ولاء عزت تكتب : أما بعد …مابين الكسوف والخسوف

محمد دياب
تسارعت الأقلام وتسابقت الأيدى بالسب والقذف ورشق الإتهامات والزج فى النار بين هذا وذاك ، لأشخاص لا نعلم هل هم المخطئين الحقيقيين أم لا ، لحادثة فتيات المنوفية.
فى حديثى هذا لا ألقى بأصابع الإتهام على شخص بعينه أو وزارة بعينها ، لأننا جميعاً مذنبون ، كما جاء فى الحديث الشريف ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )
ماهذه العلاقة التبادلية بين الكسوف والخسوف ، بين الظهور والإختفاء ، بأقلامنا نظهر وزير مخطئ تارة ، وتارتا أخرى نخفيه ، وبين ليلة وضحاها نتبادل الأدوار مرتا أخرى بين الوزارات ، وكأنها لعبة الكراسى الموسيقية ، ولكن هنا الفائز مهزوم ( وهو من تكالبت عليه الأقلام وتوجهت الأيدى تجاهه ) .
سأتحدث اليوم عن هذه الحادثة من خلال وجهة نظرى المتواضعة المستلهمة من فن علم إدارة الأعمال .
للأسف جميعنا مذنبون ، لأننا جميعاً مسئولون ، ولأن معظمنا يجهل فن علم الإدارة ، وحتى من يعلمها لايطبقها على الوجه الأمثل .
إذا تكررت المشكلة ، إذن فى كل مرة نتعامل مع الظاهرة وليست المشكلة ، نتعامل مع العرض وليس المرض .
ماهى أسباب ظهور ( إدارة المشكلات ) المشتقة من ( إدارة الأعمال ) ؟ هل لحل المشكلة بعد حدوثها ؟ أم لعدم حدوثها أوتكرار حدوثها ؟! للأسف لاتظهر هذه الإدراة ، غير وقت حدوث الكارثة فقط ، وطرح حلول مؤقتة ( مسكنات ) لتهدئة الرأى العام .
ياسادة ياكرام خلقت ( إدارة المشكلات ) و ( إدارة الأزمات ) أيضاً ، لتجنب كوارث المستقبل وليس العكس وإذا ظهرت مشكلة تحل سريعاً ومن جذورها بعيداً عن مابين الكسوف والخسوف .
فن علم الإدارة مهمش حرفياً وخاصتا فى الدول النامية أو ماتسمى بدول العالم الثالث .
لماذا لايوجد فى كل وزارة وكل هيئة على حدى الإدارة الأم وهى ( إدارة الأعمال ) وتقسم لإدارات داخلية كالشركات الأجنبية والدول المتقدمة .
وهنا يسألنى الجميع ماعلاقة الوزارات والهيئات بإدارة الأعمال ؟! سأجيب أن إدارة الأعمال هى نقطة التحكم فى جميع أمور حياتنا اليومية حتى على المستوى الأسرى ، وليس قطاعات الأعمال فقط .
لحظة من فضلك : – نسترجع سويا كم من وزير تم إقالته من منصبه عند حدوث كارثة ، ومع ذلك تتكرر نفس الكوارث مع الوزراء الجدد وبصور أبشع .
إذن إننا لم نتعامل مع المشكلة فى كل مرة ، بل نتعامل مع الظاهرة .
سأضرب لكم أمثلة عملية للتفرقة بين الظاهرة والمشكلة وبين العرض والمرض .
مثلاً فى أحدى الشركات إنخفضت مبيعاتها ، ستوجه أصابع الإتهام سريعاً لإدارة المبيعات ، وهذا خطأ فادح ، لٱن إنخفاض المبيعات هى الظاهرة وليست المشكلة ، لأنه من المحتمل تقصير إدارة التسويق التى لم تقم بالدعاية الكافية للمنتج ، أو تقصير إدارة مراقبة الجودة التى لم تقم بدورها من متابعة جودة المنتج من خامات وتصنيع ونقل وتخزين …. ألخ
إذن لابد من تحديد المشكلة الحقيقية حتى أستطيع حلها .
ومثال أخر وهو إرتفاع درجة الحرارة لشخص ما ، سنهرول سريعاً لإعطائه خافض للحرارة وهذا أيضاً خطأ فادح لأننا نعالج العرض وسيحدث له أكثر من إنتكاسة ، لأننا لم نعالج السبب الرئيسى للمرض سواء نقل عدوى ، أو أكل طعام ملوث ، أو تخفيف الملابس …. ألخ
سنطبق ماسبق على حادثة فتيات المنوفية ، وللأسف سيتم معالجة الظاهرة وليست المشكلة مثل كل مرة ، سواء عن طريق التعويضات المادية ، اوإقالات للوزراء ، وكتابة العديد من المقالات سواء مؤيدة أو معارضة ، وحدث ولا حرج عن الترندات والشو الإعلامى والتجارة بالأموات ، ومن الطبيعى ترميم طريق الحادثة المكلف مليارات أساساً ، ومحاولة إزدهار هذه القرية .
أما بعد … ماهو الحل ؟!
الحل هو البتر الحقيقى للمشكلة من جذورها والإهتمام بفن إدارة الأعمال وتأسيس ( إدارة المشكلات ) و ( إدارة الأزمات ) حقيقتين لكل وزارة وهيئة لتفادى أى مشكلة قبل حدوثها ، ويكون فريق العمل من خيرة الموارد البشرية من حيث الأخلاق والنزاهة والمهارات العملية ، وكما قال الشيخ محمد عبده ( رأيت فى أوروبا إسلاما بلا مسلمين وفى بلدنا مسلمين بلا إسلام )
بدلاً من اللوم وتراشق الإتهامات على هذا وذاك ، الممتدة لأولياء أمور الفتيات التى هى قضية أخرى بعيدة كل البعد عن قضيتنا ، ولكنها تتعلق أيضاً بفن إدارة الأعمال ، لماذا نخلط أوراق القضايا ببعضها ، نترك الكارثة ونتعلق بسقطات أخرى بعيدة كل البعد عن الموضوع ، حتى نعلق اخطائنا جميعاً عليها .
من المحتمل أن تكون هذه الحادثة لمجموعة من الشباب يذهبون للعمل أيضاً ، أو لمجموعة أخرى من الفتيات لقيامهم برحلة مثلاً ، أو لنفس الشخص الذى منح رخصة القيادة لسائق يعلم جيداً أنه يتعاطى المواد المخدرة والذى ينطبق عليه الآية الكريمة ( الذين يفسدون فى الأرض وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )
هل سنلقى حينها اللوم على أولياء الأمور ، أم نبحث عن حل للمشكلة الحقيقية ، بدلاً من أن نصحو صباحاً على كارثة جديدة .
سأظل أقول أما بعد ….
لمتى سيبقى الوضع بين الكسوف والخسوف ، بين الظهور والإختفاء .
مازال الصراع قائماً .
وأخيراً وليس أخرا أذكركم وأذكر نفسى بالآية الكريمة ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا راجعون )
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى