الأمانة في يد العلماء وطلبة العلم ..بقلم الكاتب / محمـــد الدكـــروري

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هاديا له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكي لأصحابه رضي الله عنهم ” إشترى رجل من رجل عقارا له، فوجد الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار خذ ذهبك مني، إنما اشتريت منك الأرض، ولم ابتع منك الذهب، فقال الذي شرى الأرض، أي الذي باعها، إنما بعتك الأرض وما فيها، قال فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه ألكما ولد؟ فقال أحدهما لي غلام، وقال الآخر لي جارية، قال أنكحوا الغلام بالجارية، وأنفقوا على أنفسكما منه، وتصدقا ” 

وقيل أنه في معركة القادسية ماذا فعل سعد ابن أبي وقاص بكنوز كسرى؟ فقيل أنه لما فتح المسلمون القادسية ونصرهم الله، ورفعوا لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم في القادسية سلم لسعد بن أبي وقاص ذهب وفضة، واستولى على خزائن كسرى، ولما رآها دمعت عيناه وقال ” كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قوما آخرين فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ” من سورة الدخان، فجمع الجيش وقال هذه أمانة فما رأيكم؟ قالوا نرى أن تدفعها لعمر بن الخطاب الخليفة فما أخذوا منها درهما ولا دينارا، وقيل أنه بينما كان الرجل يسير بجانب البستان وجد تفاحة ملقاة على الأرض فتناول التفاحة وأكلها ثم حدثته نفسه بأنه أتى على شيء ليس من حقه فأخذ يلوم نفسه.

وقرر أن يرى صاحب هذا البستان فإما أن يسامحه أو أن يدفع له ثمنها، وذهب الرجل لصاحب البسان وحدثه بالأمر فأندهش صاحب البستان لأمانة الرجل وقال له ما اسمك؟ قال له ثابت، قال له لن أسامحك في هذه التفاحة إلا بشرط أن تتزوج ابنتي واعلم إنها خرساء عمياء صماء مشلولة، إما أن تتزوجها وإما لن أسامحك في هذه التفاحة فوجد ثابت نفسه مضطرا يوازي بين عذاب الدنيا وعذاب الاخرة؟ فوجد نفسه يوافق على هذه الصفقة وحين حانت اللحظة التقى ثابت بتلك العروس، وإذ بها آية في الجمال والعلم والتقى، فأستغرب كثيرا؟ لماذا وصفها أبوها بأنها صماء مشلولة خرساء عمياء؟ فلما سألها قالت أنا عمياء عن رؤية الحرام، خرساء صماء عن قول وسماع ما يغضب الله تعالي ومشلولة عن السير في طريق الحرام وتزوج هذا ثابت بتلك المرأة. 

وكان ثمرة هذا الزواج الإمام أبى حنيفة النعمان ابن ثابت، واعلموا إن لأمانة من الأمور المهمة للمجتمع، وبدونها يعيش المجتمع في بلاء عظيم، والأمة التي لا أمانة لها هي التي تنتشر فيها الرشوة، وينتشر فيها الغش والخداع والتحايل على الحق وتضييع الواجبات التي أنيطت بأفرادها، فما من إنسان منا إلا وعمله أمانة لله في عنقه، فالشعب أمانة في يد ولاة الأمور، والدين أمانة في يد العلماء وطلبة العلم، والعدل أمانة في يد القضاة، والحق أمانة في يد القائمين عليه، والصدق أمانة في يد الشهود، والمرضى أمانة في يد الأطباء، والمصالح أمانة في يد المستخدمين، والتلميذ أمانة في يد الأستاذ، والولد أمانة في يد أبيه، والوطن أمانة في يد الجميع، وأعضاء الإنسان أمانة لديه، فاللسان أمانة فاحفظه من الكذب والغيبة والنميمة والسخرية بعباد الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى