سميرة حمود تكتب الإسلام دين الوسطية والرحمة

الإسلام دين الوسطية والرحمة: دلالات من القرآن الكريم
——————————————————————
الإسلام هو دين التوازن بين العقيدة والعمل، وبين الحقوق والواجبات، وبين العدل والرحمة. وقد أكد القرآن الكريم على هذه القيم في مواضع عديدة، مما يوضح أن هذا الدين ليس دين تشدد أو عنف، بل جاء ليكون رحمة للعالمين. ومع ذلك، قد يقع البعض في أخطاء تفسيرية تؤدي إلى سوء الفهم، مما يجعل البعض ينحرف إما إلى التشدد أو الإلحاد.
1. الإسلام دين الوسطية
أكد القرآن أن أمة الإسلام هي أمة وسطية، أي أنها ليست في غلو ولا تفريط، بل تتبع نهجًا متزنًا في كل جوانب الحياة، كما في قوله تعالى:
“وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا” (البقرة: 143).
هذه الوسطية تشمل العقيدة، العبادات، المعاملات، وحتى في العلاقات مع الآخرين، بحيث لا يكون هناك تشدد يؤدي إلى النفور، ولا تفريط يؤدي إلى الضياع.
2. لا إكراه في الدين
الإسلام لا يفرض الإيمان بالقوة، بل يعتمد على الإقناع والاختيار الحر، كما يقول الله تعالى:
“لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ” (البقرة: 256).
هذه الآية توضح أن العقيدة يجب أن تكون قائمة على الاقتناع، وليس على الإكراه، مما يعزز مفهوم الحرية في الاعتقاد.
3. القرآن يرفض العنف ويدعو إلى السلام
الإسلام يفضل السلام على الصراع، ويؤكد على العدل في التعامل مع الآخرين، حتى مع المخالفين في العقيدة، كما في قوله تعالى:
“وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ” (الأنفال: 61).
هذه الآية توضح أن الأصل في العلاقات هو السلم، وليس الحرب أو العنف.
وفي موضع آخر، يأمر الله بعدم التعدي حتى في حالة القتال، فيقول:
“وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا۟ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ” (البقرة: 190).
وهذا يوضح أن الإسلام لا يبيح الاعتداء، بل يأمر بالدفاع عن النفس فقط دون تجاوز الحدود.
4. الرحمة أساس رسالة الإسلام
الله عز وجل وصف رسالته بأنها رحمة، فقال:
“وَمَآ أَرْسَلْنَٰكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَٰلَمِينَ” (الأنبياء: 107).
وهذا يؤكد أن الغاية من الرسالة الإسلامية هي نشر الرحمة بين الناس، وليس التشدد أو العنف.
5. العدل والبر مع غير المسلمين
بعض الناس يظنون أن الإسلام يأمر بعدم التعامل بالحسنى مع غير المسلمين، لكن القرآن الكريم ينفي ذلك، حيث يقول الله تعالى:
“لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” (الممتحنة: 8).
هذه الآية تدعو إلى البر والعدل مع غير المسلمين طالما أنهم لم يعتدوا، مما يدل على أن الإسلام ليس دين كراهية، بل دين عدل ورحمة.
6. الإسلام ليس دين تعذيب بل رحمة ومغفرة
هناك من يركز فقط على آيات العذاب ويتجاهل آيات الرحمة، بينما القرآن يؤكد أن الله لا يريد تعذيب الناس، بل يريد لهم الهداية والرحمة، كما قال تعالى:
“مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَءَامَنتُمْ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا” (النساء: 147).
وهذا يدل على أن الهدف الأساسي من الدين هو نشر الخير، وليس التخويف من العذاب فقط.
الإسلام هو دين الوسطية والرحمة، وليس دين التشدد أو العنف. القرآن الكريم واضح في رفض الإكراه، والدعوة إلى العدل، والتعامل بالحسنى مع الآخرين. إن أي فهم متشدد أو متطرف للدين لا يعبر عن حقيقة الإسلام كما جاء في القرآن، بل هو انحراف عن تعاليمه السامية. والحل هو العودة إلى فهم القرآن بفكر متوازن، يحقق العدل والرحمة كما أراد الله.