التعصب الرياضي.. عندما يتحول التقدير إلى تفرقة

بقلم/محمود سعيد برغش

 

 

في ظل انتشار ثقافة التعصب الرياضي في المجتمعات العربية، أصبحنا نشهد ظواهر من التحفيل والمكايدات بين الجماهير ليس فقط في مباريات الأندية المحلية مثل الأهلي والزمالك، ولكن أيضاً في تعصب غير مبرر تجاه لاعبين أوروبيين لا تربطهم بأمتنا أو ديننا أي صلة. يأتي ذلك في وقت تزايدت فيه المنافسات بين لاعبين عالميين مثل ميسي ورونالدو، اللذان يحظيان بشعبية جارفة بين فئات واسعة من الناس، حتى تحول الأمر إلى حالة من الهوس الذي يثير الاستفزاز والانقسام.

الرياضة هي أحد أكبر مصادر الترفيه والتسلية، ويمكن أن تكون أيضاً مجالاً للتعلم من قيم التعاون والاحترام والتنافس الشريف. ولكن عندما يتجاوز الأمر حدود التشجيع إلى التعصب، يتحول الموقف إلى ظاهرة سلبية تؤثر سلباً على العلاقات الاجتماعية. يظل التساؤل: هل يستحق لاعبو كرة القدم الأجانب كل هذا الاهتمام المبالغ فيه؟ وهل يستحقون أن نضعهم في مقدمة اهتماماتنا ونشعل الخلافات بسببهم؟

للأسف، انتشرت في السنوات الأخيرة موجة من الهوس بميسي ورونالدو، بينما هم في الحقيقة لا يهتمون لقضايانا ولا يعيرون أدنى اهتمام بما يجري في منطقتنا من أزمات ومعاناة. هم مجرد لاعبين محترفين في مجالهم، وبالرغم من مهارتهم، إلا أن تعصبنا لهم يمثل صورة مشوهة عن أولوياتنا في الحياة. من المهم أن نتساءل: لماذا نولي اهتماماً مبالغاً فيه لأشخاص لا يؤثرون بشكل إيجابي على حياتنا اليومية أو يساهمون في رفعة مجتمعنا؟

إننا في حاجة إلى مراجعة نظرتنا تجاه الرياضة والأبطال الذين نرفعهم فوق مستوى الإنسانية. يجب أن نتوقف عن نقل الخلافات التي نراها على المستطيل الأخضر إلى حياتنا اليومية، وأن نتذكر دائماً أن الرياضة يجب أن تكون أداة لتوحيد الناس، وليس لتقسيمهم.

وفي النهاية، إن تعصبنا للأندية أو للاعبين أجانب يجب أن يكون في إطار الاعتراف بمهاراتهم، دون أن يتحول إلى ما يشبه الانتماء الأعمى. علينا أن نعيد حساباتنا وأن نُقدّر من يمثلون قيمنا ومبادئنا الحقيقية، وأن نركز على بناء مجتمعنا من الداخل، بدلاً من الانشغال بشؤون لا علاقة لنا بها.

ختامًا، الرياضة يجب أن تبقى وسيلة للتسلية والإيجابية، وليس وسيلة للفرقة والصراع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى