الإبتعاد عن الفتن والفساد .. بقلم الكاتب / محمـــد الدكـــرورى

 

الحمد لله رفع السماء بلا عماد، وبسط الأرض فكانت نعم المهاد، أحمده جل شأنه وأشكره أتم نعمته على العباد، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له إليه المرجع والمعاد وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى الآل والصحب الأمجاد، وعلى من سار على درب الهدى يبتغي الرشاد أما بعد، لقد حدث في غزوة بني المصطلق أنه وقع اقتتال بين أنصاري ومهاجري، ونادى كل طرف على قومه، واستغل عبد الله ابن أبي سلول الفتنة ليجيش الأنصار لطرد المهاجرين، وعلم عمر بن الخطاب فأشار على النبي صلي الله عليه وسلم بقتله، إلا أن النبي صلي الله عليه وسلم رفض ذلك خشية أن يؤدي إلى إثارة عصبية الأنصار ضد المهاجرين، وأمر بالرحيل لإشغال الناس عما حدث. 

وتعود هذه العداوات إلى ما قبل الإسلام، حين لم يكن بين أهل مكة وأهل يثرب ود، وأدرك النبي صلي الله عليه وسلم ذلك، فعند دخول جيش المسلمين مكة، نزع النبي صلي الله عليه وسلم راية الجيش من سعد بن عبادة، سيد الأوس الأنصاري، وأعطاها لعلي بن أبي طالب المهاجري، خوفا من أن يبطش سعد بأهل مكة، لسابق عداوات الطرفين، فكان الحرص علي الأمن والأمان، من النبي صلي الله عليه وسلم لأهل مكه قبل كل شيء، وكما أنه كان أول طلب طلبه نبى الله إبراهيم عليه السلام لتحقيق العبادة أن يكون هناك أمن، فقريش قد أنعم الله عليها بنعمة الأمن، فأطعمها من جوع وآمنهما من خوف، وإن الآيات القرآنية تبين وجوب الاهتمام بهذا الأمر، وأن من يسعى لزعزعة الأمن إنما يريد الإفساد في الأرض، وأن تعم الفوضى والشر بين عباد الله. 

فمن زعزعة الأمن حمل السلاح على الناس، ونشر الأقوال الفاسدة، ونشر الطعن في ولاة الأمر، أو العلماء، أو الطعن في أصل من أصول الدين، وهذه القنوات الفضائية التي تبث ليلا ونهارا، وتغزو الناس في دورهم وفي أماكن أعمالهم ليس خطرها فقط في الأخلاق وإنما خطرها الأكبر زعزعة الأمن، فيجب التنبه والحذر من هذا كله، وكذلك من مظاهر الفساد هو عدم السمع والطاعة لولاة الأمر، الذين أمرنا الله عز وجل، بالسمع والطاعة لهم في المنشط والمكره، وأمر بذلك النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فإن في السمع والطاعة تعاون الجميع واجتماعا للكلمة، وهذا أصل من أصول الدين، بعض الناس يعتقد أن الحديث في موضوع السمع والطاعة، لولي الأمر من المسائل السهلة، فإن جميع أهل العلم جعلوه في باب العقائد، لأن هذا أصل من أصول الدين يجب أن يعرفه كل واحد

وأن يهتم به، ويقول الإمام البربهاري رحمه الله ” من ولي الخلافة بإجماع الناس ورضاهم، فهو أمير المؤمنين، لا يحل لأحد أن يبيت ليلة، ولا يرى أن ليس عليه إمام برا كان أو فاجرا” وإن من مظاهر الفساد أيضا هو ارتكاب المعاصي والآثام، ولقد أوجب الله تعالى علينا طاعته، وألزمنا بذلك، وبين لنا أن الاستقامة على طاعة الله تعالى سبب للتمكين في الأرض، وإذا حققنا التوحيد، فإن التمكين والنصر من الله عز وجل، آت لا شك، والدليل على ذلك قوله تعالى فى سورة الأنعام ” الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ” وقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على كثرة العبادة، وعلى الابتعاد عن الفتن، فعن معقل بن يسار رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ” العبادة فى الهرج كهجرة إليّ ” 

فإذا رأيت الناس يكثرون في أمور لا فائدة منها فاعتزلهم، ويقول الإمام النووي رحمه الله، أن المراد بالهرج هنا هو الفتنه، واختلاط أمور الناس وسبب كثرة فضل العباده فيه هو أن الناس يغفلون عنها ويشتغلون عنها، ولا يتفرغ لها إلا أفراد، فالانشغال بالعبادة وقت الفتن خير لك وأفضل، وإن من مظاهر الفساد أيضا هو السعي إلى الفرقة والسعي إلى تحزب الناس.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى