محمـــد الدكـــروري يكتب: أسباب الوقوع في الخذلان

 

الحمد لله شرح صدور المؤمنين فانقادوا لطاعته، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، فلم يجدوا حرجا في الاحتكام إلى شريعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد إن للوقوع في الخذلان أسباب كثيرة، منها الإفتراق والإختلاف في الدين، وأيضا الإستعانة بغير الله حيث قال الإمام ابن القيم ” فأعظم الناس خذلانا من تعلق بغير الله، فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه أعظم مما حصل له ممن تعلق به، وهو معرض للزوال والفوات ومثل المتعلق بغير الله، كمثل المستظل من الحر والبرد ببيت العنكبوت، وأوهن البيوت، وكما أن من اسباب الخذلان هو طاعة الكافرين والمنافقين، والركون إلى الظالمين.

والتكالب على الدنيا وكراهية الموت، والإغراق في اللهو وطلب الراحة، وأيضا العُجب فالعُجب طريق إلى خذلان المرء، بحيث يكل الله العبد إلى نفسه فلا ينصره، وأيضا الجبن وسوء الرأي حيث قال الإمام ابن القيم وصحة الرأي لقاح الشجاعة، فإذا اجتمعا كان النصر والظفر، وإن قعدا فالخذلان والخيبة، وكما أن من اسباب الخذلان هو عدم الرضا بالقضاء والقدر، وقطع الأرحام، حيث قال الإمام الماوردي تعاطف الأرحام، وحمية القرابة يبعثان على التناصر والألفة، ويمنعان من التخاذل والفرقة، وكما أن من اسباب الخذلان هو القرب من السفلة واطراح ذوي الأحساب والمروءات حيث قال الإمام الأبشيهي من قرب السفلة واطرح ذوي الأحساب والمروءات استحق الخذلان، وكان عبد الله بن سلام متآخيا لأبي الدرداء وبينهما أخوة ومحبة ومودة فلما مات عبد الله بن سلام.

ذهب ولده يوسف إلى الشام ليسأل عن أبي الدرداء لم يذهب إلا تجديدا للعهد ورعاية للحرمة والألفة وتأدية للحقوق، فإن أبا الدرداء كان محبا لعبد الله بن سلام، فجاءه يوسف وهو يحتضر قد قارب مفارقة الدنيا ففرح به أبو الدرداء، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يمشي في الصحراء على دابته فقابله أعرابي فتوقف ابن عمر ونزل ووقف معه وقال ألست ابن فلان بن فلان؟ قال بلى ثم ألبسه عمامة كانت عليه وقال له اشدد به رأسك ثم أعطاه دابته وقال إركب هذا، فتعجب أصحاب ابن عمر، وقالوا له إن هذا من الأعراب وهم يرضون بالقليل فقال إن أبا هذا كان ودّا لعمر، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي” وكما قيل أن أعرابيا وفد على الخليفة وهو يبكي، قال الخليفة ما لك؟ قال أصبت بأعظم من مصيبة المال

قال ما قصدك؟ قال ربيت ولدي، سهرت ونام، وأشبعته وجعت، وتعبت وارتاح، فلما كبر وأصابني الدهر واحدودب ظهري من الأيام والليالي تغمط حقي، ثم بكى وقال وربيته حتى تركته أخا القوم واستغنى عن الطر شاربه، تغمط حقي ظالما ولوى يدي لوى الله يده الذي هو غالبه، قيل فلويت يد الابن وأصبحت وراء ظهره، فاللهم آتي نفوسنا تقواها، زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها، اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك اللهم من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم وأصلح ذات بيننا، وألف بين قلوبنا واعدنا سبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وأزواجنا وذرياتنا وأموالنا وأوقاتنا واجعلنا مباركين أينما كنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى