إن الإسلام دين يحض على السمو الروحي و الأخلاقي، لكنه أيضا واقعي يتفهم الطبيعة البشرية بضعفها و قوتها.
في ظل انتشار ثقافة المثالية المطلقة، قد يقع البعض في فخ الاعتقاد بأن الإيمان الحقيقي يتطلب كمالا بشريا، وهو ما يخالف جوهر الرسالة الإسلامية التي جاءت لتوازن بين الروح و الجسد، العاطفة والعقل، الحلال والحرام.
إن المثالية الزائفة تدفع بالإنسان نحو الشعور بالذنب و الإحباط عند مواجهة الحواجز الواقعية في ممارسة الشعائر الدينية أو تحقيق السمو الأخلاقي. هذه المثالية تغديها أصوات تدعي أنها تملك الحقيقة المطلقة و تحدد مقاييس الكمال بما لا يتفق مع الفطرة البشرية. ومع ذلك، فإن الإسلام يسعى إلى تحرير الإنسان من قيود هذه المثالية، حيث يدعو إلى الاجتهاد في العمل الصالح، ويؤكد على أن كل إنسان معرض للخطأ، وأن الله يغفر الذنوب و يتجاوز عن الهفوات.من جهة أخرى، يعتبر الالتزام باجتناب المحرمات في الإسلام ركيزة أساسية في حياة المسلم.
خلق الله الإنسان ليعيش حياة مليئة بالتوازن بين متطلبات الروح والجسد، و أتاح له من النعم ما يجعله يعيش حياة طيبة دون تجاوز الحدود الشرعية.
إن التعامل مع المثالية و المحرمات في الإسلام يتطلب حكمة وفهما عميقا للنصوص الشرعية وروح الشريعة الإسلامية. فلا مثالية مطلقة في حياة البشر، ولا كمال إلا لله وحده، والإسلام يرسم الطريق لتحقيق أقصى ما يمكن من النقاء والسمو دون الضرر بالنفس أو الآخرين.
لذلك، يجب أن يكون الوازع الأخلاقي هو الدافع الأساسي في حياة كل مسلم، وليس الخوف من النقد الاجتماعي أو السعي لإرضاء الآخرين. فالإسلام دين رحمة و توازن، يدعو إلى الطموح، ولكنه أيضا يقر بأن الإنسان قد يخطئ، ويحتاج دائما إلى رحمة الله ومغفرته.
ختاما، الإسلام يدعو إلى الاعتدال و الوسطية، حيث يعيش الإنسان ملتزما بتعاليم دينه، مستعينا بالرحمة و العدل في آن واحد.