هرقل يودع سوريا وداعه الأخير .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين الذي انشأ خلقه وبرا، وقسّم أحوال عباده غنا وفقرا وأنزل الماء وشق أسباب الثرى، أحمده سبحانه فهو الذي أجرى على الطائعين اجره وأسبل على العاقلين سترا، هو سبحانه الذي يعلم ما فوق السماء وما تحت الثرى ولا يغيب عن علمه دبيب النمل في الليل أذا سرى، سّبحت له السموات وأملاكها وسبحت له النجوم وأفلاكها، وسبحت له الانهار وأسماكها، وسبحت له الآرض وسكانها وسبحت له البحار وحيتانها وأن من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم، فأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له لاند له ولا شبيه ولا كفأ ولا مثل ولا نظير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، وأرسله رحمه للعالمين، وحجه على الناس اجمعين، فصلوات الله وسلامه عليه ما ذكره الذاكرون الآبرار. 

وصلوت الله وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار، ونسأل الله تعالى ان يجعلنا جميعا من صالح أمته، وان يحشرنا يوم القيامه في زمرته ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية أن الخليفة الراشد ابي بكر الصديق قد أرسل سيف الله المسلول إلي جيش المسلمين لمواجهه الروم وقد قال في ذلك خالد لها، والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد، وقطع خالد المسافة بجيشه في خمسة أيام وفرح المسلمون بخالد رضي الله عنه، واشتد غضب الروم بمجيئه وقال هرقل لقواده أرى من الرأي أن لا تقاتلوا هؤلاء القوم وأن تصالحوهم، فوالله لأن تعطوهم نصف ما أخرجته الشام وتأخذوا نصفه وتقر لكم جبال الروم، خير لكم من أن يغلبوكم على الشام، ويشاركوكم في جبال الروم، ولكنهم أبوا، وإتخذ الطرفان إستعداداتهما، الروم في أربعين ومائتي ألف. 

منهم ثمانون ألفا مقيدين بالسلاسل كي لا يفروا من المعركة، والمسلمون سبعة وعشرون ألفا ممن كان مقيما، إلى أن قدم إليهم خالد بن الوليد رضي الله عنه في تسعة آلاف فبلغوا ستة وثلاثين ألفا، ومرض الصديق رضي الله عنه في هذه الأثناء وتوفي للنصف من شهر جمادى الآخرة قبل الفتح بعشر ليالي، وعرض خالد بن الوليد رضي الله عنه على الأمراء أن يكونوا جيشا واحدا ويتداولوا الإمارة يوما بعد يوم، فوافقوا وأمّروه هو أولا، وعلم خالد رضي الله عنه أن القتال كل بفرقته سيطول، وفيه إضعاف للجهود فعبأ الجيش وقسمه إلى أربعين كردوسا، أي كتائب كبيرة، وكل كردوس ينقسم إلى قلب وميمنة وميسرة وجعل القاضي أبا الدرداء، والقاص أبا سفيان، وعلى الغنائم ابن مسعود، وقارئ سورة الأنفال المقداد بن عمرو.

وشهد المعركة ألف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر خالد رضي الله عنه الكراديس كلها أن تنشب القتال، وحينئذ وصل البريد إلى خالد رضي الله عنه بوفاة أبي بكر الصديق وتأمير أبي عبيدة فأخذ الكتاب وجعله في كنانته وخاف إن أظهر الأمر أن يضعف معنويات الجند، ونشب القتال بجد في اليوم الأول وزحف الروم بأعدادهم الكثيرة فردهم المسلمون وفي هذا اليوم كثرت الجراح من كثرة السهام واعورّ من المسلمين سبعمائة فارس، فسمي ذلك اليوم يوم التعوير، وفي اليوم الثاني وقف عكرمة وقال من يبايع على الموت ؟ فبايعه أربعمائة من الرجال، فقاتلوا حتى أصيبوا جميعا بجراحات ودامت المعركة يوما وبعض اليوم وكان الهجوم الأخير عاما على الروم.

واقتحم خالد رضي الله عنه وجيشه خندق الروم فتساقطوا في الوادي وتهافت منهم في الوادي ثمانون ألفا، وإنتهت المعركة بإستشهاد ثلاثة الآف من المسلمين وقتل من الروم مائة وعشرون ألفا، وإرتحل هرقل من حمص مودعا سورية وداعه الأخير، وقال سلام عليك ياسورية، سلاما لا لقاء بعده، وبعد المعركة أعلن خالد بن الوليد رضي الله عنه مضمون الكتاب وإعتزل الإمارة، وولاها مكانه أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عن الجميع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى