نَفَحاتْ …د.علي أحمد جديد

نَفَحاتْ …د.علي أحمد جديد

                       

سألني صديقي :

– لماذا لا أراكَ تصلّي .

* أنا في صلاةٍ دائمةٍ في كل ما أقوم به .. ولكنك لاتنتبه ، لأن من يُصلّي حقيقةً فإنكَ لا تراه . 

– تعني أنك تصلّي؟

* نعم .. فما من قطرةٍ في البحر وتستطيع أن لا تكونَ في أعماقِ المَوج .. وإنما نحن مجرد قطرات في أمواج الكون ..

– ولكن كيف تصلّي وأنت تعمل ، أو وأنت تتحدث معي الآن ؟

* وهل تعتقدني أصلّي صلاةَ شحاذٍ أنانيّ يَتذَلّلُ في صلاةٍ من أجل أطماعه ومخاوفه وحاجاته؟ .. إنني أصلّي صلاةَ الرِجال . 

– وكيف يصلّي الرِجال؟

* أصلي حين أطهّر قلبي من كل الشوائب ، ولا أبقي في نفسي إلا الحب .. بالحب أصلّي وبالحب هي الصلاة الحقيقية لله وليس بغيره .. وبالحب ستكون صلاتي لله وحده ، ولأنه هو الحب فلن يقبل أي صلاة من قلبٍ يخلو من الحب .. 

أقف بين يديه وأرى الله يسألُني : “ماذا فعلت منذ آخر صلاة صليتها ؟.. 

فأقول في قلبي بحيث لا أحدَ يَسمعُني سِواه : 

ياربِّ لقد أحببتُ فلاناً الذي أساءَ لي كما أمرتني ، ومسحتُ على رأسِ ضَعيفٍ مسكينٍ لإرضائك أنتَ في إرضائه .. 

وكنتُ مصدرَ أمانٍ لامرأةٍ أحبُّها .. وأطعمتُ عصفوراً وقفَ يُغنّي على شرفتي .. 

وتنفستُ بعمقٍ أمامَ سَحابةٍ جميلةٍ تستحِمُ في ضوءِ الشمس .. 

فيُشعرني الله برضاه ، وأُحسُّ أنه يبتسمُ لي وأنا في صَلاتي دائماً وبين يديه . 

– وأنت حين تشعرُ برضاه ، ألا تطلبُ منه شيئاً ؟. 

* هو أكرم من أن أطلبَ منه أي شيء .. وكلما وجَدَ أن في صلاتك حبّاً أعطى بلا طلبٍ وبلا حدود . 

– ولكن ، ألا يساورك الخوفُ من أن لا يُلبي لكَ أبداً ؟.. 

* بالطبع أخاف ككل إنسان .. أخاف أن لاتكون صلاتي إليه تامةً وكاملة .. 

أخاف أن تُساورني رَغَباتي في صلاتي إليه .. 

– وماذا تفعلُ حين تخاف ؟  

– إن يقيني الراسخَ في قلبي يؤكِّدُ لي أن الحبَّ عبادةٌ تُذهبُ الخوف نهائياً ..كل ماعليك أن تعطي الحبّ .. وأن تتصرفَ بحبّ ، وستُلاقي أن الله يفرشُ في دروبك حبّاً أضعافَ أضعافَ ماتُعطي منه . 

 كالوَردَةِ يَغسِلُني الفَجرُ 

أتَطَّهرُ من آثامِ الليلِ ..

ومِنْ حَمَأ الصَبَواتْ .

أنسَلُّ مِنْ ألَمِ الرَغبةْ ..

وأَعيشُ التَوبَةَ بِدُموعي ..

أعيشُ الطُهرَ بِروحي ..

أسْمو ..

أسْمو لَحَظَاتْ .

كزُجاجَةِ عِطرٍ قدسيٍّ ..

أختزِنُ أريجَ الصَلواتْ .

ما أجملَ أنْ تَسمو الروحُ ..

وتُحَلِّقُ في بُعدِ الرؤيا ..

في الروحِ العَطشى ..

تَتَنَزّلُ في الذاتِ ..

تَدورُ ..

وفي الحبِّ تَهيمُ كالعِطرِ ..

نَفَحاتٍ ..

نَفَحاتْ .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى