يوم تقع فيه معظم أعمال الحج

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي خلق الإنسان من سلاله وركب بلطف حكمته مفاصله وأوصاله ورباه في مهاد لطفه ثلاثين شهرا حمله وفصاله وزينه بالعقل والحلم وأزال عنه ظلماء الجهاله، فسبحان من إختارهم لنفسه ونعمهم بأنسه وأجزل لهم نواله، ويسّر له مولاه سبيل السعادة وحقق آماله وأجزل نصيبه من التوفيق وقبل أعماله، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن العشر الأيام الأوائل من شهر ذو الحجة والذي من بينهم هو يوم عرفه، وهو أعظم أيام الدنيا وأما عن تحديد يوم عرفة؟ فهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، ومن اليوم الثامن في هذا الشهر إلى الثالث عشر لكل يوم إسم يعرف به، فاليوم الثامن هو يوم التروية، واليوم التاسع هو يوم عرفة، واليوم العاشر هو يوم العيد والنحر.
ويوم الحج الأكبر، وسمي بذلك لأن معظم أعمال الحج تقع في هذا اليوم، من رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، والنحر، والطواف، والسعي، والحادي عشر هو يوم القر لأن الحجاج يقرون في منى ولا ينفرون في هذا اليوم، والثاني عشر هو يوم النفر الأول، والثالث عشر هو يوم النفر الثاني، وهذه الثلاثة الأخيرة هي أيام التشريق، ويوم عرفة يوم أقسم الله تعالي به، ولا يقسم الله إلا بعظيم، فقال تعالي ” والسماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد ومشهود ” وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” اليوم الموعود هو يوم القيامة، واليوم المشهود هو يوم عرفة، والشاهد هو يوم الجمعة ” وكما قال سبحانه وتعالي ” والفجر وليال عشر والشفع والوتر ” وقال ابن كثير رحمه الله ” قد تقدم في هذا الحديث أن الوتر يوم عرفة لكونه التاسع.
وأن الشفع يوم النحر لكونه العاشر، وقال كذلك ووافق هذا الرأي ابن عباس وعكرمة والضحاك أيضا” ويوم عرفة هو يوم إكمال الدين، وهو يوم عيد لنا، وصيامه يكفر سنتين، حيث قال نبينا صلى الله عليه وسلم ” صيام يوم عرفة أحتسب علي الله يكفر السنة التي قبلة والسنة التي بعده ” وفي لفظ آخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال ” يكفر السنة الماضية والباقية ” وهو يوم يباهي الله بأهل الموقف ملائكته، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول ” إن الله عز وجل يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة فيقول انظروا إلي عبادي أتوني شعثا غبرا ” وقال ابن عبد البر رحمه الله ” وهذا يدل على أنهم مغفور لهم لأنه لا يباهي بأهل الخطايا إلا بعد التوبة والغفران والله أعلم” وقال الإمام المناوي رحمه الله معلقا على هذا الحديث
” وذا يقتضي الغفران وعموم التكفير لأنه لا يباهي بالحاج إلا وقد تطهر من كل ذنب، إذ لا تباهي الملائكة وهم مطهرون إلا بمطهر، فينتج أن الحج يكفر حق الحق وحق الخلق حتى الكبائر والتبعات، ولا حجر على الله في فضله ولا حق بالحقيقة لغيره” وكما أن يوم عرفة يوم العتق من النار، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفه وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء ” فاللهم يا سامعا لكل شكوى ويا كاشفا لكل بلوى، فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، وأقضي الدين عن المدينين، وأشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم يا حي يا قيوم اغننا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا.