مسرح الطفل بين الوعظ والامتاع
مسرح الطفل بين الوعظ والامتاع

د. ايمان الكبيسي (بغداد)
دكتوراه فلسفة تربية فنية “مسرح طفل”




تفرد مسرح الطفل بسمات تميزه من مسرح الكبار، منها الاهتمام بمراحل النمو المختلفة عند الطفل تنميته بشكل سليم لما للطفل من أهمية كبيرة في المجتمع وتكون هذه التنمية عبر عملية داخلية دورية متصلة تحدث باستدامة، وهي عملية متصلة، اذ ان الكثير من علماء سيكولوجية الطفل، امثال (جان بياجيه )و(سوزانا ميللر) اهتموا بمسألة تقسيم الأعمار وإدراجها ضمن فئات منفصلة عن بعضها البعض، لتشغل حيزاً مهماً في الأبحاث العلمية المتخصصة بعلم نفس الطفل، فمن الضروري الاهتمام بدراسة خصائص كل مرحلة من مراحل الطفولة والتعرف على خصائص وميول ورغبات واحتياجات كل منها، وذلك لغرض تقديم انتاج مسرحي للطفل ذا جدوى فلكل مرحلة أو فئة عمرية خصائصها النفسية والاجتماعية التي تحدد القدرة في تسلم الخبرات الجديدة التي يوفرها العرض المسرحي، وتسلم المعلومات بدقة، ومما لاشك فيه أنَّ معرفة المميزات والسمات العامة التي تحكم مراحل الطفولة ستساهم بشكل أو بآخر في إيصال الفكرة أو الموضوع المسرحي الى ما يريده الأطفال وينفعلون ويتأثرون به، وبذلك يتحقق الهدف التربوي الذي من اجله وجد مسرح الطفل.
تستأثر المواضيع التي تكتب عن الأطفال والمراهقين بأهمية خاصة، وذلك لإرتباطها الإجتماعي والثقافي معهم بصورة مباشرة، ويشكل مسرح الطفل إحدى الوسائل الممتعة والمسلية التي تخاطب جوارحهم، فقد أثبت الدراسات الحديثة بأن المسرح يمكن أن يكتشف شخصية الطفل ومدى تأثره فيما يعرض من مسرحيات .قد يكون الطفل غير قادر على استيعاب لغة يصعب فهمها، كونه لم يبلغ النضج الكافي لمتابعة مسرحية حوارية بلغة عالية، فالطفل يميل الى محاكاة الدمية وتجذب اهتمامه الاصوات والالوان المنظر والاضاءة، اذ تعمل كل تلك العناصر كمنظومة متكاملة ضمن نسق علاماتي متناغم يمثل لغة صورية اخرى بالتوازي مع اللغة الحوارية المبسطة، كون اللغة الصورية تخاطب اكثر من حاسة لدى الطفل وتبعث البهجة والسرور والفرح وتثير المتعة والتشويق في ذات الطفل، بعيداً عن كل ما يثير الخوف كشخصية العفريت والعنف والإجرام .
إن ما حدث قبل (2003) في العراق من أحداث وصراعات كان لها تبعات ألقت بظلالها على فترة ما بعد (2003) وما أدى إلى تغير شامل في البنى القيمية للمجتمع عموما ولفئة الشباب على وجه التحديد، فعم الفساد وانتشرت المخدرات وغاب الوعي وانحسرت الثقافة، هنا يعتلي المسرح صهوة جواده ويستثمر وسائله في بناء منظومة قيمية تبدأ بالطفل كونه الاستثمار الامثل لبناء مجتمع قويم.
ونظرا لما لدى الطفل من ميول وسلوكيات ومشاعر خاصة تجعله سريع الضجر والملل من أي رتابة ينبغي على مسرح الطفل مراعاتها عبر توظيف الوسائل الايحائية غير المباشرة في توجيه المعرفة واكساب الخبرة، فلمسرح الطفل تأثير سحري على شخصية الطفل ما حمل المهتمين بالتربية الى جعله انجع الوسائل التعليمية واشراك المسرح في تعليم وتبسيط المحتوى العلمي الجاف، وربما كان مارك توين من اهم من تنبه لخطورة واهمية مسرح الطفل عندما قال عنه انه اهم ابتكارات القرن العشرين.وهذا ما ينبغي ان تتنبه له مؤسساتنا التربوية وتستثمر ما يقدمه المسرح من خبرات لتنشئة جيل يرى في الله حبا لا نار.