المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس.. بقلم الكاتب/ محمـــد الدكـــروري

الحمد لله أحاط بكل شيء خبرا، وجعل لكل شيء قدرا، وأسبغ على الخلائق من حفظه سترا، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله إلى الناس كافة عذرا ونذرا، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، أخلد الله لهم ذكرا وأعظم لهم أجرا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين ثم اما بعد، لقد حذرنا الإسلام من خيانة الأمانة، وإن من أنواع الخيانات هي خيانة المجلس حيث أن المجالس في الإسلام أمانات في أعناق الجلّاس، وهذا ما أكد عليه النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم في قوله ” المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس سفك دم حرام أو فرج حرام أو إقتطاع مال بغير حق، ويجب على المسلم أن يصون أمانة المجلس بكل أشكالها، ومن أبرز مظاهر خيانة المجلس في الإسلام.
هو إفشاء أسرار المجلس، وإذاعة ما يدور فيه من أحاديث قد لا يريد لها الجلاس أن تنتقل إلى الناس خارج ذلك المجلس، بالإضافة إلى تتبع عورات الناس في المجالس ونشرها بغية فضح الناس والتشهير بهم، وتعد هذه من أخطر وأسوأ أنواع خيانات المجلس، وكما أن من أنواع الخيانات هي خيانة الثقة حيث ذم الإسلام جميع أنواع الخيانات، وعدها من الصفات والخصال القبيحة والممقوتة، وتشير خيانة الثقة بوجه عام إلى جميع صور الخيانات الأخرى، لأن معنى الخيانة أساسا بمفهومها العمومي هو خرق الثقة وإنتهاكها وكسر جدارها المتين، وإن جميع الخيانات هي خيانة للثقة التي وضعها الإنسان في زوجه أو في صديقه أو في أحد من المسلمين، وتؤدي خيانة الثقة إلى إثارة القطيعة والتباغض بين المسلمين، وهذا ما يؤدي إلى تفكيك المجتمع وإثارة النزاعات بين أفراده.
وقد ذم الله تعالى الخائنين في قوله تعالي ” يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ” وفي ذلك تحذير عظيم من الله تعالى على خطر الخيانة وعواقبها الخطيرة، وكما أن من أنواع الخيانات هي خيانة تربية الأولاد، وتعد خيانة تربية الأولاد من خيانة المسوؤلية، وهي عدم الإلتزام بالعمل المكلف به المسلم، وعدم أدائه على أكمل صورة كما يريد له سبحانه وتعالى، وتتجلى خيانة تربية الأولاد في العديد من المظاهر أبرزها هو عدم تربية الأبناء كما أوصى الله تعالى ورسوله الكريم، حيث أوصى الله تعالى المسلمين أن يعلموا أبناءهم العلوم الدينية والدنيوية التي يحتاجون إليها في حياتهم، وأن يعملوا على تربيتهم تربية صالحة صحيحة تنجيهم من الشقاء في الدنيا والعذاب في الآخرة، حيث قال تعالى في محكم التنزيل ” يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ”
فلا يجوز للمسلم أن يكتفي بإطعام أولاده وملبسهم ويهمل تعليمهم وتربيتهم كما أراد الله تعالى، وكما أن خيانة الأمانة لا تقتصر على المال والمعاملات المادية فقط، بل هناك خيانة لله ولرسوله، وخيانة الأمانة في العلم والعمل، وخيانة الأمانة مع الزوج أو الزوجة، وكذلك خيانة الأمانة في تربية الأبناء، وفي المجالس، وغيرها من الأمور، ولا تجتمع الأمانة والخيانة في قلب إنسان لأنهما ضدان، فقال النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم “لا يجتمع الإيمان والكفر في قلب أمرئ، ولا يجتمع الكذب والصدق جميعا، ولا تجتمع الخيانة والأمانة جميعا” وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الخيانة في دعائه ” اللهم إني أعوذ بك من الجوع، فإنه بئس الضجيع، ومن الخيانة، فإنها بئست البطانة ” فالخيانة من أسوأ الصفات التي يمكن أن تكون في الإنسان، فمن يخون لا يؤتمن ولا يثق به أحد بعد ذلك، حيث هو خان في المرة الأولى فتسهل عليه الخيانة فيما بعد.