أحمد بسيونى وحوار صريح مع الشاعر عبد الحميد محمود

حوار مفتوح مع الشاعر الدكتور ( عبد الحميد محمود ) وذكريات لا تنسى مع الملحن ( محمد الموجي ) حاوره: الكاتب ( أحمد بسيوني )

متابعة:- ابراهيم سالم المغربى
س: متى كان أول لقاء بينك وبين الملحن الكبير محمد الموجي؟
ج: كنت أجلس في شيراتون الجزيرة على النيل سنة 1984م أنا وثلاثة إعلاميِّين: فاروق شوشة، وإبراهيم عيسى، ومحمد أبو سنة، كنا نجلس ونتحدث كمجموعة شعراء أصدقاء ودخل محمد الموجي الفندق في ذات الوقت، لم تكن ثمة علاقة بيني وبينه، ولكن كنت أعلم مَن هو محمد الموجي، وعندما رآه أصدقائي فرحوا جدًّا واستدعوه للجلوس معنا. هو رجل بسيط جدًّا، مهذَّب جدًّا، ثقيل جدًّا، جلسنا، وخلال الجلوس استمع إلى أشعار الثلاثة، واسمح لي أن أقول لك: إنهم “أوجعوه شعرًا”؛ لكي يُلَحِّن لهم إحدى قصائدهم، كل واحد ألقى عليه حوالي أربع قصائد، وأنا لم أقل شيئًا، فقط عرَّفوه بي، استشعرت أنه يسمع ولا يهتم لما يُقال، ثم طلب مِنِّي أن أُسمِعه إحدى قصائدي؛ فقلت له: قصائدي إمَّا سياسية أو اجتماعية، وليست لكي تُغنَّي، قال لي: ومن قال لك أنِّى أريد سماعها لكي تُغنَّي، أنا أريد أن أسمع شعرًا فقط. أسمعته قصيدة بعنوان: “أربعة أقنعة لوجه عربي” قصيدة سياسة لا تُغَنَّي، ثم قال لي بعد أن فرغت منها: مَن كتب هذه القصيدة على هذه الموسيقى هو الذي سيكتب لي القصيدة التي سوف أغنِّيها بعد عشرة أيام في المغرب في أعياد العرش. انصرف الشعراء الثلاثة من الجلسة بعد سماع هذا الكلام وظَلَلْت جالسًا أنا والموجي فقط.
كان الفرق بيني وبين الموجي في العمر حوالي خمسة وعشرين عامًا، هذا الرجل كان صاحب حكمة، وفي لحظة من اللحظات استفزَّني – أقصد: استفزَّ فيَّ الشعر- فألقيت عليه قصيدة تقول:
النور موصولُ
والسعد مأمولُ
والشوق يدعونا لروضة يثربِ
فالنورُ نورُ الحبِّ
من عند النبي
قال لي: جميلة، ولكن الغناء ليس هكذا. قلت له: ماذا يكون؟ فقالها هو مع بعض التعديلات؛ فقلت له: أنا لم أَقُلْها هكذا، قال لي: لماذا؟ أجبته قائلًا: لو غَنَّيْتَها بطريقتك؛ فما الفرق بيني وبين من غَنَّيْتَ لهم من قبل، أنا كتبتها، وأنت حُرٌّ في رأيك، افعل ما تشاء. كنت أُحَدثه وأنا واثق من شِعري جدًّا، وفي نفس الوقت لم أكن مهتمًّا، صَمَتَ قليلًا، وفي حوالي الساعة الرابعة والنصف صباحًا ومن ذكائه عمل تنوينًا للقصيدة فقط، ولم يُعَدِّل شيئًا لكي يرضيَني ويُرضِي نفسه في نفس الوقت. كان واعيًا جدًّا للغة العربية بجانب ثقته في أن مَن أمامه شاعر، كان يحترم جدًّا الفنان الحقيقي.
لحن “النور موصول” وسافرنا سويًّا إلى المغرب، وقامت بغنائها الفنانة عزيزة جلال، احتفوا به وبي في المغرب احتفاءً غير عادي. قال له الحريزي مستشار الملك الحسن الثاني في ذلك الوقت “أنت يا موجي بروفيسيونال” يقصد أنه محترف كبير في هذا اللحن.

س : حدثني عن العلامات الفنية بينك وبين محمد الموجي؟
ج : كان يوجد علامات فنية كثيرة بيني وبين الموجي أولى هذه العلامات كانت قصيدة ” النور موصول ” ولكن العلامة التي قال عنها الموجي أنها تاريخية هي” الحضرة الشريفة ” وهو عمل مكون من خمسة وعشرين قصيدة، ولدت الفكرة في الإسكندرية في مكتب صابر مصطفي مدير إذاعة الإسكندرية في ذلك الوقت في الثمانينات، دعوة الموجي لزيارة الإسكندرية وكانت أول زيارة له والتقينا في الإذاعة بصابر مصطفي الذي بادر الموجي بسؤال ” يا أستاذ عايزين نتشرف بعمل ديني لإذاعة الإسكندرية ” فقال له الموجي، أنا أتمنى ولكن لم أجد الكلمات المناسبة لكي الحنها، فتدخلت في الحديث وقلت للموجي ايه رأيك في قصيدة تبدأ ب ” الله الله الله الله الله الله الله الله ” فقال لي هل ممكن تغني ؟ قلت له نعم وكانت من اهم القصائد التي تغني بها الموجي، كما قدمت للإسكندرية حوالي عشر قصائد من الحان الموجي وكثير من الموشحات مازالوا يذاعوا في إذاعة الإسكندرية حتي الان ؛ ومن الطرائف عندما استمع محمد عبد الوهاب إلى ” الحضرة الشريفة ” طلب من الموجي مقابلتي ولكن لم يبلغني الموجي بذلك إلا بعد وفاة عبد الوهاب، فقلت له لماذا لم تبلغني قبل وفاته؟ قال لي” هو أنا حمار لو كنت قولت لك كنت بعدت عني أنت لا تعرف عبد الوهاب ” اعتقد وقتها لو كان لحن لي عبد الوهاب كان تغير أشياء كثيرة في حياتي.
س: تعرَّفتَ على مَن بعد ذلك من الفنانين؟
ج: تعرفت بعد ذلك على الفنانة المغربية سميرة سعيد، وكتبْتُ لها قصيدة “عيد الندَى” التي تغنَّت بها في احتفالات المغرب ببراعة واتقان شديد، ثم تعرَّفت بعد ذلك على الفنانة عفاف راضي، وطلبَتْ مِنِّي أن أكتب لها أغنية في احتفالات أكتوبر، وهي إنسانة مهذبة جدًّا ورقيقة جدًّا، وكنت أُعَلِّمُها اللغة العربية؛ لكي تستطيع أن تغني الأغنية، فكتبت لها كلمات أخرى على لحن “عيد الندى”، سأَلَتْها سامية صادق – رئيس التليفزيون- في ذلك الوقت: هتغني إيه في حفلة أكتوبر هذا العام يا عفاف؟ قالت لها: أغنية “عيد الندى”، قالت لها سامية صادق لمن؟ أجابتها عفاف: للشاعر عبد الحميد محمود، قالت لها لا أعرفه. فردَّت عفاف: أنتِ لا تعرفينه، ولكن أنا أعرفه. كانت سامية صادق متذوقة جدًّا للفن، وبالفعل غنَّت عفاف راضي “عيد الندى” في احتفالات أكتوبر، ولاقت إعجابًا كبيرًا من الجمهور. في ذلك الوقت كان يعرض برنامجًا في التلفزيون المصري اسمه “اخترنا لك”، تقديم الإعلامية (فريال صالح)، إخراج الإعلامي (وفيق حبيب)، وكان هذا البرنامج مخصصًا للأغاني الأجنبية فقط، ولكن لتفرد قصيدة “عيد الندى” وللجديد فيها تم عرضها المفاجئة ان الأستاذ موسي صبري كان رئيس تحرير مجلة ” آخر ساعة ” كتب وقتها إن هذا الشاعر الذي نستمع إليه لأول مره اخترق موسيقى الشعر العربي بموسيقى من عنده وكيف توافق اللحن والكلمات .
س: منذ عامين أَحْيَت الفنانة المغربية سميرة سعيد حفل ختام مهرجان الإسكندرية الدولي للأغنية؛ هل التقيت بها؟
ج: للأسف لم أتقابل معها، ولا أحد أبلغني بوجودها في الإسكندرية، ولم تُوَجَّه لي الدعوة لحضور المهرجان، ولكن دار بيني وبينها اتصال هاتفي منذ فترة طويلة، وقالت لي: “أنت فين يا حبيبي”، واتفقنا على موعد، ولكن لم يحدث بسبب انشغالي ب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى