتحسينه ويساعد امتلاك حوكمة الموارد البشرية في المنظمات على ما يأتي:
ا- معاملة الموظفين بعدالة بشكل ثابت والالتزام بالقانون والاعتراف بأفضل الممارسات، مع ضمان الالتزام بالقوانين والانظمة المعمول بها في المجتمع.
ب- مؤامة ممارسات ادارة الموارد البشرية باستراتيجية المؤسسة التعليمية ورؤيتها ورسالتها وقيمها.
ج- تساعد على تزويد االمؤسسة باطار لضمان عدم هبوطها الى الفوضوية في غياب القواعد والتعليمات واجراءات العمليات المعيارية التي تتعلق بإدارة الموارد البشرية.
د- تعمل الحوكمة على ايجاد بيئة عمل محفزة للعاملين.
ه- تساعدهم على تحقيق التميز المطلوب في المؤسسة التعليمية.
و- الافادة القصوى والفعلية من نظم المحاسبة والرقابة الداخلية بالمؤسسة.
اهداف حوكمة الموارد البشرية
يسهم تطبيق مبادئ الحوكمة في تحقيق مجموعة من الاهداف وتوضح الاطار الذي يتم فيه وضع اهداف المنظمة واساليب تحقيقها والرقابة على الاداء لتحديد مجموعة من المسؤوليات والممارسات التي تتبعها المنظمة، لتقديم توجيه استراتيجي وضمان تحقيق الاهداف، والتحقق من ادارة المخاطر بشكل ملائم، واستغلال موارد المنظمة بكفاءة وفاعلية .
تهدف مبادئ حوكمة الموارد البشرية وضوابطها الى تحقيق الشفافية والعدالة، ومنح حق المساءلة لأداء العمل, ومن ثم تحقيق الحماية لجميع العاملين مع مراعاة مصالح العمل, والحد من استغلال السلطة في غير المصلحة العامة، مما يؤدي الى التنمية المستدامة، تؤكد هذه المبادئ اهمية الالتزام بأحكام القانون, ووجود هياكل ادارية تمكن من محاسبة الادارة, مع تكوين لجنة مراجعة من غير اعضاء مجلس الادارة التنفيذي تكون لها مهام واختصاصات وصلاحيات عديدة لتحقيق رقابة مستقلة على التنفيذ.
ويمكن توضيح الاهداف فيما اشار اليه Mercer,2003)) بأنها تسعى نحو شفافية سياسات وعمليات الموارد البشرية، والالتزام، وثقة الموظف، في حين يؤكد (World Bank,2005) على انها كبح مخالفات الإدارة وضمان التناغم الفعال بين الإدارة والعاملين, واضاف (يعقوب،2006) ماهو الا غرس روح الانتماء للعاملين في المنظمة.
مستويات حوكمة الموارد البشرية
تعد مستويات حوكمة الموارد البشرية مهمة لمواءمة الاساليب المختلفة في حوكمة الموارد البشرية، وتساعد هذه المستويات مع خيارات مختلفة لحوكمة الموارد البشرية في بناء رؤية واضحة لمستوى التعقيد عند التعامل مع اصحاب المصلحة المختلفين بوصفهم جزءا” من نهج متكامل لإدارة الموارد البشرية (SABPP,2018,8)، ولم تحظ مستويات الحوكمة باتفاق موحد عليها، اذ لم يتم الاتفاق على عدد مستوياتها فهناك من قصرها على ثلاثة مستويات واخر حددها باربعة ومنهم من وسعها الى ستة مستويات هكذا، ويمكن ارجاع التباين الحاصل في عدد المستويات الى التغيرات والتطورات الحاصلة في تطبيقات الحوكمة لتشمل المجالات المختلفة، اذ لم يعد بإمكان اي كيان مؤسسي او جماعي العمل خارج نطاق هذا المدخل سواء على الصعيد (العالمي, والدولي, والوطني, والمحلي, والمنظمي.
مستويات حوكمة الموارد البشرية
المستوى
المجال
دواعي الاستخدام
التطبيقات
1
-حوكمة عالمية
– حوكمة فرعية او متعددة المستوى –Mutli-Level
المنظمة الدولية
تحسين شؤون الدولة
تعزيز كفاءة وفاعلية اجهزة ومنظمات الدولة المختلفة
2
حوكمة المستوى الادنى Minimal-state
الفاعلية في قطاعات الدولة من غير الحكومة
تجميع القرارات الفردية للفاعيلن في قطاعات الاعمال
منظمات القطاع الخاص المختلفة
3
حوكمة الادارة العامة الجديدة New public Management
المنظمات العامة
ادخال أساليب عمل وهيكل جديد
تسيير وتحفيز المنظمات العامة
4
حوكمة شبكة العلاقات الخارجية Network Level
المنظمات غير محلية
لاتخاذ قرارات تخص بيئة العمل الدولي
نظام الضبط الاجتماعي لتنظيم الفاعلين على وفق طرق غير رسمية
5
حوكمة شبكة العلاقات المنظمة ذاتيا Self-organization
المنظمة المحلية
استقلالية المنظمات في ادارة اعملها
تنسيق شبكة علاقات منظمة ذاتيا بين الفاعلين كلهم
المصدر: (محمد,2019, تأثير الذكاء الاجتماعي في تحديد استراتيجية ادارة الصراع الملائمة بتوسيط حوكمة الموارد البشرية, جامعة بغداد, الطبعة الاولى, الصفحة 144)