شرين ماهر ورؤيتها فى مستقبل الأدب العربى
شرين ماهر ورؤيتها فى مستقبل الأدب العربى

كتب محمد سليمان مدير تحرير وكالة أنباء آسيا بايطاليا
شرين ماهر كاتبة ومترجمة
فى ضيافة وللحديث بقية
– حاصلة على ليسانس ألسن “لغة ألمان
ية” – جامعة عين شمس، عام 2000.
– عضو اتحاد كتاب مصر .
– محررة إعلامية ومترجمة بالهيئة العامة للاستعلامات التابعة لرئاسة جمهورية مصر العربية
– صاحبة عمود صحفى بعنوان “بحبر الروح” بجريد المشهد الإسبوعية.
– كاتبة بأكثر من موقع إلكترونى (بوابة الأهرام- اليوم السابع – روزاليوسف) وبأكثر من مجلة ثقافية عربية ودولية.
– عضو تحرير بدورية “أفاق أسيوية” الصادرة عن الهيئة العامة للإستعلامات، وكاتبة ببوابة (مصر/أفريقيا) التابعة للهيئة العامة للاستعلامات.
– صدر لي ثلاثه كتب ضمن سلسلة كتاب “طيوف” التابعة لدار نشر “يسطرون”؛ الأول هو كتاب نثر أدبي بعنوان “ارتجالات حائرة” فى عام 2016، والثاني مجموعة مقالات أدبية تأملية بعنوان “بحبر الروح”، والثالث قراءات نقدية سينمائية بعنوان “ماستر سين”، وقد صدرا معاً فى عام 2020.
نبذة مختصرة عنكِ وما هى ميولك في القراءة؟
أكتب النثر الأدبي والقصص القصيرة والمقال والسيرة الذاتية والنقد الأدبي والتحليل السينمائي.. بدأت الكتابة فى عمر الخامسة عشر بتشجيع من والداى، وكان لوالدتي دور كبير فى تشجيعي على ممارسة التحليل والنقد و كُنا نتبادل الرؤى سوياً. درست اللغة الألمانية والإنجليزية في كلية الألسن، ولكن شغفي بالكتابة والأدب والسينما لم ينقطع. الكتابة هى وسيلة لإفراغ ما فى جعبة النفس على الأوراق ونافذة تُطل منها رؤيتنا للحياة والأخر. تستهويني قراءة الكتابات التأملية ذات البعد الفلسفي، سواء كانت روايات أو قراءات تحليلية نقدية، حيث لا يجذبني إلا المعنى البعيد الذى انتزعه انتزاعاً من بين السطور وأهرول خلفه كي التقطه، ولا أشعر بقيمة ما أقرأ إلا إذا بذلت جهداً فى قراءته واستيعابه، ولا أجد متعة فى تلقي الرسائل المباشرة.
ما هو طموحك بالكتابة؟
فعل الكتابة، بالنسبة لى، حالة قائمة بذاتها لا تشبه سواها وطقوسها تتباين من كاتب إلى أخر، وكذلك الهدف منها. أرى الكتابة ليست حرفة بقدر ما هى موهبة، يمكن صقلها ولكن لا يمكن خلقها .. هى منحة إلهية تخلق نشوة فريدة لدى صاحبها، فلا ينتظر إثابة عليها من أحد.. ممارستها بالكيفية التى يرتضيها هى عين الإثابة.. يقولون أن رأى القراء يتمم معادلة الكتابة ويجعلها مكتملة الأركان، ولكن ماذا لو كانت الجماهير ترغب في سلعة معينة، ربما كانت رديئة أو تخلو من الرسالة وقاصرة على الإمتاع الأجوف؟ لذلك أقول، مهما كان جمهورك قليل، لكنه واع ويلتقط رسائلك، فعليك أن تزهو به وأن تواصل رعاية محتواك الذي تسوقه للقراء. علينا ألا نكتب سوى أنفسنا وما يستريح له ضميرنا وأقلامنا، ما تتوازن معه حواسنا ويستقيم به عالمنا الخاص، حتى نكون مخلصين لفعل “الكتابة” باعتبارها حالة إبداعية وليست سلعة تخضع لمبدأ العرض والطلب.
وما هو رأيك بالثقافة العربية وما مدى انتشارها ومستقبل الموهوبين من الشباب؟
الثقافة العربية ضاربة بجذورها العميقة فى التاريخ وإن كانت عصورها الذهبية قد ارتبطت بجيل من عظماء الكُتاب والروائيين الراحلين من أمثال عميد الأدب العربي “طه حسين” و”يوسف السباعي” و “صلاح جاهين” و “نجيب محفوظ” و “مى زيادة” و “محمد شكرى” و “إبراهيم أصلان” و “جبران ” و “الطيب صالح” وغيرهم من كبار أدباء الوطن العربي. ولكن هذا لا يمنع وجود نزق جديد فى الكتابة يتماشي حالياً مع متغيرات الحياة وتطوراتها ويحتفظ بملمح قديم وأصيل فى نفس الوقت وهو ما يمثل جيل الوسط من المبدعين. أما جيل الشباب من الكُتاب، فهو الجيل الأقل حظاً، فى رأيى، لكونه لم يحظ بمعايشة الزخم الثقافي والأدبي الذى عايشته الأجيال السابقة.. هم يعاركون طواحين الهواء فى ظل التناقضات التى نحياها والاختلافات حول مضامين الهوية والصراعات الاجتماعية وغيرها من مشكلات تحول دون انطلاق الثقافة العربية، وعلى رأسها تأثيرات الثقافات الغربية على الثقافات المحلية. لقد صار المناخ الثقافي العربي يواجه تعقيدات أكثر من ذى قبل، مما يفرض تحدياً يصعب إنكاره فى سبيل النهوض بالثقافة العربية على النحو المرجو.
فى ظل تطور التكنولوجيا، ما هى أهم العوامل للنهوض بالأدب العربى؟
لقد أتاحت التكنولوجيا الحديثة سبل انتشار وتبادل الرؤى عبر العديد من المنتديات والفعاليات الافتراضية التى سهلت اللقاءات الأدبية وتبادل الأطروحات بمزيد من الانسيابية والتفاعلية عبر تطبيقات حديثة مثل زووم وسكايب وغيرها من برامج التفاعل الافتراضى.. كذلك أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي وصفحات الكتاب والأدباء والنقاد في تحقيق قدر عالى من التفاعل لم يكن متاحاً من قبل، إلا عن طريق الأمسيات والندوات واللقاءات الحية التى لن تصل كثافتها بأى حال من الأحوال لما يتم تنظيمه حالياً بواسطة وسائل التكنولوجيا الرقمية الحديثة.كذلك أتاح النشر الإلكتروني وتقنيات الطباعة الرقمية، لجيل الشباب، إمكانية أن ترى إبداعاتهم النور بتكاليف ليست باهظة، الأمر الذى كان بمثابة سلاح ذو حدين، حيث أنه ساهم فى ظهور محتوى قيم يتسم بالحداثة ويعكس روح الجيل، لكنه أيضاً أدى إلى وجود هامش من الرداءة فى بعض الأعمال التى تحقق رواجاً، رغم تدني مستواها الإبداعي. لكنها فى النهاية تعطي مؤشراً هاماً يتم الاستعانة به فى رسم ملامح المحطات التى تمر بها الثقافة العربية والأدب العربي فى ظل متغيرات العصر.
ما هى إقتراحاتكم لنشر الثقافة العربية وفتح حوار مع الأخر؟
انطلاقاً من عبارة “و داوني بالتى كانت هى الداء” أرى أن التكنولوجيا، رغم ما أفرزته من تغييرات انعكست على طبيعة الثقافة العربية وربما طالت هويتها نظراً للتأثر بالثقافات الغربية، إلا أنها لا تزال بوابة عملاقة يمكن أن يدلف منها عشاق الثقافة والأدب للإلتفاف حول نفس الطاولة الإبداعية. لقد ذللت التكنولوجيا العديد من صعوبات التفاعل، خاصة فى ظل ما نمر به من تباعد في ظل الوباء، ولكن المدهش أنه رغم ما كان لهذه الاجراءات من إضرار مباشر بالقطاع الثقافي تحديداً، إلا أن النخبة المثقفة آبت الاستسلام لذلك، وواصلت عقد المنتديات والمناقشات وعروض الكتب والأمسيات،كأحد أشكال التحدي لذلك الواقع، بواسطة استخدام التطبيقات التفاعلية الحية التى ربما انعشت الوسط الثقافي أكثر من ذى قبل، نظراً لسهولة استخدامها وكسرها لحاجز الزمان والمكان. مثل هذه الأزمة التى كثفت من استخدام التكنولوجيا على الصعيد الثقافي، عكست حجم ايجابياتها وتأثيرها الفعال على تنويع المحتوى الثقافي العربي الذى يتم تبادله. وأظن أن هذه التجربة ستستمر حتى بعد زوال كورونا. وسيكون للتواصل الرقمي دوره البارز فى الواقع الثقافي العربي خلال العقود القادمة.
ما هى رؤيتكم و إقتراحاتكم لتطوير الواقع الثقافي العربي والارتقاء والنهوض بالأدب العربى؟
علينا التمسك بـ” لغتنا العربية” وحمايتها من التآكل. اللغة العربية، هى المكون الأساسي للهوية الثقافية العربية، لكنها تأثرت بفعل الاستخدام غير الواعي للغات الأجنبية وكذلك هيمنة العامية على الحياة اليومية وكذلك قدرتها على التسلل إلى المنتج الإبداعي. اللغة العامية هى بالطبع اشتقاق معترف به من اللغة الأم، وظاهرة لغوية موجودة فى لغات عديدة. ولكن، فى رأيي، ينتقِص انسحابها على الأدب والمحتوى الابداعي العربي، من هوية اللغة العربية، كما أنه لا يعزز من تغلغلها السلس لدى جيل الشباب الذى كان، فى ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، يستقي لغته ومفرداته من قراءة روايات عمالقة الأدب والشعر العربي. اللغة “هوية” ويجب التعامل معها، فى واقعنا الثقافي والأدبي، من هذا المنطلق إذا ما أردنا تطويره والارتقاء به.
وما هو الواجب المفروض على الأدباء والمثقفين والمبدعين للنهوض بالأدب والثقافة العربية؟
لابد من تعريف الأجيال الجديدة بتاريخنا الأدبي وكنوزنا الأدبية وثقافتنا العريقة. علينا التذكير دوماً بهذا الإرث، لا من مبدأ العيش على الأطلال، ولكن من مبدأ التغني بالروعات. لقد كانت ثقافتنا العربية غزيرة وثرية وتحتاج إلى توقفات عديدة عند محطات بالغة الأثر. هناك بعض المجلات الثقافية العربية تكرس محتواها لتحقيق هذه الغاية من خلال التعريف برموز الثقافة العربية كمن ينثر الطيب فى الأفق. لابد أن نخلق حلقة الوصل بين الأجيال الناشئة و رموز ثقافتنا العربية.. الانتماء للجذور والتعريف بها ما هو إلا مرحلة مخاض تُمهد لميلاد جيل أخر من المبدعين. لابد أن يظل الوصل قائماً مع الاحتفاظ بخصوصية كل جيل. هذا الوصل لن يكون أحد أشكال المحاكاة بقدر ما يكون تعزيزاً للهوية الابداعية العربية.
سؤال أخير.. لو أطلقنا مبادرة بعنوان (إطلاق حرية الابتكار والإبداع عند الأطفال والشباب) ما هى رؤيتكم للمبادرة؟
أراها مبادرة خلاقة ستفتح أعيننا على كنوز مختبئة لا نعرف عنها شيئاً. رعاية حرية الابداع، فى مهدها، ستؤتي بثمارها مستقبلاً، دون أدنى شك. إذا ما غرسنا فى الأطفال والشباب تلك النزعة، ستكون المخرجات، بالتأكيد، فى صالح النهوض بالثقافة العربية وتعضيدها. يمكن أن يعكف، أيضاً، عدد من المبدعين العرب على متابعة مراحل هذه المبادرة و رسم أهداف محددة تتعلق بتقييم وتنقيح وتجويد المحتوى المقدم من هؤلاء الأطفال والشباب حتى تكتمل أركان التبادلية الإبداعية. كما يجب أن يتم تشجيع هؤلاء الأطفال والشباب من خلال طباعة أعمالهم، ولو بأعداد متواضعة من باب نفخ الروح فى أحلامهم وجعلهم يثقون فيما يسطرون.
وللحديث بقية مع محمد سليمان