رواية التحدي

الزهرة العناق
إهداء لمن كان الألم معلمه الأول، ولم يقبل أن يبقى تلميذًا أبدًا.
لا أحد يولد عظيما، لكن في داخل كل منا شرارة عظمة تنتظر من يوقظها.
و قد لا توقظ بالتصفيق، بل بالخذلان و القيل و القال، أو بألم يترك في القلب أثرا، لا ليكسرك، بل ليكشف عن معدن لم نكن نعلم بوجوده.
لا تندم على ما مضى، فالماضي لا يصلح نفسه، لكنه قادر أن يصلحك إن أحسنت قراءته.
دع الندم يتساقط عن كتفيك كما يتساقط الغبار عن كتاب ظل مهملا على الرفوف.
و لا تلتفت خلفك إلا لتقيس المسافة، كم ابتعدت عن الغبار.
انفض رماد الأمس، فالأرواح التي تعلمت الاحتراق، تعرف كيف تضيء من جديد.
واجعل من كل محنة قالب منحة، فالله قادر أن يقلب الأقدار كلما أحسنا الظن به.
انهض و اركب سفينة التحدي، أشرعتها من خيوط التوكل، و دفتها من عزم لا يلين.
مد البحر عال؟ انس ضجيج الناس حولك، واشتغل برسم خط الوصول.
اكتب روايتك بمداد من صبر أيوب،
وليكن عنوانها:
“أنا الأصيل، وابن الأصيل، وأمي أصيلة”
فمن معدنهم صيغت تفاصيل روحي، ولن أقزم إلا من استوطن نفسه: النفاق، الزيف، والضجيج.
ستتألم، لكنك ستتعلم كيف يكون الصمت مدرسة،
و الدعاء سلما،
و الاعتماد على النفس عبادة،
حين يبنى الهدف على التوكل على الله بعيدا عن الغرور.
من أراد الدروس جاهزة، خسر الحكمة.
أما أنت، فالتقط المعاني من أطراف الجراح.
فالنضج ليس تجاعيد عمر، بل بصيرة قلب صغير يرفض أن ترعبه الصفعات أو تعجزه العثرات.
سيأتي اليوم الذي تدرك فيه أنك لم تخلق لتسير خلف أحد، بل لتترك على الأرض أثرا يشبهك.
لن يصدقوك في البداية، سيهينون جهدك، سيختبرون صبرك، لكن دعهم يطبلون.
فالموج لا يلتفت لمن يقف على الشاطئ يثرثر.
سر قوتك؟
أنك ابن الأصيل، وحين نطقت بها، لم تكن تتغنى بنسب،
بل كنت تعلن أن ما فيك من نقاء و أصالة سيقودك نحو هدفك، حتى لو خذلك الجميع.
توكل على الله، فلن يبخل عليك بكرمه.
و اعتمد على نفسك اعتماد من يعلم أن الدعاء جناح، و العمل هو الجناح الآخر، و بدونهما لا يحلق الطائر.
انهض، و أعد تشكيل قدرك.
اجعل من كل سقوط منصة قفز.
فالأصيل لا يندم، بل يتم درسه و يكمل طريقه.
ثق بالله أولا، ثم اعمل في صمت.
و افتح بابك كل صباح على نية صافية، و خطوة ثابتة، ووجه لا يعرف الانكسار.
فاجئهم بأخلاقك قبل نجاحك، و بصبرك قبل كلامك، و بثمارك لا بأمنياتك.
أنت لست مجرد إنسان من طين،
أنت من أولئك الذين إن سقطوا، أنبت الله في أماكنهم حدائق.
بادر في تحقيق هدفك و لا تتردد، الوقت مازال في صفك