الملكة بلقيس بين الانس والجن

بقلم : الاعلامية / د هاله فؤاد
الملكة بلقيس ملكة مملكة سبأ كانت إمرأة حكيمة ، تتميز برجاحة العقل ،
وكانت ذات فراسة وذكاء وفطنة ، وأيضا لم تكن مستبدة في حكمها فقد طبقت
الديمقراكية بمعناها الحديث ، فلم تكن تستبد برأيها بل تشاور قومها .
وقد حكمت مملكة سبأ وأقامت فيها نهضة كبيرة ، وأدارت شئون البلاد بحكمة
وشجاعة ، وازدهرت في عهدها الزراعة والتجارة ، واستقرت أحوال الناس
وازدادت ثروات البلاد ، كما قامت بترميم سد مأرب .
تعددت وإختلفت آراء العلماء في نسبها ، فقيل أنها إبنة اليشرح ، ويقول
بعضهم إنها إبنة إيلي شرح ، وفي رواية إنها بلقيس إبنة الهدهاد ابن
شرحبيل بن عمرو بن غالب ، وهذا هو التواتر المشهور .
ولقد ملكت سبأ الموجودة في اليمن تسع سنين ثم كانت خليفة عليها من قبل
سليمان بن داود ( عليه السلام ) مدة أربع سنوات .
الملكة بلقيس في الديانات المختلفة :
ذكرت الملكة بلقيس في التراث اليهودي والمسيحي والاسلامي بأنها ملكة سبأ
ولكن لم يرد اسم بلقيس حتى في القرآن الكريم .
وبلقيس هو اسم علم مؤنث أصله عربي ، ويعني الفتاة القوية الفاتنة ، ذات
الجمال والشخصية الرائعة ، وقد أشتهرت بهذا الاسم ملكة سبأ التي تزوجها
النبي سليمان عليه السلام .
وتتميز المرأة التي يطلق عليها بلقيس بقوة الشخصية والشجاعة و المحبة
والعاطفة الجياشة وروح الدعابة والاصرار وطيب المعشر وحسن الكلام .
بلقيس في التراث اليهودي:
في العهد القديم من الكتاب المقدس توجد قصة بلقيس ملكة سبأ في سفر الملوك
الأول ، وسفر إشعياء ، كلا الروايتين تقولان نفس الشئ إلى حد ما .
زارت ملكة سبأ النبي سليمان في القدس ، لأنها سمعت عن شهرة سليمان وحكمته
، فارادت إثبات حكمته بأسئلة صعبة .
زارت بلقيس القدس ومعها قافلة عظيمة تحتوي على كمية كبيرة من الذهب
والأحجار الكريمة لم تشهد القدس بمثلها من ذي قبل .
سألت سليمان الأسئلة الصعبة التي أرادت عرضها عليه ، وتمكن النبي سليمان
من الاجابة عليها جميعا .
وهناك رواية أخرى تتشابه مع الرواية المذكورة في التراث الاسلامي .

بلقيس في التراث المسيحي :
نجد في التراث المسيحي أن ملكة الجنوب أو ما أطلق عليها ملكة تيمن تعادل ملكة سبأ .
كما أعاد المسيحيون إبراز قصة العهد القديم بتفسيرات رمزية جديدة .
على سبيل المثال ، ينظر إلى زيارة ملكة سبأ لسليمان على أنها إستعارة
لخضوع الأمم للمسيح . ومن ذلك يقال أن ملكة سبأ تنبئ بمريم العذراء من
خلال عفتها .
ويقال أيضا أن هداياها من الذهب والتوابل والحجر تعكس الذهب واللبان
والمر الذي قدمه المجوس الثلاثة للطفل يسوع .

بلقيس في التراث الاسلامي :
بدأت القصة حينما تفقد النبي سليمان جنوده ولم يجد الهدهد فتوعد بتعذيبه
ولكنه أخبره بأنه راى قوما يعبدون الشمس من دون ( الله تعالى ) وانه
تملكهم إمرأة ،
أمره النبي سليمان بتوصيل خطاب لهذه الملكة ، ملكة سبأ ، فبعثت مع رسلها
بالهدايا وانتظرت بماذا سيرجع به رسلها ، غضب النبي سليمان وأرسل الهدايا
مع من جاؤا بها ، وأرسل معهم رسالة يقول فيها أنه سوف يغزو مملكة سبأ .
وعلمت بلقيس بأنها لاطاقة لها بمحاربة سليمان فجيشه عظيم ، فجمعت رجالها
ومستشاريها وشاورتهم في الأمر ، وقررت السفر إلى القدس ، ولكن قبل وصولها
، جمع النبي سليمان الجن، طلب من أحدهم أن يحضر له عرش بلقيس إلى قصره ،
لمعرفة اذا كانت الملكة قادرة على التعرف على عرشها أم لا .
وحينما وجدت عرشها أمامها في القدس أسلمت لله تعالى .
بلقيس ملكة سبأ من أكثر الشخصيات التاريخية التي نسجت حولها الأساطير :
منها أن أمها من الجن وأخرى أن نصفها العلوي بشر والسفلي من الجن .

ورد في بعض الكتب الاسلامية وغيرها ، ان والد بلقيس الهدهاد ابن حمير
الأصغر ، كان خارجا في أحد الأيام للصيد مع حاشيته ، ، وأثناء مروره في
احد وديان اليمن ، رأى ذئبا يلاحق غزالا وقد كاد يدركه ، وأحب الهدهاد أن
يأخذ الغزال من الذئب .
وبالفعل طرده ، وأخذ يلاحق الغزال ليرى أين سيذهب ، وأثناء ملاحقته
للغزال في احد اودية اليمن ، دخل الغزال من فتحة فكانت المفاجأة ، حيث
رأى مدينة كبيرة فيها قلاع وقصور وأنعام ورجال ونساء .
وفي تلك الأثناء جاءه رجل يدعى اليلب ابن الصعب، وسأله عن سبب إستغرابه ،
وأخبره أن هذا حي في مأرب من الجن تسكنه قبائل عرم وأنه هو اليلب ملك
هذا الحي .
مرت بجوارهماإمرأة شديدة الجمال فأبدى الملك إعجابه بها ولكن دون أن
يتكلم ، فقال له اليلب ألم تعرفها فأجابه لا ، هذه أول مرة أراها فيها
فقال له هذه الغزالة التي أنقذتها من الذئب ، وسنزوجها لك ردا للجميل،
لكن ليس الآن ، بل تذهب وتأتي بخاصة أهلك وقومك وتأتي لنا الشهر القادم ،
حسبما ذكر في قصيدة للهدهاد .
وبعد أن إنتهى شهر جماد وأتى شهر رجب ، جمع الهدهاد خاصة أهله وحاشيته
وتوجه إلى الوادي الذي فيه الموعد ، وما ان وصل حتى راى قصرا كبيرا
محفوفا بالنخل في الوادي خارج مدينة الجن ، حسبما ذكر في كتاب : ملوك
حمير وأقيال اليمن .
وكان على رأس الجن ملكهم اليلب ، وتم تزويج الهدهاد بالحرور ابنة اليلب
وأخذها الهدهاد ، ويقال أنه عاش معها إلى أن أنجبت له بلقيس ملكة سبأ
التي ورد ذكرها في القرآن .
هناك من يدلل على هذه الأسطورة من التراث الاسلامي فنجد مثلا :
أخرج الحكيم الترمذي وابن مردويه عن عثمان بن حاضر قال : كلنت ام بليس
إمرأة من الجن ،يقال لها بلقمة بنت شيصان .
كنا قال القرطبي إن نكاح الجن مذكور عند تفسير قوله تعالى ( وشاركهم في
الأموال والأولاد )
تزوجت بلقيس ملكة سبأ من النبي سليمان وأنجبت له رحبعام بن سليمان بن داود .
وتعددت الروايات حول وفاة الملكة بلقيس ، وما يذكره المؤرخون أنها توفيت
وفاة طبيعية حزنا على وفاة إبنها رحبعام ، الذي خرج في مائة من خيار بني
اسرائيل لمحاربة بعض أهل أنطاكية الذين ارتدوا ، فقتل أهل أنطاكية رحبعام
ومن معه .
فماتت أمه بلقيس حزنا عليه .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى