بعد الفيتو الخامس خلال شهرين لمصلحة الكيان.. واشنطن تؤيد حرب الإبادة في غزة

علينا أن ننتظر قليلا، حتى يرتفع عدد الشهداء فى غزة أكثر، فالمجرمون الصغار، لم يشبعوا – بعد – من دماء الأطفال والنساء، وعلينا ألا نيأس حين نجد مندوب دولة كبرى يعلن عن شعور بلاده بخيبة أمل، جراء استخدام أمريكا حق النقض (الفيتو)، ضد مشروع قرار لوقف المحرقة التى تجرى فى غزة منذ أكثر من شهرين.يبدو أن عدد الشهداء غير مقنع لأمريكا، لذا استخدمت حق النقض خمس مرات فى أقل من شهر، فقد اعتادت على ذلك، مادام يحمى إسرائيل، ويتيح لها فرصة الهرب من وجه الهزيمة والعدالة، حق الفيتو مكفول لخمس دول دائمة العضوية فى مجلس الأمن: أمريكا، روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا، فهل عرفنا الآن بأى ميزان عدل تزن الأمم المتحدة أمور العالم؟
ضوء أخضر إضافى بمواصلة ارتكاب الجرائم ضد المدنيين
أبو مازن: موقف غير أخلاقى يعكس سياسة واشنطن المخزية.. ويصنفها شريكا فى هذه الحرب
شكرى يدعو الأطراف الدولية لتحمل مسئولياتها لدعم وقف إطلاق النار
أحمد أبو الغيط: الفيتو منع مجلس الأمن من اتخاذ الموقف السياسى والأخلاقى الصحيح لوقف هذه الحرب الجنونية
أعضاء اللجنة الوزارية العربية الإسلامية لبلينكن: ممتعضون من استخدام واشنطن حق النقض.. ونطالب بوقف العدوان فورا
جوتيريش: الفيتو ضربة لسمعة مجلس الأمن وسلطته ومصداقيته تم تقويضها بسبب الانقسامات.. ولن أستسلم
منظمات الإغاثة: غزة الآن أكثر الأماكن خطورة فى العالم بالنسبة للمدنيين.. لا يوجد فيها موضع آمن.. والجوع يفرض سطوت
لم تكن ثمة مراهنة على أن الولايات المتحدة الأمريكية، سوف تتبنى موقفا مؤيدا لمشروع القرار، الذى قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة لمجلس الأمن، مساء يوم الجمعة قبل الماضية، نيابة عن المجموعة العربية، مدعومة بأكثر من 96 دولة عضوا بالأمم المتحدة، والرامى إلى “وقف فورى لإطلاق النار فى قطاع غزة لأسباب إنسانية”، على الرغم من أنه كان يدعو، إلى جانب ذلك، جميع الأطراف بأن تمتثل لالتزاماتها بموجب القانون الدولى، بما فى ذلك القانون الدولى الإنسانى، خصوصا فيما يتعلق بحماية المدنيين، فضلا عن المطالبة بالإفراج الفورى وغير المشروط عن جميع الرهائن، وبضمان وصول المساعدات الإنسانية
الولايات المتحدة – كانت متسقة مع التزامها الإستراتيجى بحماية أمن القوة القائمة بالاحتلال.. ظالمة أم مظلومة، وهو ما تجلى فى مساندتها المطلقة لها، بكل أشكال الدعم اللوجستى والعسكرى والسياسى والاقتصادى والإعلامى، منذ عملية طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر المنصرم، فاستخدمت حق النقض أو ما يعرف بحق “الفيتو”، وهو الحق الذى يخولها، بحسبانها، تنتمى إلى خندق الدول الخمس الدائمة العضوية فى مجلس الأمن، الذى يضم روسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة، رفض أى مشروع قرار، حتى إن كان مقبولًا للدول الـ14 الأخرى المكونة لمجلس الأمن.
وهذه هو ديدن الإدارات الأمريكية المتعاقبة مع الكيان الإسرائيلى، عند عرض أى مشروع قرار بمجلس الأمن يتضمن إدانة أو تنديدا به، جراء سياساته التى تشكل انتهاكا للقانون الدولى، أو القانونى الدولى الإنسانى، وميثاق الأمم المتحدة والمحددات التى استند إليها إنشاء المجلس، وكان أول فيتو مارسته الولايات المتحدة، ضد قرار تقدمت به مجموعة من الدول التى تنتمى للعالم الثالث، يطالب بحماية حقوق الفلسطينيين وانسحاب هذا الكيان من أراضيهم، فى السادس والعشرين من يوليو من العام 1973، ثم تدافعت هذه الممارسة لحق النقض، حتى يوم الجمعة قبل الماضية، فبلغ مجموع المرات التى استخدمته منذ ذلك التاريخ، خمسين مرة منها خمس مرات خلال حرب الإبادة المستعرة، التى يشنها جيش الاحتلال على غزة، دون أى تضع فى اعتبارها أى معيار إنسانى، أو معيار يتعلق بكونها دولة كبرى، يتعين عليها أن تنحاز للأمن والاستقرار فى المعمورة، التى تزعم أنها القطب الأوحد، معيارها الوحيد هو تمكين القوة القائمة بالاحتلال، مما تتصوره نصرا على حماس وقضاء على سلطتها وحضورها فى القطاع، وهو أمر بات بعيد المنال، بعد مضى ما يزيد على السبعين يوما منذ اشتعال حربها الجنونية فيه.
النتيجة الوحيدة للفيتو الأمريكى، الذى حال دون صدور قرار بوقف إطلاق النار – وبالطبع لن يكون الأخير لصالح عدوانية الكيان الإسرائيلى – هو توفير البيئة السياسية، أو ما يطلق عليه ضوء أخضر إضافى، لمضيه قدما فى مشروعه الاستئصالى فى غزة، والاستمرار فى أعمال القتل الممنهج والتدمير المتواصل لكل بنيتها التحتية والمؤسساتية، وذلك ما عبر عنه غير مسئول أمريكى فى مقدمتهم، روبرت وود نائب المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، الذى وصف مشروع القرار بأنه غير متوازن ومنفصل عن الواقع، ولن يحرز أى تقدم على الأرض بأى طريقة ملموسة، لافتا النظر إلى أنه على الرغم من أن بلاده تدعم بشدة السلام الدائم الذى يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين، العيش فيه بسلام وأمن، فإنها لا تؤيد الدعوة المذكورة فى القرار لوقف إطلاق نار غير مستدام، لأنه لن يؤدى إلا إلى زرع بذور الحرب المقبلة، لأنه لا رغبة لحماس برؤية سلام مستدام أو حل الدولتين وفق مزاعمه.
وقبل أيام، برر النائب الأول لمساعدة وزير الخارجية الأمريكى لشئون الشرق الأدنى “هنرى ووستر”، الإقدام على استخدام حق النقض فى مجلس الأمن بالخوف من منح حركة حماس فرصة لإعادة تنظيم صفوفها، وبأن يتسبب وقف النار فى عرقلة قدرة إسرائيل على تحقيق النصر، لكنه يستدرك: أن واشنطن تؤيد هدنة مؤقتة لأسباب إنسانية، وليس وقفاً شاملاً لإطلاق النار، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لا تضع للكيان الإسرائيلى خطوطاً حمراء فى العمليات العسكرية الجارية، ولا تضع أيضاً جدولاً زمنياً صارماً لإنهاء الحرب فى قطاع غزة، لكنه عبّر عن تفاؤله بإمكانية المضى قدماً فى حل الدولتين، وهى الأكذوبة الكبرى التى تخدر بها إدارة بايدن الفلسطينيين، منذ أن جاءت إلى السلطة قبل أربع سنوات، دون أن تقوم بمقاربة حقيقية تجاه تطبيق هذا الحل، الذى يعتقد كثيرون أن رصيده السياسى والواقعى نفد.
رسائل تفطر القلب
وكان الوفد الأمريكى، قد عرض إدخال تعديلات جوهرية على مشروع القرار، منها التنديد بهجمات حماس فى السابع من أكتوبر لكن لم الاستجابة لها، لاسيما أنه تم تجاوز هذه النقطة، وباتت الأولوية لوقف إطلاق النار المستدام، وذلك فى ضوء المحددات التى استند إليها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، فى الخطاب الذى أرسله لرئيس المجلس يوم الأربعاء قبل الماضى، يفعّل فيه للمرة الأولى المادة التاسعة والتسعين من ميثاق الأمم المتحدة، وفقا للصلاحيات الممنوحة له، نظرا لحجم الخسائر فى الأرواح البشرية فى غزة، التى تنص على أن “للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أية مسألة، يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين، وفى هذا الخطاب سلط “جوتيريش” الضوء على 3 نقاط رئيسية:
> عدم وجود حماية فعالة للمدنيين: “لا يوجد مكان آمن فى غزة.
> نفاد الغذاء، فوفقا لبرنامج الأغذية العالمى، هناك خطر كبير للجوع الشديد والمجاعة فى غزة.
> انهيار النظام الصحى فى غزة فيما تتصاعد احتياجات السكان.
وشدد جوتيريش فى خطابه، على ضرورة أن يفعل المجتمع الدولى كل ما يمكن لإنهاء محنة سكان غزة، موضحا أنه أرسل خطابه إلى مجلس الأمن مستخدما المادة 99 من الميثاق، “لأننا وصلنا إلى نقطة الانكسار، وثمة خطر كبير للانهيار التام لنظام الدعم الإنسانى فى غزة، بما سيُخلف عواقب مدمرة”، محذرا من أن ذلك الوضع قد يؤدى إلى انهيار تام للنظام العام وزيادة الضغط فى اتجاه النزوح الجماعى إلى مصر، لافتا النظر إلى أن خطر انهيار النظام الإنسانى، يرتبط بشكل أساسى بعدم توفير الحماية لموظفى الأمم المتحدة فى غزة وطبيعة وكثافة العمليات العسكرية، التى تحد بشكل كبير الوصول إلى المحتاجين بشدة للمساعدات .
وأضاف الأمين العام قائلا: إن تهديد سلامة وأمن موظفى الأمم المتحدة فى غزة غير مسبوق، فأكثر من 130 من زملائى قُتلوا بالفعل، الكثيرون منهم مع أسرهم، هذه أكبر خسارة بشرية – منفردة – فى تاريخ منظمتنا.
ويصطحب بعض موظفى الأمم المتحدة فى غزة أبناءهم معهم إلى العمل “ليعرفوا أنهم سيعيشون أو يموتون معا”، كما قال – جوتيريش الذى تحدث عن رسائل “تفطر القلب” من موظفين يناشدون المساعدة، مشيرا إلى أن وكيله لإدارة السلامة والأمن، نصحه بأن جميع الوسائل الممكنة لتخفيف المخاطر الماثلة أمام موظفى المنظمة داخل غزة، باستثناء الإجلاء، غير ممكنة بسبب طريقة تطور الصراع، ومع ذلك تعهد الأمين العام بالتزام الأمم المتحدة القوى بالبقاء والعمل من أجل سكان غزة، مشيدا ببطولة العاملين فى مجال الإغاثة الإنسانية، الذين ما زالوا ملتزمين بأداء عملهم على الرغم من المخاطر الهائلة على حياتهم وصحتهم.
تجدر الإشارة إلى أن آخر مرة، تم فيها تفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة فى العام 2006، وبذلك تكون هذه المادة استخدمت 10 مرات فقط منذ إنشاء المنظمة الدولية عام 1945، وهذه المرات هي: الكونغو (13 يوليو 1960، وشرق باكستان (3 ديسمبر1971)، وقبرص(16 يوليو 1974)، وأزمة الرهائن الأميركيين فى إيران (25 نوفمبر 1979)، والحرب الإيرانية – العراقية (23 سبتمبر 1980)، ولبنان (15 أغسطس1989)، وجمهورية الكونغو الديمقراطية (15 مايو 2003)، وليبيريا (28 يونيو 2003)، ولبنان (29 يوليو 2006) والآن غزة .
غير أن كل هذه المبررات التى طرحها جويتريش، لم تغير قيد أنملة فى مواقف الولايات المتحدة، التى تبنت حق النقض وحيدة أوبريطانيا التى امتنعت عن التصويت لأن مشروع القرار لم يتضمن التنديد بحماس، وهو امتناع يبلغ مرتبة استخدام حق النقض، لأنه صب فى مصلحة استمرار العدوان على القطاع، ويتناغم مع موقف مندوب الكيان الإسرائيلى، الذى اعتبر أن “وقف إطلاق النار فى الوقت الحالى يعنى ترسيخ حكم حماس فى غزة واستمرار معاناة الجميع”.
لكن الجديد فى عملية التصويت خلال الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن، أن 13 دولة أيدت مشروع قرار وقف إطلاق النار فى غزة، بما فى ذلك فرنسا التى كانت تتخذ منذ بداية الأحداث، موقفا يكاد يكون متطابقا مع رؤية كل من واشنطن ولندن، بيد أن تفاقم حرب الإبادة فى القطاع أحدث قدرا من التغيير الجزئى، وليس الكلى بالطبع، فمندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة أبدى فى كلمته أمام مجلس الأمن اتفاقه مع المنظور الأمريكى الرافض لوقف إطلاق النار، بحجة أنه سيتيح لحماس ترتيب أوراقها العسكرية، وإن كان قد أكد أن بلاده ستتحرك بشمولية فى التعامل مع الوضع فى غزة سياسيا وعسكريا وانسانيا، وهوعلى أى حال موقف مختلف عن التأييد المطلق للعدوان الصهيونى، يتعين الانطلاق منه عربيا، للقيام بالمزيد من الاختراق، لإحداث تغيير واسع النطاق فى تعاطى دبلوماسية باريس مع هذا العدوان.
واشنطن معزولة
والشاهد أن الفيتو الأمريكى، أظهر واشنطن معزولة وحيدة فى مواجهة أغلبية عالمية منحازة لوقف إطلاق نار مستدام فى قطاع غزة، ما تبدى بوضوح فى حصول مشروع القرار الخاص بذلك، على موافقة جميع الأعضاء الـ15 فى مجلس الأمن، باستثناء الولايات المتحدة التى استخدمت «الفيتو»، وبريطانيا التى امتنعت عن التصويت، وهو ما سيسجله التاريخ سلبا عن فاعلية الدور الأمريكى، على صعيد تحقيق العدالة الدولية، وهى بالأساس هشة وهزيلة، بالذات عندما يتعلق الأمر بالكيان الإسرائيلى، على نحو يعكس ضيق الأفق السياسى والدبلوماسى، لدى دولة من المفترض أنها دولة كبرى وعضو دائم بمجلس الأمن.
فى ضوء ذلك، تعددت الانتقادات للفيتو الأمريكى فى هذه المرحلة من الحرب، التى بلغ فيها القتل والتدمير من قبل جيش الاحتلال شأوا عظيما غير مسبوق، فى صدارتها ما جاء على لسان الرئيس الفلسطينى محمود عباس( أبو مازن)، والذى وصفه بالعدوانى وغير الأخلاقي، وينطوى على انتهاك صارخ لكل القيم والمبادئ الإنسانية، محملا الولايات المتحدة مسئولية ما يسيل من دماء الأطفال، والنساء والشيوخ الفلسطينيين فى قطاع غزة على يد قوات الاحتلال، نتيجة سياستها المخزية المساندة للاحتلال والعدوان الإسرائيلى الهمجى على الشعب الفلسطيني، حيث سيكون لدولة فلسطين موقف من كل هذا.
ورأى أبو مازن أن هذه السياسة الأمريكية، تجعل من الولايات المتحدة شريكًا فى جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقى، وجرائم الحرب التى ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلى، ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، محذرًا من أن هذه السياسة أصبحت تشكل خطرا على العالم، وتهديدا للأمن والسلم الدوليين.
وطبقا للرئيس عباس، فإن هذا الفتيو الذى تحدت به الإدارة الأمريكية المجتمع الدولى، سيعطى ضوءا أخضر إضافيا لدولة الاحتلال الإسرائيلى لمواصلة عدوانها على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، وسيشكل عارًا يلاحق الولايات المتحدة سنوات طوال، مطالبا الأسرة الدولية بالبحث عن حلول لوقف حرب الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وبالذات فى قطاع غزة، قبل أن تتحول هذه الأزمة الخطيرة الى حرب دينية تهدد العالم بأسره.
ولم يختلف توصيف حركة حماس للموقف الأمريكى كثيرا عن توصيف أبو مازن، فقد اعتبرت الخطوة الأمريكية، موقفا لا إنسانيا ومشاركة مباشرة فى “المجازر”، حسبما جاء على لسان عضو مكتبها السياسى “عزّت الرشق”.
مصر مع الوقف الفورى للعدوان
وفيما اعتبر انتقادا ضمنيا للفيتو الأمريكى، شدد سامح شكرى، وزير الخارجية المصرى، على ضرورة تحمل الأطراف الدولية، مسئولياتها لدعم وقف إطلاق النار فى غزة، وإنهاء المعاناة الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين، وذلك طبقا لما صرح به السفير أحمد أبوزيد المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية المصرية، فى تدوينة على موقع التواصل الاجتماعى “إكس”.
ونقلت قناة “القاهرة الإخبارية” عن شكرى تأكيده خلال اللقاء، على أن ما يحدث فى غزّة يقوض القانون الدولى، مشيرا إلى وجود ازدواجية معايير فى النزاع الجارى، وأن الوضع الحالى فى قطاع غزّة لا يمكن استمراره، لافتا النظر إلى وجوب وقف الأعمال القتالية.
وفى السياق ذاته، شدد أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية، على مطالبتهم الولايات المتحدة بتحمل مسئولياتها، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لدفع الاحتلال الإسرائيلى نحو الوقف الفورى لإطلاق النار، وأعربوا عن امتعاضهم جراّء استخدامها لحق النقض “الفيتو”، الذى منع صدور قرار عن مجلس الأمن، يدعو وللمرة الثانية للوقف الفورى لإطلاق النار فى قطاع غزة لأسباب إنسانية، وذلك فى بيان مشترك عقب، اجتماعهم مع وزير الخارجية الأمريكية أنتونى بلينكن بواشنطن مساء الجمعة قبل الماضية – أى بعد جلسة مجلس الأمن بفترة قصيرة – برئاسة وزير الخارجية السعودى الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، بمشاركة سامح شكرى، وزير الخارجية المصرى، ووزراء خارجية كل من الأردن وفلسطين وقطر وتركيا.
وجدد أعضاء اللجنة الوزارية، موقفهم الموحد إزاء رفض مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلى لعدوانها على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، مجددين دعوتهم لضرورة الوقف الفورى والتام لإطلاق النار، وضمان حماية المدنيين، وعلى النحو الذى ينص عليه القانون الإنسانى الدولى، ووقف المأساة الإنسانية، التى تتعمق كل ساعة فى قطاع غزة ورفع كافة القيود التى تعرقل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، مجددين موقفهم الرافض جملة وتفصيلاً لجميع عمليات التهجير القسرى، التى يسعى الاحتلال لتنفيذها، مؤكدين أهمية الالتزام بالقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، وتأكيدهم التصدى لها وعلى كل المستويات.
الجامعة العربية تندد
ولم يغب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط عن فضاء التنديد بالموقف الأمريكى، والذى أعرب عن أسفه لأنه – أى الفيتو- منع مجلس الأمن للأسف من اتخاذ الموقف السياسى، والأخلاقى الصحيح لوقف هذا العدوان الجنونى، معربا عن تقديره للدول التسعة والتسعين التى شاركت فى رعاية مشروع القرار، الذى دعا إلى وقف إطلاق النار فى غزة، وكذلك للأعضاء الثلاثة عشر، الذين يؤمنون باحترام القانون الدولى.
وحدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو – جوتيريش، فى مداخلته أمام منتدى الدوحة، يوم الأحد الماضى التداعيات التى أفضى إليها الفيتو الأمريكى على مستوى المنظومة الدولية، بصراحته التى باتت معهودة، ولا تنسجم مع رؤية واشنطن، أو تل أبيب التى طالبت باستقالته، فقد أعرب عن أسفه لفشل مجلس الأمن الدولى باتخاذ قرار بوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، بسبب ما وصفه بحالة التى أصابته، نتيجة “الانقسامات الجيواستراتيجية” التى باتت تقوض التوصل إلى أى حلّ للحرب بين الكيان الإسرائيلى وحركة حماس التى نشبت فى 7 أكتوبر الماضى، معتبرا أن سلطة ومصداقية مجلس الأمن الدولى، قد تم تقويضها بشدة بسبب تأخر تحركه حيال الحرب، واعتبرها ضربة لسمعته تفاقمت مع استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)، ضد قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار إنسانى فى القطاع. وأضاف: لقد كرّرت دعوتى لإعلان وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، وللأسف فشل مجلس الأمن فى القيام بذلك.. وتابع: “يمكننى أن أعدكم، أننى لن أستسلم”.
وفيما يتصل بتداعيات الفيتو على الصعيد الإنسانى، فقد وجهت منظمات إغاثة دولية، انتقادات حادة لفشل تحرك وقف النار فى مجلس الأمن، مشيرة إلى أن مشروع القرار الذى تم إسقاطه، كان سيسمح بإعطاء فرصة لالتقاط الأنفاس للمدنيين الذين يتعرضون لقصف بلا هوادة، موضحة أن الموافقة على مشروع القرار كانت فرصة لوقف العنف، لكنها ضاعت، حسب بيان لمنظمات “أنقذوا الأطفال “ و”العمل ضد الجوع “ و”أوكسفام “ وكير” و”أطباء بلا حدود” و”المجلس النرويجى للاجئين”.
وأكدت هذه المنظمات فى بيانها، أن غزة الآن هى أكثر الأماكن خطورة فى العالم بالنسبة للمدنيين.. لا يوجد فيها موضع آمن، أما برنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة، فقال على لسان نائب مديره كارل سكاو: “لا يوجد ما يكفى من الطعام فى غزة.. الناس يتضورون جوعاً”، مشيراً إلى أن الآلاف من الأشخاص اليائسين والجائعين يتزاحمون عند مراكز توزيع المساعدات.