السفيرة مريم الكعبي: تنظيم الإمارات لـCOP28 يعكس ثقة العالم..والعلاقة مع مصر وثيقة وقائمة على التعاون البناء

أكدت مريم خليفة الكعبي، سفيرة الإمارات العربية المتحدة لدى جمهورية مصر العربية والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية، أن تنظيم دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ “”COP28 يعكس ثقة العالم بمكانة دولة الإمارات كونها مركز فاعل ومؤثر في إيجاد حلول عملية للقضايا الدولية المحورية، موضحة أن العالم على وشك أن يشهد أنجح مؤتمر بشأن تغيُر المناخ.

ولفتت الكعبي إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي حريص على تعظيم التعاون ونقل الخبرات المصرية لدولة الإمارات في تنظيم COP28 لاسيما في ظل خصوصية العلاقات المصرية الإماراتية وذلك لضمان خروج المؤتمر بنتائج إيجابية في صالح دعم العمل المناخي الدولي.
وفي ما يلي نص الحوار:

في البداية كيف ترين أهمية إسناد تنظيم COP28 إلى دولة الإمارات وانعكاس ذلك على دورها دولياً؟

في الحقيقة أن استضافة مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ COP28 يعكس ثقة العالم بمكانة دولة الإمارات كمركز فاعل ومؤثر في إيجاد حلول عملية للقضايا الدولية المحورية.
وتأتي القمة مواكبة للنهج الذي تسير علية الدولة والذي يعتمد على رؤية استراتيجية استباقية في إطار جهودها المناخية، وكان آخرها إطلاق “المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي بحلول 2050” بهدف خفض الانبعاثات وتحقيق الحياد المناخي، وهو ما يؤكد على قدرة دولة الإمارات إحداث تغيير إيجابي لضمان مستقبل قائم على التنمية المستدامة.

ما هي ملامح خطة تنظيم المؤتمر مع العدد الكبير المتوقع من المشاركين؟

أعلنت اللجنة الوطنية للإشراف على استضافة هذا الحدث الدولي الأبرز بمدينة إكسبو في دبي، برئاسة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، والرئيس المعيَّن للقمة الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، عن التحضيرات للقمة التي تشير إلى أن العالم على وشك أن يشهد أنجح مؤتمر بشأن تغيُر المناخ من حيث الجوانب التنظيمية واللوجستية والتكنولوجية، وذلك مع استقبال الدولة عشرات القادة ورؤساء الحكومات والمئات من ممثلي المنظمات والخبراء في مجال العمل المناخي، وهي مسألة ليست جديدة على دولة الإمارات التي نظمت في السابق العديد من الفعاليات الدولية بحضور مكثف ونجحت في إبهار الحضور بمستوى التنظيم المتميز.

الرئاسة الإماراتية لقمة المناخ أطلقت شعار “عالم واحد”، ما هي أهداف اعتماد هذا الشعار؟

جاء شعار “عالم واحد” من منطلق رؤية وتوجيه القيادة الرشيدة في دولة الإمارات بأننا نعيش في عالم واحد عالم نحتاج فيه إلى التعاون والعمل الشامل والتكاملي لتحقيق نقلة نوعية في التقدم نحو أهداف اتفاق باريس.
سيركز مؤتمر الأطراف COP28 على التعاون والعمل المشترك عبر تضافر الجهود ومد جسور الحوار بين دول الشمال والجنوب، كما ستعمل دولة الإمارات خلال المؤتمر على توفيق الآراء والسعي إلى تحقيق إجماع عالمي حتى نتمكن من تحقيق التقدم ورفع سقف الطموح المناخي والانتقال من مرحلة وضع الأهداف إلى تنفيذها.

يأتي تنظيم COP28 بعد قمة نجحت جزئيا في حلحلة قضايا تغير المناخ في مصر.. ما هو حجم التنسيق بينكم وبين الرئاسة المصرية لمؤتمر المناخ COP27 وأبرز الموضوعات التي يتم التركيز عليها؟

العلاقة بين دولة الإمارات ومصر أخوية وثيقة قائمة على الفهم المشترك والمواقف الواحدة تجاه معظم القضايا، وعلى تبادل الخبرات والدعم الدائم، وهناك تواصل دائم مع الفريق الرئاسي للمؤتمر من أجل التنسيق مع الجانب المصري، حيث تم عقد العديد من الاجتماعات بهذا الشأن مثل الاجتماعات المشتركة التي عُقدت في فبراير بألمانيا، كما شهدت القمة الحكومية في دبي تنظيم ندوات خاصة بتغير المناخ، والتي شاركت فيها رئاسة COP28، ويتواجد فريق خاص من الرئاسة المصرية لـCOP27 في دولة الإمارات ولغاية انعقاد COP28 لتبادل الخبرات بهذا الشأن.

وقد أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أثناء تسليمي دعوة المشاركة في القمة العالمية للعمل المناخي التي تفتتح فعاليات COP28 الحرص المتبادل على تعظيم التعاون ونقل الخبرات المصرية في هذا الصدد، لاسيما في ظل خصوصية العلاقات المصرية الإماراتية وذلك لضمان خروج المؤتمر بنتائج إيجابية في صالح دعم العمل المناخي الدولي بكل مكوناته.

كما كلفت رئاسة COP28 بالتعاون مع مصر الشقيقة فريق خبراء رفيع المستوى لإعداد تقرير ثانٍ من أجل تحديد الظروف المناسبة لتطوير التمويل المناخي، وتهيئتها لبدء الحوار، وسيتم مشاركة نتائج ومخرجات هذا التقرير خلال القمة العالمية للعمل المناخي التي سيشهدها COP28.

فور الإعلان عن تولي رئاسة COP28 أعلنت دولة الإمارات أن القمة تستهدف اتخاذ إجراءات وترتيبات جديدة للعمل المناخي في العالم.. ما هي ملامح هذه الإجراءات؟

وضع فريق رئاسة مؤتمر الأطراف COP28 خلال شهر يوليو الماضي في بروكسل خطة عمل قابلة للتطبيق تهدف لتوحيد الجهود ووضعت أمامها هدف واحد وهو الحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية، وذلك من خلال أربع ركائز أساسية.

ومن بين هذه الركائز والإجراءات، التوصل لتعهدات عالمية بشأن تسريع تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل في قطاع الطاقة عن طريق زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة ثلاث مرات إلى 11,000 غيغاواط، وزيادة إنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات بحلول 2030، ومضاعفة معدل كفاءة الطاقة بالتزامن مع خفض انبعاثات الميثان في قطاع النفط والغاز إلى الصفر، وتحقيق تقدم ملموس في تطوير الحلول المستدامة، وبناء منظومة طاقة مستقبلية خالية من الوقود التقليدي . كذلك تطوير حشد الإجماع العالمي للاتفاق على آليات التمويل المناخي وتطوير الهيكل المالي الدولي الحالي الذي تم تصميمه ليلائم ظروف القرن الماضي بشكل جذري، وهدف هذا التطوير تمكّن مؤسسات التمويل الدولية وبنوك التنمية المتعددة الأطراف من تحفيز رأس المال الخاص بالتمويل الميسر الكافي حيث يجب إعادة الثقة بين دول الشمال والجنوب العالمي من خلال الوفاء بالتعهدات السابقة مثل وفاء الدول المانحة بالالتزامات التي قطعتها في عام 2009 بتوفير 100 مليار دولار للتمويل المناخي.

كما تركز أهداف القمة على توفيق الآراء العالمية من أجل وضع جهود الحفاظ على البشر وتحسين الحياة وسُبل العيش في صميم العمل المناخي، إذ يعتبر COP28 موضوعي التخفيف والتكيُّف على نفس القدر من الأهمية عند التطرق للطبيعة والغذاء والصحة، ولهذا يجب اعتماد إطار شامل وحاسم للهدف العالمي بشأن التُّكيف بالتزامن مع وضع مستهدفات واضحة ومحددة له وسيشهد COP28 تخصيص يوم للصحة يُقام فيه أول اجتماع وزاري للصحة والمناخ ضمن مؤتمرات الأطراف برنامج.

كما يستهدف المؤتمر مضاعفة التمويل المخصص للتكيف بحلول عام 2025، والتفعيل الكامل لصندوق معالجة الخسائر والأضرار الذي تم الاتفاق على إنشائه في مؤتمر شرم الشيخ العام الماضي.
وأخيراً، سيعمل المؤتمر على ضمان احتواء الجميع بشكل تام في منظومة العمل المناخي، إذ يعتمد نهجنا على احتواء الأطراف المتأثرة بتغير المناخ وكل من يمكنه إحداث تغيير إيجابي وتقديم الحلول المناسبة، وهذا يشمل ممثلي الحكومات والقطاع الخاص والأكاديميين والمهندسين والشعوب الأصلية ومجموعات المنظمات غير الحكومية والشباب والنساء.

ما هي أبرز المبادرات التي تعدون لطرحها خلال COP28؟

سيتم طرح القائمة الأولية للمبادرات خلال القمة والتي اعتمدتها وزارة التغير المناخي والبيئة تتضمن 78 مبادرة تشمل كافة مجالات قضايا البيئة وتغير المناخ، وتركز على المحاور الرئيسية على الحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة، وخفض مستويات تلوث الهواء، وتحول الطاقة والأمن الغذائي، وقضايا المياه والجفاف والتصحر، وكذلك قضية زيادة الهجرة والنزاعات، إلى جانب سبل حماية المرأة والأطفال من تداعيات تغير المناخ.

من وجهة نظر سعادتكم ما هي أبرز إنجازات مصر في كوب27؟

مصر نجحت في تنظيم قمة المناخ ويتضح ذلك من خلال توقيعها العديد من الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون مع عدد من الدول وعدد من الشركات العالمية المتخصصة في إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة للاستفادة من قدرات مصر في إنتاج الطاقة الشمسية والطاقة من الرياح وإنتاج الهيدروجين الأخضر، حيث تحظى مصر باهتمام كبير من مستثمري الطاقة النظيفة، كما يرى الكثير منهم أنها موقع رئيسي لبناء مزارع طاقة الرياح والطاقة الشمسية ومحطات الهيدروجين الخضراء.

وعملت مصر خلال كوب 27 على إنشاء صندوق لزيادة الدعم الموجه للدول الأكثر تضررا ويجري حاليا التفاوض على آلية إلزام الدول الغنية بدورها تجاه الدول المتضررة وهو الدور التي ستعمل على تكريسه دولة الإمارات خلال القمة.

وما هو الجديد بخصوص الاتفاقية التي تم توقيعها بين مصر والإمارات لإنشاء مشروع طاقة الرياح بقدرة 10 جيجاوات؟

يعد مشروع إنتاج طاقة كهربائية بقدرة 10 غيغاواط من طاقة الرياح أحد أكبر مشاريع طاقة الرياح في مصر، وتم توقيع وثيقة بشأن المشروع بحضور معالي الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ومعالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» ومسؤولي عدد من الشركات، وسيقام المشروع في غرب سوهاج على مساحة 3 آلاف كيلو بقدرة 10 غيغاواط وهي قدرة غير مسبوقة عالمياً في مكان واحد.

الإمارات لها تجربة رائدة في استغلال مواردها الوطنية خاصة في مجال الطاقة النظيفة.. هل نتوقع مع رئاستها لـ COP28 أن يشهد ملف الاستثمار في الطاقة النظيفة طفرة كبيرة محلياً وإقليمياً؟

تتخذ دولة الإمارات العديد من الخطوات المتسارعة في مجال العمل المناخي ومواجهة أزمة التغيرات المناخية، وتعد واحدة من أكثر الدول التي تستثمر في مجال الطاقة المتجددة، ومن المقرر أن يتم عقد شراكات مع الحكومات في جميع أنحاء العالم من أجل المساهمة بأهداف COP28 الخاصة بمضاعفة كفاءة الطاقة وزيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة ، ومضاعفة إنتاج الهيدروجين.

وقد شهدت قمة المناخ الإفريقية عن مبادرة تمويلية ضخمة، أطلقها فريق رئاسة COP28 بين دولة الإمارات وإفريقيا تستهدف دعم قدرة القارة في مجال النمو الاقتصادي الأخضر لقيمة إجمالية تصل إلى 4.5 مليار دولار. حيث تسهم قارة إفريقيا بـ 3% فقط من الانبعاثات العالمية، إلا أنها الأكثر تأثراً بتداعيات تغير المناخ، رغم الإمكانيات واعدة والقدرات الكبيرة التي تتمتع بها.

جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية أظهرت مدى هشاشة النظام الغذائي العالمي خاصة أن التغيرات المناخية تؤثر بشكل كبير على دول جنوب الصحراء هل أعددتم مبادرات خاصة في مجال الزراعة؟

إنّ نقص التمويل والتأثير المستمر لجائحة كوفيد-19، وعدم كفاية قدرات الموارد البشرية تشكل عوائق رئيسية أمام التقدم، حيث إن الاستجابة لتغير المناخ لاتزال مجزّأة وتعاني نقص التمويل ما يترك النظم الغذائية والصحية والمجتمعات التي تخدمها عرضة للخطر، وهو ما سيتم مناقشته خلال المؤتمر. ونظرا لخطورة قضية الأمن الغذائي تعتزم دولة الإمارات التركيز خلال COP28 على مستقبل الإمداد الغذائي العالمي، من خلال طرح مبادرات عملية تحول دون زيادة معدلات الجوع وسوء التغذية، إلى جانب تعزيز الابتكار في مجال الزراعة ووقف التصحر المتزايد في العديد من الدول الإفريقية والآسيوية، وإدارة المياه، وكلها قضايا ناتجة في الأساس عن زيادة غازات الاحتباس الحراري.

ما هي أبرز نماذج العمل البيئي والمناخي المتوقع إلقاء الضوء عليها في COP28.. وهل سيكون للشباب دور في القمة؟

تعمل دولة الإمارات وفق رؤية واضحة على مواجهة التحديات العالمية بذهنية إيجابية ووسائل مبتكَرة، وتحرص على التعاون مع شركاء يتبنّون الرؤى والأفكار والتوجهات نفسها في العمل المناخي لتحقيق التنمية المستدامة، ومن المقرر أن تشهد قمة COP28 أكثر من منصة لتسليط الضوء على الدور المهم للشباب في ملف مكافحة تغير المناخ إيماناً بأهمية إبراز أفكارهم ومبادراتهم في مواجهة التغير المناخي.

وضمن جهود ومبادرات رائدة المناخ للشباب لتعزيز دمج وإشراك الشباب لصناعة نموذج ناجح لمؤتمرات الأطراف المستقبلية، اطلقت معالي شما المزروعي، وزيرة تنمية المجتمع ورائدة المناخ للشباب برنامج “مندوبي الشباب الدولي للمناخ” التابع لـ COP28، وهو أكبر مبادرة من نوعها لتمكين الشباب من جميع أنحاء العالم، لضمان تمثيلٍ أفضل للشباب على طاولة المفاوضات، خاصةً من البلدان الأقل نمواً والدول الجُزرية الصغيرة النامية، حيث يضم 100 مندوب، يُمثل 36 منهم قارة أفريقيا.

ومن المقرر كذلك أن تشهد قمة COP28 نماذج محلية لإيجاد آليات مبتكرة لتمويل العمل المناخي بشروط ميسّرة وبتكلفة معقولة كمثال عمل يمكن تعميمه عالمياً في تمويل مشروعات تغير المناخ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى