السفير لياو ليتشيانج يكتب: التعاون الصيني الأفريقى

في يوم 11 يونيو، عُقد الاجتماع الوزاري لمنسقي منتدى التعاون الصيني الأفريقي في مدينة تشانغشا بمقاطعة هونان الصينية. وأرسل الرئيس شي جين بينغ والسيد ديني ساسو رئيس جمهورية الكونغو التي تتولى الرئاسة المشتركة من الجانب الأفريقي لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي، رسائل التهنئة إلى الاجتماع، واجتمع تحت سقف واحد عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية وانغ يي وأكثر من 100 ممثل أفريقي على المستوى الوزاري، بمن فيهم السفير أبو بكر حفني نائب وزير الخارجية المصري.
وحقق هذا الاجتماع نتائج مثمرة تتجلى في الجوانب التالية:
أولا، استعراض الإنجازات المثمرة للعلاقات الصينية الأفريقية. تأسس منتدى التعاون الصيني الأفريقي في عام 2000، وتطور بشكل سريع على مدى 25 عاما، وأصبح “العلامة الذهبية” للتضامن بين دول الجنوب العالمي والتعاون الدولي مع أفريقيا.
واستعرض الاجتماع القفزة الكبيرة التي حققتها العلاقات الصينية الأفريقية في إطار منتدى التعاون الصيني الأفريقي، وأكد أن الصين قد أقامت علاقات الشراكة الاستراتيجية مع جميع الدول الأفريقية الـ53 التي لها العلاقة الدبلوماسية معها، وأن حجم التجارة بين الصين وأفريقيا ازداد بنحو 30 ضعفا، والاستثمار الصيني في أفريقيا ازداد بنحو 100 ضعف، الأمر الذي عاد بالفوائد الحقيقية على الشعبين الصيني والأفريقي.
في سبتمبر الماضي، عُقدت قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي، مما أطلق المسيرة الجديدة لبناء المجتمع الصيني الأفريقي للمستقبل المشترك في كل الأجواء في العصر الجديد، حيث عمل الجانبان الصيني والأفريقي على تطبيق “أعمال الشراكة العشرة” المطروحة من قبل الرئيس شي جين بينغ، وحققا تقدما مشجعا، وذلك ينعكس بشكل كامل في “قائمة نتائج قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي” الصادرة عن هذا الاجتماع الوزاري.
ورأينا في هذه القائمة أنه خلال الأشهر التسعة بعد قمة بكين، ازداد الاستثمار الصيني في أفريقيا بمقدار 13.3 مليار يوان، مما جعل إجمالي الدعم المالي الصيني لأفريقيا يتجاوز 150 مليار يوان؛ بدأ التنفيذ الرسمي لسياسة إعفاء الرسوم الجمركية على جميع الواردات القادمة من الدول أقل نموا؛ بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين وأفريقيا 300 مليار دولار في عام 2024، مما سجل رقما قياسيا جديدا.
كما رأينا في القائمة سلسلة من الإنجازات المهمة للتعاون الصيني المصري في بناء “الحزام والطريق” بجودة عالية، التي تشمل مجالات واسعة مثل التجارة والمالية والتصنيع والتعليم والعلوم والتكنولوجيا والإذاعة والتلفزيون والأمن، الأمر الذي يعكس بوضوح أن التعاون الصيني المصري نموذج يحتذى به في إطار التعاون الصيني الأفريقي.
ثانيا، إطلاق إجراءات مهمة للتعاون الصيني الأفريقي. أعلن الرئيس شي جين بينغ في رسالة التهنئة أن الصين ستعفي الرسوم الجمركية على جميع الواردات القادمة من الدول الأفريقية الـ53 التي لها العلاقة الدبلوماسية مع الصين، مما يعكس الدعم الصيني الثابت لأفريقيا والصداقة العميقة بين الجانبين.
لا شك أن هذا القرار المهم بشأن توسيع الانفتاح على أفريقيا سيجلب فرصا جديدة لدخول المنتجات الأفريقية إلى السوق الصينية. في هذا السياق، قد وقعت الصين ومصر في السابق “الاتفاقية الإطارية بشأن التعاون في تطوير الشراكة الاقتصادية”، التي مهدت الطريق الإجرائي للاستفادة الكاملة من سياسة “الجمركية الصفرية”.
كما أعلن الرئيس شي جين بينغ تعزيز التعاون مع أفريقيا في المجالات الرئيسية مثل الصناعات الخضراء والتجارة الإلكترونية والدفع الإلكتروني والعلوم والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وتعميق التعاون في مجالات الأمن والمالية وسيادة القانون، ودفع التعاون الصيني الأفريقي ليتطور بجودة عالية. وإن التعاون الصيني المصري في المجالات المذكورة وخاصة مجالات المالية والصناعات الخضراء والعلوم والتكنولوجيا، يحتل مكانة متقدمة ويتميز بمزايا فريدة. كما أطلق الاجتماع “الورقة المفاهيمية بشأن عام التواصل الشعبي الصيني الأفريقي في عام 2026″، مما أضفى زخما جديدا للتعاون الودي بين الصين وأفريقيا، إنه إجراء مهم لإحياء الذكرى السبعين لبدء العلاقة الدبلوماسية الصينية الأفريقية في العام المقبل.
من الجدير بالذكر أن العلاقة الصينية المصرية نقطة الانطلاق للعلاقات الصينية الأفريقية، إذ كانت مصر أول دولة أفريقية أقامت العلاقة الدبلوماسية مع الصين الجديدة، وسنحتفل في العام المقبل بالذكرى السبعين لتأسيس العلاقة الدبلوماسية بين الصين ومصر.
ثالثا، إطلاق صوت موحد للتضامن بين الصين وأفريقيا. تعد الصين وأفريقيا، باعتبارهما أكبر دولة نامية في العالم والقارة التي تضم أكبر عدد من الدول النامية، القوة الرئيسية للجنوب العالمي. كلما زاد الفوضى والتغيرات على الساحة الدولية، كلما وجب على الصين وأفريقيا تعزيز التضامن لتقوية الذات والوقوف بحزم إلى الجانب الصحيح للتاريخ، لإرشاد العالم نحو اتجاه إيجابي، ومواجهة حالة عدم الاستقرار في العالم بالعلاقات الصينية الأفريقية المستقرة والمتينة.
في هذا السياق، قال وزير الخارجية وانغ يي خلال الاجتماع الوزاري إن الصين وأفريقيا يجب العمل على الحفاظ على التضامن بين دول الجنوب العالمي، وتكريس حرية التجارة الدولية، وتعزيز التنمية الإنمائية العالمية، والدفاع عن النظام الدولي العادل، وتعزيز التنوع الحضاري في العالم، وتعد هذه المبادرة ذات خمس نقاط إرشادا واضحا وضمانا متينا لتوثيق الثقة الاستراتيجية المتبادلة وتعزيز التعاون عالي الجودة وتعميق التنسيق متعدد الأطراف بين الصين وأفريقيا.
كما أصدر الاجتماع الوزاري “إعلان تشانغشا بين الصين وأفريقيا بشأن الحفاظ على التضامن والتعاون بين دول الجنوب العالمي”، الذي يشير إلى أن العالم يشهد تصاعد الأحادية والحمائية والتنمر الاقتصادي، وتحاول بعض الدول استخدام الرسوم الجمركية كأداة لزعزعة النظام الاقتصادي والتجاري الدولي القائم، ودعا جميع الدول، خاصة الولايات المتحدة، للعودة إلى المسار الصحيح المتمثل في حل الخلافات التجارية عبر التشاور القائم على المساواة والاحترام والمنفعة المتبادلة، الأمر الذي يعكس بجلاء العزيمة الموحدة والموقف الثابت للصين وأفريقيا من تكريس العدالة والإنصاف الدوليين والحفاظ على مصالحهما المشروعة.
في هذا السياق، ظلت الصين ومصر يدعم بعضهما البعض في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية للجانب الآخر، حيث ظلت مصر تلتزم بمبدأ الصين الواحدة، وقدم الجانبان تفسيرا حيا للتضامن والتآزر الصيني الأفريقي بالأفعال الحقيقية.
يعكس هذا الاجتماع الوزاري مدى التزام الصين بتوفير فرص جديدة للعالم من خلال إنجازاتها في التحديث الصيني النمط، وإضفاء زخم جديد للشركاء في أفريقيا وغيرها من دول الجنوب العالمي من خلال سوقها الكبيرة.
ونحن على استعداد للعمل مع مصر وغيرها من الشركاء الأفارقة، على تحقيق الحداثة وبناء المجتمع الصيني الأفريقي للمستقبل المشترك في كل الأجواء في العصر الجديد، بما يساهم بالقوة الصينية والأفريقية لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.