مانع من مغفرة الذنوب يوم القيامة.. بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمدا عبده رسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد إن الإسلام قد شدد في مسألة الدين تشديدا يحمل المرء على عدم الإقتراب منه إلا عند الضرورة القصوى إذ أن الدين مانع من مغفرة الذنب وإن كانت الخاتمة شهادة في سبيل الله تعالي، ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قام في أصحابه فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل فقال يا رسول الله أرأيت إن قُتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي ؟ فقال رسول الله ” نعم، إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر ” ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كيف قلت ؟ ” قال أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي ؟
فقال رسول الله ” نعم، وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك ” بل ذلك من أعظم الذنوب بعد الكبائر، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” إن أعظم الذنوب عند الله تعالي أن يلقاه بها عبد بعد الكبائر التي نهى الله عنها أن يموت رجل وعليه دين لا يدع له قضاء” رواه أحمد، والدّين مما قد يعاقب عليه في القبر فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال توفي رجل فغسلناه وكفناه وحنطناه ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقلنا تصلي عليه ؟ فخطا خطوة ثم قال ” أعليه دين ؟ ” قلنا ديناران، فإنصرف، فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه، فقال أبو قتادة الديناران عليّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” قد أوفى الله حقّ الغريم وبرئ منهما الميت ؟ قال نعم، فصلى عليه، ثم قال صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بيومين.
” ما فعل الديناران ؟ ” قلت إنما مات أمس، قال فعاد إليه من الغد فقال قد قضيتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الآن بردت جلدته ” رواه أحمد، وكما أن نفس المؤمن محبوسة عن الكرامة حتى يقضي دينه، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه ” رواه الترمذي، وقضاء الديون في الآخرة بالحسنات والسيئات فيقول النبي صلى الله عليه وسلم “ومن مات وعليه دين فليس بالدينار والدرهم لكن بالحسنات والسيئات ” رواه أحمد، ودخول الجنة معلق بقضاء الدين، فقد قال محمد بن عبد الله بن جحش رضي الله عنه، كان رسول صلى الله عليه وسلم قاعدا حيث توضع الجنائز فرفع رأسه قبل السماء ثم خفض بصره فوضع يده على جبهته فقال صلى الله عليه وسلم “سبحان الله سبحان الله ما أنزل من التشديد ”
قال فعرفنا وسكتنا حتى إذا كان الغد سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا ما التشديد الذي نزل ؟ قال ” في الدّين، والذي نفسي بيده لو قتل رجل في سبيل الله ثم عاش ثم قتل ثم عاش ثم قتل وعليه دين ما دخل الجنة حتى يقضى دينه ” رواه النسائي، وقال أبو هريرة رضي الله عنه ” من كان عليه دين، فأيسر به فلم يقضه فهو كآكل السحت ” رواه عبد الرزاق، وكل ذلك مما جعل النبي صلى الله عليه وسلم على كمال شفقته ورحمته يدع الصلاة على الميت إن كان عليه دين قبل أن يكثر المال في الدولة الإسلامية ليكون السداد منها، فهذه النصوص المخيفة تحمل المرء على التحرز من الديون الإسراع في سدادها قبل أن يموت.