عمل من أعمال الشيطان

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله المتفرد بالعظمة والجلال، المتفضل على خلقه بجزيل النوال، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وهو الكبير المتعال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الداعي إلى الحق، والمنقذ بإذن ربه من الضلال، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وآل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل، ثم أما بعد لقد تكلم الله عز وجل في كتابه الكريم عن السحر، ولكن اعلموا يرحمكم الله أنه لا يجوز حل السحر بالسحر، وإنما يحل السحر بالقرآن الكريم والأدعية النبوية والأدوية المباحة، أما السحر، فهو كفر وردّة وخروج عن الإسلام، فلا يجوز فعله، ولا الذهاب إلى الساحر طلبا للشفاء، وقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن النّشرة وهي حلّ السحر، فقال ” هو من عمل الشيطان ” رواه أبو داود.
وقال الإمام ابن القيم في فتاوى إمام المفتين، والنشرة حل السحر عن المسحور، وهي نوعان وهما حل سحر بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، فإن السحر من عمله، فيتقرب إليه الناشر والمنتشر بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور، والثاني هو النشرة بالرقية والتعوذات، والدعوات والأدوية المباحة، فهذا جائز، بل مستحب، وقد حكى بعض أهل العلم عن سعيد بن المسيب رحمه الله أنه يرى جواز حل السحر بالسحر للضرورة، وكلام ابن المسيب رحمه الله ليس صريحا في جواز حل السحر بالسحر، بل يحتمل أنه أراد حله بالطرق المباحة ومع ذلك فقد أجاب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن هذا بقوله ” ولكن على كل حال حتى ولو كان ابن المسيب، ومن فوق ابن المسيب ممن ليس قوله حجة يرى أنه جائز، فلا يلزم من ذلك أن يكون جائزا في حكم الله.
حتى يعرض على الكتاب والسنة، وقد سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن النّشرة، فقال “هي من عمل الشيطان” وقد فهم بعضهم من تجويز الإمام أحمد للنشرة أنه أجاز حل السحر بالسحر، وإنما كلامه رحمه الله في الرقية الشرعية المباحة، وكما قال الشيخ سليمان بن عبدالله ” وكذلك ما روي عن الإمام أحمد من إجازة النّشرة، فإنه محمول على ذلك، أي النّشرة بالرقية الشرعية وغلط من ظن أنه أجاز النّشرة السحرية، وليس في كلامه ما يدل على ذلك، بل لما سُئل عن الرجل يحل السحر، قال قد رخص فيه بعض الناس، قيل إنه يجعل في الطنجير ماء ويغيب فيه، فنفض يده، وقال لا أدري ما هذا، قيل له أفترى أن يؤتى مثل هذا؟ قال لا أدري ما هذا، وهذا صريح في النهي عن النّشرة على الوجه المكروه، وكيف وهو الذي روى الحديث “إنها من عمل الشيطان”
لكن لما كان لفظ النّشرة مشتركا بين الجائزة والتي من عمل الشيطان، ورأوه قد أجاز النّشرة، ظنوا أنه قد أجاز التي من عمل الشيطان، وحاشاه من ذلك” وقد صرّح كثير من العلماء بتحريم حل السحر بالسحر، وأن الضرورة لا تبيح ذلك، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله “والمسلمون وإن تنازعوا في جواز التداوي بالمحرمات كالميتة والخنزير، فلا يتنازعون في أن الكفر والشرك لا يجوز التداوي به بحال، لأن ذلك محرّم في كل حال، وليس هذا كالتكلم به عند الإكراه، فإن ذلك إنما يجوز إذا كان قلبه مطمئنّا بالإيمان، والتكلم به إنما يؤثر إذا كان بقلب صاحبه، ولو تكلم به مع طمأنينة قلبه بالإيمان لم يؤثر، والشيطان إذا عرف أن صاحبه مستخف بالعزائم لم يساعده.
وأيضا فإن المكره مضطر إلى التكلم له، ولا ضرورة إلى إبراء المصاب به لوجهين، أحدهما أنه قد لا يؤثر أكثر مما يؤثر من يعالج بالعزائم، فلا يؤثر، بل يزيده شرا، والثاني أن في الحق ما يغني عن الباطل.