شوقي لأبي .. للقاصة هايدى الخضرى
شوقي لأبي .. للقاصة هايدى الخضرى

القاصة: هايدي الخضري (مصر)
لم أنسى يوم أن جاء صديق أبي إلينا وأخبر أبي أنه بإمكانه السفر إلى حج بيت الله الحرام بمبلغ مالي بسيط، فظهر على وجه أبي مظاهر الفرحة والسرور لأنه كان يتمنى ليلاً ونهاراً حج بيت الله ولكن ظروفه الماديه والعائلة لم تسمح بذلك، وكان صديق أبي يعلم بهذا وبمدي اشتياق أبي إلي حج بيت الله الحرام، ولكن سأله أبي كيف لي أن أسافر للحج بمبلغ مالي بسيط ؟ فرد عليه صديقه بأن تقدم على خدمة حجاج بهذا تستطيع أن تسافر بمبلغ بسيط وفعلاً قدم أبي طلب خدمة حجاج، وكان يتمنى من قلبه أن يوفقه الله لهذا السفر، ولكن في نفس الوقت يحمل على عائقه هماً كبيراً، فهو من يقوم برعاية أبويه، وأيضاً رعاية مزرعة أبيه فهم يعتمدون كل الاعتماد عليه حتى أنه لم يأخذ قسطاً من الوقت لراحته، فكان يعمل في الأرض منذ يزوغ الفجر إلى أذان المغرب، وحده الله يعلم بتعبه ومشقته. فكان من الناس من يقول له أترك هذا التعب الشاق وابحث عن عمل آخر ولكن أبي رفض رفض لأن حياه أبيه في هذه الأرض، وأنه لم يعد يقدر على رعايتها فوهب أبي نفسه لإرضاء أمه وأبيه في هذا العمل حتى كانت تأتي أيام يرجع لم يرى أبنائه، فقد ناموا من طول انتظارهم له وفي بعض الأوقات يقول أخوتي لأمي لأنهم يريدون أن يجتمعوا بأبي على طاولة الطعام ولكن أمي كانت تحاول إرضائنا بكافة الطرق لأنها تعلم أن أبي يتأخر في هذا العمل ولكن أنا كنت أنتظر على سريري لحين رجوع أبي وعند دق جرس الباب كنت أجري بسرعه لأفتح له وارتمي في أحضانه وكأني ملكت الدنيا فأبي عندي بالدنيا كلها فأنا أحترمه كثيراً وأفتخر به لأنه من وهب حياته لارضاء أمه وأبيه ارضاه الله في الدنيا والآخرة. فكنت عندما أراه تتسع ابتسامتي، وأبدأ بالحديث معه في ما جري معي في هذا اليوم فكنت أحس براحه عندما أتحدث معه حتى لم أتركه وقت عشائه فكانت أمي تقول لي اهدائي اتركي له بعض الوقت ليرتاح ولكن لا! لم استطع أمي وبعد أن أملي عيني به أدخل إلي غرفة نومي وبعدها أنام نوماً عميقاً ويستمر هذا أيام طوال. وفي مساء يوم رن هاتف أبي فإذا بصديقه يقول له عندك تقييم غدا من لجنه خدمة الحجاج فجهز أبي نفسه لهذا التقييم، وراح مع صديقه لإتمام بعض الإجراءات ولكنه لم يصدق بأنه نجح في هذا التقيم. وقالوا له انتظر حين إرسال تأشيرة السفر، فبدأ أبي بتهيئة والديه لأنه سوف يسافر ويتركهم فتره ولكن أمه وأبوه يعلمان باشتياقه لزياره بيت الله وهم كانوا أيضاً يتمنون أن يسافر وأن يأخذ قسطاً من الراحة حتى لو على حساب رعايتهما لأنهم يعلمان مدى تعبه ومشقته، وبالفعل جاءت التأشيرة وجهزت أمي شنط السفر لأبي وهي فرحة لفرحة أبي وامتلئ بيتنا بالأهل والجيران المهنئين لأبي وأنا في نفس الوقت سعيده لفرحة أبي وحزينة على أني لم أر أبي فترة من الوقت. وعندما جاءت السيارة لنقل أبي إلي الباخرة دق قلبي بسرعة وكأنه سيتوقف، وعندما جاء أبي ليودعني فجأه بدأت أبكي وأبكي ولم استطع التوقف عن البكاء وهو يقول لي سوف أكلمك كل يوم لما تبكي خلي بالك من نفسك ومن أخوتك وأمك وزوري جدك وجدتك، وأنا لم استطع أن أترك حضنه أبداً وأمي تقول لي سوف يتأخر أتركيه، فمسح أبي على رأسي وقال: سلاماً ابنتي، وسافر أبي في سلام الله وانتظرت منه أن يكلمني مثل ما قال لي ولكن تأخر، مر أكثر من ثلاثه أيام ولم يتصل فبدأت أمي تقلق وأراها تبكى في خفاء بعيداً عن أخوتي، وبدأت بعمل بعض الاتصالات لبعض من الناس للاطمئنان على أبي، وكان عندما يرن الهاتف كنا نجري جميعاً عليه متوقعين أنه أبي، ولكن لم يكن هو وفي ظهيره اليوم الرابع من سفر أبي رن الهاتف ولكن رقم غريب لم أعرفه فردت أمي عليه وفجأة نظرت إليها وهي تقول أنت بخير طمني عليك، فخطفت التلفون من أمي وأنا أبكي أبي أبي وحشتيني لم أعد أحكي يومياً لأحد لم أعد أنام مثل ما كنت وبدأ يهديني ويطمني عليه فارتاح قلبي وهدأت نفسي عند سماع صوته، وبعد مرور عدة أيام فقد جاء العيد وأبي ليس معنا ويظهر على بيتنا معالم الحزن على الرغم من جهود أمي لاسعادنا جميعاً وبدأت تقول لنا لابد وأن نجهز بيتنا لاستقبال والدكم فلم يعد إلا أيام قليلة على وصوله، فبدأت أزين بيتنا لاستقباله، وأنا في قمة الإشتياق لأبي وفي صباح اليوم الثاني استيقظت على جرس الباب فقمت مسرعة فإذا به أبي، أبي قد تغيرت كثيراً وارتميت في أحضانه لأروي قلبي وشوقي له وبدأت أحس بالأمان مرة آخرى في وجود أبي