هل تتجه البشرية نحو الكذب والنفاق في زمن التكنولوجيا؟
حيدر الاداني
نحن نعيش اليوم في عالم تبدلت فيه المقاييس و تحولت فيه القيم . أصبح من النادر أن نجد الصدق بين الناس، و كأن الأمانة أصبحت عملة نادرة لا تُتداول إلا لمصلحة محددة ، ثم تختفي
في زمن الانفتاح من المفترض أن يزداد الوعي و تتقوى الروابط الإنسانية لكن ما نشاهده عكس ذلك تماما تسيطر المصالح الذاتية على كل شيء حتى على العلاقات التي كانت تُبنى على الثقة و المحبة . أصبح الإنسان يبحث عن منفعته ، و لو كانت على حساب أقرب الناس إليه أصدقائه ، أقاربه بل حتى أفراد عائلته .
نرى في بعض الأحيان كيف يتخلى الأب عن أبنائه أو الأبناء عن آبائهم لا لشيء سوى لأن المصلحة الذاتية طغت على صوت الضمير أصبح الكل يمثل نفسه فقط و كأننا في مسرح كبير كلٌ يؤدي دوره بإتقان ، لكن دون صدق .
كلما تقدم العالم من حيث العلم و التطور .. تراجع الإنسان خطوة إلى الوراء من حيث القيم و الكرامة ، المال اليوم يتغلب على الكرامة و يشتري المواقف و المشاعر ، وأحياناً حتى العلاقات .
نتذكر في السابق عندما كنا نطلب المساعدة من شخص فيمد يده دون فضلأ و منّة دون أن ينتظر جزاء . كانت النفوس أصفى و القلوب أوسع و النية خالصة أما اليوم فكل شيء له ثمن حتى الكلمة الطيبة .
لقد تغير العالم بكل تفاصيله و تغير معه ما تربينا عليه من مبادئ كانت تُزرع فينا منذ الصغر ” المحبة ، الاحترام ، التضحية ” .
فهل سيبقى العالم هكذا ؟ أم أننا سنرجع يوماً ما إلى إنسانيتنا ؟
ربما يستغرق منا الوقت ، و ربما تكون الرحلة طويلة ، لكن يبقى الأمل قائماً بأن الإنسان في داخله لا يزال يحمل بذور الخير، و بأن هذه القيم، و إن خفت بريقها لم تنطفئ تماماً .