نادية هارون تكتب: طنطاوي… وهم التغيير وأجندة الفوضى

محمد دياب

في زمنٍ امتلأ بالشعارات الرنانة والحديث المكرر عن “التغيير” و“الحرية” و“العدالة”، يطلّ علينا أحمد الطنطاوي باعتباره فارس أحلام المعارضة، مدّعيًا امتلاك مفاتيح الحل لكل أزمات الوطن. لكن الحقيقة – التي يعرفها من عاش وسط هؤلاء وخبر وجوههم وأجنداتهم – أن الطنطاوي ليس إلا امتدادًا لمدرسة سياسية فاشلة، لا تملك سوى الكلام العالي والاتهامات المجانية دون مشروع حقيقي أو قدرة على الفعل.

نعم، الطنطاوي يرفع راية المعارضة، لكن من حوله هم نفس الوجوه التي أتقنت المتاجرة بأوجاع المصريين، وركبت موجات الغضب تلو الأخرى بحثًا عن أدوار سياسية أو تمويل خارجي أو شهرة رخيصة، والأخطر من ذلك، ما يردده الطنطاوي وأمثاله من حديث مبطن عن فتح الحدود مع غزة متجاهل أن الجانب الإسرائيلي يُغلق معابره متى شاء، ويترك مصر وحدها تتحمّل تبعات الفوضى والأمن، إن كلام الطنطاوي ومن حوله عن فتح الحدود كلام أجوف للاستهلاك الإعلامي، من شخص لا يملك أي معلومات استخباراتية أو فهم حقيقي للأمن القومي، هو مجرد حديث غير مسؤول، يختزل قضايا وطن كامل في شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع.

إن هذا الطرح من أصحاب العقول الضالة، يعني إدخال مصر في دوامة أمنية خطيرة، ويطرح أسوأ السيناريوهات عن إمكانية تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وتحويل قضيتهم من احتلال إلى نزاع ديموغرافي على أرض مصرية، فهل هذه هي الوطنية التي يعدنا بها؟ أن تتحوّل حدودنا الشرقية إلى ساحة مفتوحة للفوضى والسلاح والفصائل المسلحة، وأن يُحمّل شعبنا عبء تهجير شعب آخر فوق معاناته الاقتصادية؟

ولعلنا نتذكّر هنا نموذجًا صارخًا اسمه أبو محمد الجولاني، الذي ملأ الدنيا ضجيجًا بأن طريق تحرير القدس يمر عبر إسقاط النظام السوري، فلما دُمرت سوريا، لم يُحرر أحد القدس، بل بقي الجولان محتلاً، وتقسمت سوريا إلى كانتونات، وتحولت إلى ساحة لصراعات إقليمية ودولية، إنها نفس اللعبة: شعار كبير، وطن يتمزق، وشعب يُهجّر، وقضية تتبخر. فهل يريد الطنطاوي أن يكرر نفس السيناريو في مصر، تحت شعار “التغيير” والديمقراطية؟

بل إن السؤال الأكثر منطقية والذي يفرض نفسه بقوة هو: ماذا سبق أن أدار أحمد الطنطاوي ونجح فيه ليدير دولة بحجم مصر؟، هل تولّى مسؤولية محافظة؟ هل أدار مؤسسة اقتصادية؟ هل أنشأ مشروعًا ناجحًا في القطاع العام أو الخاص؟، إن كل تاريخه لا يتعدى كونه نائبًا في البرلمان، أطلق شعارات، وسجل مواقف، لكن لم يُختبر يومًا في إدارة حقيقية تُقاس بالأرقام والنتائج، فهل نُسلّم مستقبل دولة مترامية الأطراف، معقّدة العلاقات الدولية، غارقة في تحديات اقتصادية، لشخص لم يثبت بعد كفاءته في أي مسؤولية تنفيذية؟

قبل أن يحدثنا أحمد الطنطاوي عن الدولة المدنية، وعن حرية الرأي، وعن العدالة الاجتماعية، عليه أولاً أن يقول لنا خطته لحل أزمة الدولار، خطة الدين الخارحي، كيف سيمول مشروعاته دون إقتراض جديد؟ موقفه من الجيش والتسليح، كيف ستكون علاقة مصر بإسرائيل وليبيا والسودان وأثيوبيا؟ بل وعلاقاتها بالقوى الكبرى الصين وروسيا وكوريا وأمريكا؟ وهل سيسمح بعودة جماعة الإخوان الى المشهد السياسي؟ وأين سيضع الخط الأحمر للأمن القومي مقابل الحريات؟

في النهاية أقول متى ستتوقفون عن المتاجرة بكلمة “معارضة” لتبرير الفشل، الفوضى، والتبعية للخارج؟ لقد سئم المصريون الوجوه المستهلكة، وسئموا الشعارات الخالية من المضمون، ولن ينخدعوا مجددًا بمن يرتدون ثياب المعارضة بينما في صدورهم حسابات أخطر من كل ما يدّعون محاربته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى