“صالون الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي” في محبة اللغة العربية

أقيمت في بيت الشعر العربي، التابع لصندوق التنمية الثقافية، فعاليات صالون الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي وناقش موضوع “اللغة العربية واقعها ومستقبلها”، وذلك بمناسبة احتفال منظمة اليونسكو باليوم العالمي للغة العربية.شارك في الصالون الدكتور عبدالحكيم راضي الأستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة، وعضو مجمع اللغة العربية، والدكتور أبواليزيد الشرقاوي الأستاذ بكلية دار العلوم، والدكتورة هدى عطية الأستاذة بكلية الآداب جامعة عين شمس، والدكتور أحمد تمام الأستاذ بكلية الآداب جامعة بني سويف، والدكتور عايدي علي جمعة الأستاذ بجامعة 6 أكتوبر، وأدارت المناقشة الكاتبة والإعلامية سمية عبدالمنعم، الصحفية بجريدة الوفد.

في البداية، أشارت عبدالمنعم إلى أن تاريخ اللغة العربية يزخر بالشواهد التي تبيّن الصلات الكثيرة والوثيقة التي تربطها بعدد من لغات العالم الأخرى، إذ كانت حافزاً لإنتاج المعارف ونشرها، وساعدت على نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة، موضحة أن اللغة العربية تواجه مجموعة من التحديات والإشكالات الأدبية، من بينها المشاكل اللغوية التي خلَّفتها الألسن مختلفة اللهجات، والاختلاط بالأجناس وألسنتِها ولهجاتها، وهو ما خلَّف مسألة الإشكالات اللغوية، وما رافق ذلك من لحن في اللغة وخصوصاً عندما أخذت اللغة العربية مسارها القديم في المتن الديني والقرآني، وأن إشكالية الترجمة، أحد تلك التحديات، فقد مرَّرتْ في متن اللغة العربية مصطلحات ومفاهيم جديدة.

في كلمته، أشار الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي إلى أن الإنسان حيوان ناطق، ومن ثم فإن اللغة شرط من شروط إنسانية الإنسان وخروجه من حيوانيته، وأن العربي لا يكون عربيا سوى بلغته الغربية، مبديا اندهاشه من اللجوء لتسمية الأشياء بكلمات أجنبية مثل “كافيه” و”سوبر ماركت”، رغم وجود بدائل عربية فصيحة، متمنيا أن يتحدث المسؤولون لغة عربية سليمة ليحببوا الناس في لغتهم العربية.

وأضاف حجازي أن اللغة العربية قادرة على التطور مع العصر، موضحا أن الأدب العربي لم يكن به رواية ولا قصة قصيرة ولا مسرحية ولا مقالة صحفية، لكن اللغة العربية استطاعت أن تواكب هذه الفنون، وأصبح لدينا إرث أدبي في هذه الفنون.

ولفت حجازي إلى أن بعض الدول العربية تدرس الطب والعلوم التطبيقية باللغة العربية، دون أدنى مشكلة.

من جانبه، قال الدكتور عبدالحكيم راضي، عضو مجمع اللغة العربية:”نحن في المجمع نقيم مؤتمرات ونصدر توصيات، لمختلف الوزارات، ولم يحدث أن يأخذ أحد بهذه التوصيات”.

وتحدث عن ما أسماه “محنة اللغة العربية بين المجتمع ومؤسسات التعليم”، موضحا أن اللغة العربية كانت عالمية، ثم تحول ذلك الواقع القديم إلى حلم صعب المنال، مضيفا: دائما أطالب أن يخرج المجمع إلى المجتمع، ويطرق الأبواب. مؤكدا أن المجتمع العربي أصبحت إجادة الإنجليزية شرطا للتفاهم والعمل في أي مهنة، ولا أحدأو مؤسسة تشترط إجادة اللغة العربية، وهذه مشكلة ومأساة ونكبة في العالم العربي، فالمجتمع العربي هو المتهم الأول في أزمة اللغة العربية.

وأبدى عضو مجمع اللغة العربية حسرته على ما فعله أبناء اللغة في لغتهم، وقال: عربيتنا محنتها من أهلها، لأن هناك فرقاء ممن يهاجمون العربية، ويتهمونها بأنها صعبة، ويقارنونها بغيرها من اللغات، وهذا كله كلام خاطئ وغير صحيح. مضيفا أن المجتمعات العربيات كلها مسؤولة عن أزمة اللغة، وبعض الأهالي يشتكون أن أبناءهم في مدارس اللغات يتحدثون أحيانا باللغة العربية، وهذه مأساة، أن يشكو ولي أمر من أن ابنه يتحدث بلغة وطنه.

وقال الدكتور أبو اليزيد الشرقاوي “لأول مرة يتم التحدث عن المشاكل التي تواجه اللغة العربية، فطوال عشر سنوات أحضر مناسبات في الاحتفال بلغة الضاد في اليوم الذي خصصته اليونسكو ودائما يكون الكلام عن مديح لها وتغزل في محاسنها دون الحديث عن المشكلات والتحديات”.

وأضاف الشرقاوي أن هناك مشكلات كثيرة في مناهج اللغة العربية في ما يتعلق بتدريس الأدب العربي، وخاصة الأدب الحديث، لافتا إلى أن منهج الثانوية العامة لم يتم تعديله بصورة حقيقية منذ عام 1989، فأصبح الدارس في حالة فراغ فكري وعاطفي، مشيرا إلى ما يثيره نظام “البابل شيت” من أزمات لغوية، وسيؤدي لتخرج جيل كامل لا علاقة له باللغة العربية وآدابها.

واختتم الشرقاوي قائلا: لو أن دولة أجنبية أو جهة خارجية أرادت إفساد علاقة أولادنا باللغة العربية فلن تفعل أكثر مما تفعله مؤسسات التربية والتعليم.

الدكتورة هدى عطية بدأت بالتأكيد أن اللغة ميزة الإنسان، فقد علم الله آدم الأسماء، فنحن نعيش على نحو لغوي، فالإنسان لا يحقق قيم الحق والخير والجمال سوى باللغة، فهي بيت الوجود، وهي التي تجعلنا ندرك ماضينا وتاريخنا ونستعيده.

وأوضحت أن اللغة العربية كانت منحة للإنسان العربي، فالعالم به أكثر منو6 آلاف لغة، والعربية الوحيدة على الأرض التي قاربت على ألفي عام منذ ظهورها ومازالت قادرة على الحياة وعدم الانقراض مثل غيرها، وذلك لأكثر من سبب، منها النص القرآني، لافتة أن العرب قديما كانوا يعتبرون من لا يجيد اللغة العربية “أبكم” أو أعجمي.

وطالبت عطية بإيجاد حل لما يعتبره البعض ازدواجية اللغة الفصحى والعامية، معتبرة أنه لا يمكن لإحداهما أن تزيح الأخرى، أو تتفوق عليها، مؤكدة أنها معركة مفتعلة.

أما الدكتور أحمد تمام فقد قال إن اللغة العربية تعرضت لكثير من الطعنات النجلاء التي تجعلنا دائما على أهبة الاستعداد للدفاع عنها، وتعرضت كثيرا لاتهامات تهدر قيمتها، لكن الوقت الذي نعيشه ليس أقل ضراوة فيما تتلقاه العربية من طعنات، وبعض الدولة العربية تقسمت مثل جنوب السودان التي تتحدث الإنجليزية، كما أن دولا غير عربية مثل تركيا استعادت عن الحروف العربية بحروف أخرى.

وأضاف أننا عندما تخلينا عن الاهتمام باللغة العربية تخلينا عن رافد مهم من روافد هويتنا، لافتا إلى أهمية الترجمة من اللغات الأخرى إلى العربية، وأهمية أن يحدث العكس بالترجمة من العربية إلى اللغات الأخرى لتعريف أهل تلك اللغات بالأدب والفكر العربيين.

بدوره قال الدكتور عايدي علي جمعة إن اللغة بأهلها، فإذا كانوا منتجين للمعرفة فإنها تزدهر، وإذا لم ينتجوا المعرفة فإنها تضمحل، وقد كان العرب قديما منتجين للمعرفة، فكان الكثير من البشر يرسلون أبنائهم للتعلم لدينا في الأندلس وغيرها، ثم حدث الاستعمار وهو ما تسبب في أزمة ثقة لدينا، لكننا في الحقيقة نملك من عناصر القوة الكثير، ولدينا العديد من التجليات المختلفة في كل دولة عربية على حدة.

صالون الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى