الدكروري يكتب: حياة الإنسان في سلام

 

الحمد لله برحمته اهتدى المهتدون، وبعدله وحكمته ضلّ الضالون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، تركنا على محجّة بيضاء لا يزيغ عنها إلا أهل الأهواء والظنون، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا مَن أتى الله بقلب سليم ثم أما بعد، ما أجمل أن يعيش الإنسان في سلام مع أسرته، وسلام مع عائلته، وسلام مع جيرانه، وسلام مع زملائه، وسلام مع أصدقائه، وسلام مع المجتمع كله، وسلام مع الناس أجمعين ولا يكون هذا إلا بتطهير النفوس والقلوب من الغل والحقد والبغضاء والكراهية، وإن من أعظم أسباب فقد الأمن، هو تفشى المعاصي والسيئات والموبقات، وإن من أعظم أنواع الإعراض التي بسببه دبّت الفتن والقلاقل.

وفُقد الأمن والأمان في بعض بلدان المُسلمين هو التولي عن تحكيم شريعة الله جل وعلا التي كان ينادي بها علماء المسلمين في كل مؤتمر، فإن استبدال شريعة الله بالقوانين الوضعية والدساتير البشرية إنما هو أعظم الأسباب التي بسببها دب الظلم والقهر والعدوان في بعض بلاد المسلمين، فكانت النتائج مخزية، والعواقب وخيمة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول “وما لم تعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل الله بأسهم بينهم” رواه الببهقي، وابن ماجه، وإن هذا الحديث علم من أعلام النبوة، وإنما علينا في المستقبل أن نعمل جاهدين على تحقيق شريعة الله عز وجل في حياتنا، فبذلك تطيب الحياة، وتسعد القلوب، وتطمئن الأفئدة، ويعيش الناس في رخاء وأمن وأمان، وما قيمة أن نكون لله تعالى عابدين طائعين وقد تركنا الظالم المفسد في الأرض دون أن نأخذ على يديه.

فإن من شروط الصلاح هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا أن ننزوي وحدنا بعيدا نتعبد الله تعالى ونقول ما شأننا وهؤلاء، وننسى قول نبينا الكريم صلي الله عليه وسلم ” إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقابه” رواه أحمد، وعقاب الله سيعم الجميع إن لم نسارع في الإصلاح والأخذ على يد الظالم ومنعه، والوقوف في وجهه لرد ظلمه وفساده، ولن نكون بمنأى عن العقاب لمجرد أننا صالحون، وسنسأل لماذا لم نتحرك ونمنع الظالم ونأخذ على يديه؟ فإن سبب هلاك ودمار الأوطان والأمم هو معصية الله عز وجل، والبعد عن منهجه فعن جبير بن نفير قال لما فتحت مدائن قبرص وقع الناس يقتسمون السبي، وفرق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، ورأيت أبا الدرداء تنحّى وحده جالسا، واحتبى بحمائل سيفه فجعل يبكي، فأتاه جبير بن نفير.

فقال يا أبا الدرداء أتبكي في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله، وأذل فيه الكفر وأهله؟ فضرب على منكبيه ثم قال “ويحك يا جبير” وفي رواية “ثكلتك أمك يا جُبير بن نفير” ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره، بينما هي أمة قاهرة قادرة ظاهرة على الناس، لهم الملك، حتى تركوا أمر الله عز وجل، فصاروا إلى ما ترى، وإنه إذا سلط السباء على قوم فقد خرجوا من عين الله، ليس لله بهم حاجة” ولقد اهتم الإسلام بالأسرة والبيت المسلم، لأنها نواة المجتمع الإسلامي، والمحضن التربوي الأصيل، والخليّة الأولى التي يفتح الطفل عينيه عليها وفيها تعيش الأسرة جزءا كبيرا من حياتها، فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع الإسلامي، لذا يجب الاعتناء بالبيت المسلم بتهيئته لحياة سعيدة، يملؤها الإيمان والمحبة.

وجعلها مسجدا للعبادة، ومعهدا للعلم، وملتقى للفرح والسعادة، وإن الإسلام قد اعتنى بالأسرة منذ بدء تكوينها، فوضع الأسس والقواعد التي يعتلي عليها البناء الشامخ القوي الذي لا يهتز أمام رياح المشاكل، وعواصف الأزمات، فالبيت المسلم يقوم على مجموعة من الأسس والقواعد التي تحكمه، وتنظم سير الحياة فيه، كما أنها تميزه عن غيره من البيوت، وتستمد هذه القواعد من القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحياة الصحابة، والتابعين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى