الهجوم الإيراني على إسرائيل وتداعياته الإقليمية والدولية

وليدمحمد

قال هانى محمد الباحث السياسي وعضو الأمانة الفنية باللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بوزارة الخارجية المصرية الأسبق ،

أعلنت إيران مساء يوم السبت بدء هجومها ضد إسرائيل بإطلاق عشرات الطائرات المسيرة الانتحارية وصواريخ مجنحة ردا على “جريمة إسرائيل بقصف القنصلية الإيرانية في دمشق حيث استخدمت ايران عشرات من الصواريخ الباليستية وكروز ومسيرات فى الهجوم التى أطلقته من شمال غربي ايران  وجنوبها ووسطها ولكن أضراره محدودة مقابل حجم هجومه وهو يمثل فقط حفظ ماء الوجه الإيرانى أمام الاعتدائات الإسرائيلية بل لم يساعد الهجوم الإيرانى على إسرائيل أمس وسيلة ضغط على إسرائيل لمنع الحرب على غزة تاركا وكلائها خلفها ولم تقم حتى بوسيلة ضغط من خلال هجماتها أمس مستهدفا بنك أهداف حقيقية إسرائيلية تمثل رد قوى إيرانى .

اول مرة يتم هذا العمل بشكل رسمي من الاراضي الايرانية فيما يعتبر اعلان حرب وفق الاعراف الدولية ، وقامت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بتشكيل خط الصد الاول فوق العراق وسوريا والاردن ولبنان

لحماية اسرائيل في اجراء يكشف مدي ضعف اسرائيل علي تقبل هجمة صاروخية كبيرة ( اغراق صاروخي ومسير ) مع عدم ثقة كاملة في المعلومات عن قدرات ايران المتواضعة فى الهجوم الكبير الأخير والذى تم 185 طائرة مسيرة و36 صاروخ كروز و110 صواريخ أرض طبقا لما اعلنتة نيويورك تايمز منذ قليل وهو عدد كبير جدا ، ورغم ذلك خرج تصريح إسرائيلي أمس حيث اعلنت اسرائيل علنا انها قامت بالصد خارج الاراضي الاسرائيلية في تصريح غريب لانة يهدف لرفع معنويات الشعب الاسرائيلي الهارع إلى الملاجىء أمس وأيضا يكشف وجود موافقة لدولة عربية لعمل المقاتلات الاسرائيلية فوقها وعلي الاقل عدم اعتراض او رفض ، وهنا تأتي غرابة التصريح لانها تضع بعض الدول العربية في عداء مباشر مع ايران سيكشفها الأيام القادمة، ولكن تتابعيات الهجوم الايراني أكسب اسرائيل مشروعية دولية سياسية كبيرة في الرد علي ايران في اي مكان واي زمان وهو ما أخدته شرعية لضرب وكلائها بالمنطقة وزعزعة الإستقرار مرة أخرى رغم ان ايران تتصرف كرد فعل علي قصف القنصلية في دمشق لكن الحشد الدولى والدبلوماسي والتى أطلقته وزارة الخريجة الإسرائيلية أمس واليوم للقنوات الاجنبية والحكومات الغربية تمثل جهود متواصلة لتعزيز وجود إسرائيل بسوريا ولبنان والعراق بحجة ضرب وكلاء إيران وهى المصيدة التى أوقعت بها إسرائيل تلك شعوب تلك المناطق ودخولهم فى دوامة عدم الإستقرار .

ودائما يشير الموقف الإيراني إلى تناقضات كبيرة بين ماهو معلن وما هو عملي، حيث يتعامل الموقف الإيرانيببرجماتية، وفقاً لتطور الأحداث،كما يأتي الموقف الإيرانيمن إطلاق صواريخها والمسيرات من داخل أراضيها لأول مرة هو تصعيد كبير ضد إسرائيل والتى هددت إيران بعدها إذا ردت إسرائيل سيكون الرد أقوى وشامل من خلال مصرحالعمليات والرد العسكري بوكلائها المنتشرة بتلك المناطقالتى تحيط إسرائيل وذلك نتيجة الدعم اللامحدود للفصائلالمسلحة في الشرق الأوسط والتي تحيط بإسرائيل سواءمن الشمال والشرق في حزب الله بلبنان وسوريا، وقواتالحشد الشعبي والجماعات الإسلامية المسلحة المواليةلإيران في العراق ،والحوثيين في اليمن، وحماس والجهادالاسلامي في فلسطين من الجنوب، التي تعتبر أذرع إيرانفي المنطقة، وقد عكفت طهران على تمويل وتدريب وكلاء لهافي المنطقة، والتي علي استعداد دائم لمهاجمة المصالحالأمريكية والإسرائيلية، حيث يأتي ذلك في إطار عقيدةإيرانية مفادهاالدفاع الامامي”، والتي ترتكز على أنه منالأفضل لإيران مواجهة خصومها خارج حدودها من خلالوكلاء مسلحين موالين لها.

ولكن هجوم أمس سيكون له تداعيات دولية وتأثير على الأمن الأقليمي  هذا الصراع بين إيران وإسرائيل سيزعزع استقرار المنطقة بشكل كبير وخاصة الدول المجاورة ستكون في خطر الانجرار إلى هذا الصراع أو تأثره بالتبعية.

كما المجتمع الدولي سيضطر للتدخل لوقف التصعيد وإنهاء هذا الصراع العسكري، ربما تفرض قوى دولية عقوبات جديدة على إيران أو تتدخل عسكريًا لحماية إسرائيل.

هذا قد يؤدي إلى تأزم العلاقات الدولية وانقسامات بين القوى العالمية

بالإجمال، يبدو أن الهجوم الإيراني على إسرائيل سيشكل نقطة تحول خطيرة في الصراع الإقليمي، وسيترك تداعيات واسعة النطاق على الأمن والاستقرار في المنطقة والعلاقات الدولية. والمجتمع الدولي سيكون مضطرًا للتدخل بشكل عاجل لوقف التصعيد والحؤول دون اندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق وهو ما تقوم به الولايات المتحدة الان في إحتواء هذه الأزمة وتحقيق التوازن بين دعمها لإسرائيل وعدم الوصول لحرب أقليمية بالمنطقة ، من أهم الدول المجاورة التي قد تتأثر بشكل كبير بتصعيد الصراع بين إيران وإسرائيل  هى سوريا صفتها حليف استراتيجي لإيران، قد تكون سوريا هدفًا لهجمات إسرائيلية رداً على الهجمات الإيرانية.

كما أن الصراع قد ينعكس على الوضع الأمني والسياسي الهش في سوريا.

وكذلك لبنان متمثلة فى حزب الله اللبناني، المتحالف مع إيران، قد ينخرط في الصراع ضد إسرائيل. هذا من شأنه أن يزعزع الاستقرار في لبنان ويؤدي إلى اشتباكات واسعة النطاق على الحدود مع إسرائيل. وبالعراق إيران لها نفوذ قوي في العراق عبر الميليشيات الموالية لها. قد تستخدم هذه الميليشيات العراق كقاعدة لشن هجمات ضد إسرائيل، مما يزيد من التوتر الأمني في العراق.

ومصر كذلك فلقد أثار الهجوم الإيراني على إسرائيل قلقًا كبيرًا لدى مصر نظرا للآثار الإقليمية المحتملة لمثل هذا التصعيد العسكري انتقال الصراع بين إيران وإسرائيل إلى ساحة المنطقة قد يؤثر سلبًا على أمنها القومي. فانتشار العنف والصراعات العسكرية قد ينعكس على استقرار الحدود المصرية وقد يدفع أكثر بشرعية دولية للمضي قدما لاسرائيل لاقتحام رفح وتهجير الفلسطينين وينعكس سلبي على الجهود الدبلوماسية التى قامت بها المخابرات المصرية والقطرية دوال الفترة الماضية فى إحتواء الحرب على غزة خلال شهر رمضان والمضي قدما فى حل تك الأزمة ، كما تخشى أن يؤدي التصعيد إلى اضطرابات في أسواق الطاقة والنفط في المنطقة، مما قد يؤثر على الاقتصاد المصري الذي يعتمد بشكل كبير على استيراد الطاقة. ومع ذلك تأمل مصر في لعب دور وساطة وتهدئة بين الأطراف المتصارعة، لذلك فإن تصعيد الأزمة يقوض جهود مصر للحفاظ على استقرار المنطقة.وعلى الأرجح ستستخدم مصر نفوذها الدبلوماسي والاقتصادي للضغط على كل من إيران وإسرائيل من أجل تهدئة التوتر والعودة إلى المفاوضات. كما قد تتعاون مع دول إقليمية أخرى لتحقيق هذا الهدفمن خلال استخدام قنوات الاتصال المباشرة مع القيادات في إيران وإسرائيل لحثهم على ضبط النفس والعودة إلى المفاوضات ,تنشيط دور مصر كوسيط إقليمي مقبول من الطرفين لتيسير الحوار والتفاوض وتنسيق الجهود الدبلوماسية مع دول إقليمية أخرى كالسعودية والأردن لممارسة ضغوط جماعية على الأطراف.

ومع ذلك هناك أيضا عوامل كثيرة تشكل نمطًا معقدًا منالعلاقات بين ايران واسرائيل مؤخرا ، مما يؤدي إلىاستمرار العداوة والتوترات بينهما  حتى لو تدخلت القوىالدولية فى حل الأزمة التى بينهما الان ، حيث تنظرإسرائيل إلى إيران على أنها تهديد رئيسي لأمنها واستقرارالمنطقة وتصاعد التوترات ، خاصةً بسبب دعم إيرانلوكلائها في المنطقة مثل حزب الله في لبنان وحماس فيغزة.

وتعتبر إيران وإسرائيل نفسيهما دولتين قائمتين علىأساس ديني وأيديولوجي. تقوم إيران على الدين الإسلاميالشيعي، بينما تعتبر إسرائيل نفسها دولة يهودية، هذهالأيديولوجيات المتنافسة قد تزيد من العداوة بين البلدين.

كما تثير المخاوف الإسرائيلية من التقارب الإيرانىالأمريكي ولسماح واشنطن لايران من تخصيب اليورانيوموذلك لموافقتها لها عام 2015 مع تواصل اتفاق القوىالدولية وهو الاتفاق الذي ضم إيران وأمريكا وروسياوالصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، والذى وصف بالاتفاقالتاريخى ، وبالفعل دخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ عام2018 م، ولكن لم تدم الصفقة طويلاً بعد انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق،و  فرض العقوبات على إيران مجددا، منجانب واشنطن

و حتى ولو بعد فترة زمنية طويلة، تعتبر إسرائيل هذاتهديدا لأمنها، ومع استمرار بسط إيران لنفوذها فى الدولالمتاخمة لإسرائيل لتوطيقها، تحاول إسرائيل بكل قوةضرب المناطق التابعة لإيران فى سوريا ولبنان، كما تعرقلوصول إيران لأى اتفاق نووى جديد.

يأتي التحرك الاسرائيلي الأخير تجاه إيران في إطارسياسة جديدة بعد خروج أصوات داخل إسرائيل لعزلنتنياهو واحتجاجات كبيرة مناهضة للحكومة الإسرائيليةوسط غضب ضد نتنياهو وفقد الثقة فى تلك الحكومة لكىيشغل الجبهة الداخلية لديه بقضية أخرى بعد فشل حربةضد غزة وخسارته الرأى العام الدولى وارتكابة مجاذرإنسانية وانتهاكه للقانون الدولي ،

ولكن يجب أن تبذل جهودا دبلوماسية ممكنة للمحاولة في تهدئة التوتر والصراع بين إيران وإسرائيل حيث يمكن للمجتمع الدولي، بقيادة الأمم المتحدة والقوى العظمى مثل الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، الضغط على الطرفين لوقف التصعيد العسكري والعودة إلى المفاوضات وخاصة أن مكسب إيران هو إعادة إتفاقية موافقة الولايات المتحدة على تخصيب اليورانيوم التى وافقت عليها بعام 2015 وانسحبت منها ، فإذا نجحت الجهود الدبلوماسية في إعادة تفعيل الاتفاق النووي مع إيران، فقد يساعد ذلك في تخفيف التوتر والتصعيد بين الطرفين ولكن ذلك سيؤدى إلى زعزة العلاقات مع الدول العربية بالمنطقة إذا أمتلكت إيران سلاح نووى .

في نهاية المطاف، لا بد من إيجاد منصات للحوار المباشر بين إيران وإسرائيل تحت رعاية دولية ونزع فتيل التصعيد بالمنطقة والتى باتت على صفيح ساخن والوصول إلى تسوية سياسية مع إنهاء الحرب على غزة وعودة الفلسطينين إلى شمال غزة وسكنهم وإلبدأ فى عملية إعادة إعمار غزة .

لكن تحقيق هذه الجهود الدبلوماسية سيكون تحديًا كبيرًا في ظل التوترات المتصاعدة والخلافات العميقة بين الطرفين. ستتطلب هذه الجهود إرادة سياسية قوية وتنسيقًا دوليًا واسع النطاق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى