الزهرة العناق تكتب: عالم التكنولوجيا و آفاته على المجتمع والأسر.. من الأب والأم إلى الطفل

في عصرنا الحالي، أصبح عالم التكنولوجيا حاضرا بقوة في كل تفاصيل حياتنا، من الهواتف الذكية إلى شبكات التواصل الاجتماعي، ومن الحواسيب إلى الأجهزة الذكية التي لا تغيب عن منازلنا. ورغم ما قدمته التكنولوجيا من فوائد عظيمة، فإنها تحمل في طياتها آفات خطيرة تؤثر على المجتمع ككل، وتحديدا على الأسرة التي تعد اللبنة الأساسية في بنائه.
🔴الأب والأم: مسؤولية تحت ضغط التكنولوجيا
أصبح الأبوان، وهما الركيزة الأولى في الأسرة، رهينة للتكنولوجيا بطريقة تضعف أدوارهما التقليدية. الآباء اليوم قد يقضون ساعات طويلة أمام شاشات الهواتف أو أجهزة الحواسيب، سواء لأغراض العمل أو الترفيه، ما يقلل من تفاعلهم مع أطفالهم. وقد يؤدي ذلك إلى انعدام الحوار العائلي وانفصال الأفراد داخل الأسرة الواحدة.
الأمهات، اللاتي كن رمز العطاء والتواصل العاطفي في المنزل، أصبحن كذلك مستهلكات للتكنولوجيا بطرق قد تكون مفرطة. تصفح وسائل التواصل الاجتماعي أو قضاء وقت طويل في متابعة مقاطع الفيديو قد يأخذ من وقتهن، ما ينعكس سلبا على رعاية الأطفال وتلبية احتياجاتهم النفسية و العاطفية.
🔴الأطفال: ضحايا العصر الرقمي
الأطفال، الذين هم أكثر الفئات تأثرا بالتكنولوجيا، يواجهون تحديات لم تكن معروفة للأجيال السابقة. فهم يكبرون في بيئة تتداخل فيها الحياة الواقعية و الافتراضية بشكل كبير، مما يؤدي إلى فقدانهم مهارات اجتماعية أساسية، كالتواصل وجها لوجه وحل النزاعات بشكل مباشر.
إضافة إلى ذلك، فإن قضاء الأطفال وقتا طويلا أمام الشاشات يعرضهم لمخاطر عديدة مثل:
*الأضرار الصحية: ضعف النظر، السمنة الناتجة عن قلة الحركة.
*المخاطر النفسية: الإدمان الرقمي، العزلة الاجتماعية، والقلق.
*التعرض لمحتوى غير لائق: غياب الرقابة يجعل الأطفال عرضة لمحتويات لا تتناسب مع أعمارهم.
🔴المجتمع: التفكك والعزلة
مع انتشار التكنولوجيا، بدأت العلاقات الاجتماعية التقليدية تتلاشى تدريجيا. الجيران الذين كانوا يتبادلون الزيارات باتوا يكتفون بإرسال رسائل نصية، والأصدقاء أصبحوا يفضلون المحادثات الافتراضية بدلا من اللقاءات الحقيقية. هذا التحول ساهم في خلق فجوات عاطفية كبيرة داخل المجتمع، مما يزيد من مشاعر الوحدة والعزلة.
🔴الحلول الممكنة
*تعزيز ثقافة الاستخدام المعتدل للتكنولوجيا: يجب أن يدرك الجميع أهمية وضع حدود زمنية للتعامل مع الأجهزة الذكية.
*العودة إلى الحوار الأسري: تخصيص وقت يومي للتواصل العائلي بدون وجود شاشات.
*توعية الأطفال بمخاطر التكنولوجيا: تعليمهم كيفية استخدام الأجهزة بطريقة آمنة ومناسبة لأعمارهم.
*القدوة الحسنة: على الآباء أن يكونوا نموذجا يحتذى به في الاستخدام المتوازن للتكنولوجيا
أخيرا وليس آخرا ، رغم أن التكنولوجيا أضافت الكثير من التسهيلات إلى حياتنا، فإنها حملت معها تحديات جسيمة تؤثر على الأسر والمجتمع. لا يمكننا إنكار وجودها أو إلغاؤها، ولكن يمكننا السعي لتوظيفها بشكل يضمن الحفاظ على قيمنا الاجتماعية و أدوارنا العائلية. التوازن هو المفتاح؛ فعندما نضع حدودا لاستخدام التكنولوجيا و نعيد بناء جسور التواصل الإنساني، سنحافظ على الأسرة والمجتمع من الانهيار في هذا العالم الرقمي المتسار