إذا شبع المرء لم يجد للخبز طعما.. حديث الجمعة بقلم د / سعاد حسني

يقول الله – سبحانه وتعالى – ” وكلوا واشربوا ولا تسرفوا.” صدق الله العظيم ، فهناك حقيقة تفرض نفسها على بني البشر، وهي إذا شبع المرء لم يجد للخبز طعما؛ فالإنسان عندما تمتلئ معدته بالطعام الكثير – الذي لا فائدة منه – فعلا لا يحس بطعم الخبز ، أو أى شئ أخر. وهنا يقول المثل الشعبي المصري :” أحلى مؤكلك جع وكل ” ، كما أوصانا الرسول ( صلى الله عليه وسلم). بالاعتدال في تناول الطعام حيث قال عليه الصلاة والسلام “. ما ملأ أدمي وعاء شرا من بطن بحسب ابن أدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه” صدقت يا رسول الله. من هنا يأمرنا الرسول بالاعتدال في طعامنا وشرابنا؛ حتى نستطيع مواصلة الحياة، والقيام بمهامها في سهولة ويسر. فكم من ناس هوياتهم المفضلة الطعام، وبالتأكيد هذا أسلوب خاطئ. فالله – سبحانه وتعالى – أوجد لنا نعمة الغذاء والطعام؛ حتى نقوي صلبنا وجسدنا؛ لنقوم بفرائض العبادة بصحة وعافية، كذلك نعمل أعمالنا ونعمر الأرض ونبنيها دون مشاقة ولا عناء. والعجيب أن في وقتنا هذا كثرت قنوات الطعام بأنواعه المختلفة وشيفاتها المتميزة، وفي المقابل كثرت أيضا قنوات علاج السمنة والنحافة، والرجوع إلى الاعتدال في تناول الطعام، والتى تدعو الإنسان ألا ينظر إلى الطعام بعينه وشهوته له، بل ينظر إليه على أنه وسيلة النشاط والحيوية، والصحة الجيدة والجسد المعافى من الأمراض ، وهذا ليس معناه في الطعام فقط بل في كل شئ؛ فالإكثار والإفراط من أي شىء يعود علينا بالحسرة والندم، أما الاعتدال فيه يجعلنا في أمن وأمان، كما يجعلنا أقوياء ، وهذا ينطبق على كل شئ إلا في شيئين ( عبادة الله وحب رسوله، وطلب العلم). فهذان الشيئان علينا أن نكثر منهما بقدر الإمكان؛ لأنهما مفتاح سر النجاح في الحياة، والتقرب إلى الله – سبحانه وتعالى – ورضاؤه علينا. وعلينا أن نتذكر دائما إذا شبع المرء لا يجد للخبز طعما.